عبء الإرث الروسي في سوريا

بقلم كابي طبراني

خلال جلسة أسئلة وأجوبة هاتفية مع الرأي العام الروسي في موسكو في الأسبوع الفائت، قال الرئيس فلاديمير بوتين أنه لا ينوي سحب القوات الروسية من سوريا، على الأقل في الوقت الحالي، وأن نشر الجيش الروسي في بلاد الشام وفّر لموسكو فرصة فريدة للتدريب العسكري وإختبار الأسلحة الجديدة.
كان بوتين صريحاً وواضحاً حول سبب إستثماره الكبير في الصراع السوري، فهو يعتقد بأن كلفة هذا الإستثمار كانت مُجدية وفعّالة مهما كانت العواقب.
الواقع إن إستخدام سوريا كقاعدة إختبار للتحضير والإستعداد العسكري الروسي والأسلحة الروسية المُتقدِّمة أمرٌ مُزعج ومُقلق بالفعل، لأن هذا الأمر تمّ إجراؤه وتنفيذه من دون أي إكتراث بحياة الناس في سوريا.
نتيجة لذلك، رﺳﻤﺖ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن، وﻏﻴﺮها ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺪوﻟﻴﺔ ذات اﻟﻤﺼﺪاﻗﻴﺔ، ﺻﻮرةً ﻗﺎتمة ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﺮوﺳﻲ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ. وقد ذكرت أن التفجيرات “السجّادية” الروسية في سوريا، وبخاصة في حلب والغوطة الشرقية، قد أودت بحياة 6,133 مدنياً، منهم 1,761 طفلاً.
وزَعَمت بأن الطائرات الحربية الروسية إستهدفت عمداً مستشفيات وعيادات طبية في مناطق تسيطر عليها المعارضة، مع إستهتار تام بحياة البشر. لذا، بينما يُمكن لموسكو أن تستمتع بحقيقة أنها حققت العديد من الأهداف العسكرية في سوريا، فإن إرثها في بلاد الشام لا يُعتَبَرُ شيئاً نبيلاً وهو بالتالي نقطة سوداء في تاريخها الحديث في الشرق الأوسط.
لقد أمر الرئيس بوتين قواته بالتدخل العسكري في أيلول (سبتمبر) 2015 لدعم النظام السوري، ونجح في تغيير التوازن العسكري وإمالته لصالح الرئيس بشار الأسد، ولكن بأي ثمن! وهذا طبعاً لا ينفي أن قوات المتمرّدين قد إرتكبت أيضاً إنتهاكات جسيمة ورهيبة لحقوق الإنسان، وخصوصاً “داعش” و”جبهة النصرة”، لكن نطاق وحجم الإنتهاكات الروسية للقانون الإنساني يترك ندوباً دائمة حول تدخل موسكو في سوريا، فضلاً عن صورة الإتحاد الروسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى