إعترافٌ تاريخي ولو جاء مُتأخّراً

بقلم كابي طبراني

يوم الخميس الواقع في 13 أيلول (سبتمبر) الجاري أقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على عملٍ تاريخي شجاع أضافه إلى سجلّه الرئاسي عندما إعترف لأول مرة بأن بلاده كانت مُذنبة بممارستها التعذيب المُنتظم وغيره من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال حربها ضد جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي كانت تُحارب من أجل إستقلال الجزائر.
كانت فرنسا إحتلت الجزائر في العام 1837 وإعتبرتها منذ ذلك الحين جزءاً من أراضيها. ولم يحدث من قبل أن ذهب أي زعيم فرنسي إلى حدّ الإعتراف بارتكاب إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال إستعمار فرنسا للجزائر وخصوصاً خلال حرب التحرير التي إستمرت سبعة أعوام والتي فازت فيها الجزائر في النهاية باستقلالها في العام 1962.
يُمكن الآن وضع إرث فرنسا الإستعماري المُظلم في الجزائر جانباً بعد أن قرّر ماكرون، ولو مُتأخّراً، الإعتراف بالذنب في محاولة لفتح صفحة جديدة في علاقة بلاده بمستعمرتها السابقة. لقد كانت قضية المواطن الفرنسي الشيوعي، موريس أودان، البالغ من العمر 25 عاماً، الذي تعرّض للتعذيب على أيدي المظليين الفرنسيين.خلال إحتجازه ومات جرّاء ذلك في العام 1957 بسبب معارضته لحكم بلاده الإستعماري في الجزائر، هي التي أطلقت قرار ماكرون للتعامل مع سجل بلاده الأسود في الجزائر.
وقال ماكرون في بيانٍ رئاسي أن اختفاء أودان “كان مُمكناً بسبب نظام… سمح لسلطات إنفاذ القانون باعتقال واحتجاز واستجواب “أيّ مشتبه به” بغرض جعل القتال أكثر فعالية ضد الخصم”.
كما أمر ماكرون بفتح الأرشيف الفرنسي عن الجزائر من أجل الإطلاع والتدقيق العلني في محاولة للتعامل مباشرة مع ندوب الحرب الفرنسية ضد حرب الإستقلال الجزائرية. “يجب على الجميع معرفة الحقيقة”، أعلن الرئيس الفرنسي.
وقال إن “هناك واجب الحقيقة الذي يقع على عاتق الجمهورية الفرنسية، التي … لا يُمكن، لذلك، أن تُقلّل من الجرائم أو الفظائع المُرتَكبة من كلا الجانبين خلال هذا الصراع أو تجاهلها. لا تزال فرنسا تحمل الندوب، وأحياناً ما تكون مُندَمِلة بشكل سيّئ”.
يستحق الرئيس الفرنسي التهنئة على شجاعته للتحدث علناً ضد ماضي بلاده الإستعماري، والذي يشير إليه الآن على أنه جريمة ضد الإنسانية.
حبّذا لو أن القوى الإستعمارية الأخرى تفعل الشيء نفسه وتُعلن عن جرائمها الجسيمة التي إرتُكِبت ضد الشعوب التي إحتلّتها واستعمرتها. سيكون ذلك بلا شك الشيء الصحيح الذي تفعله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى