سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الـ52

إحتفلت سلطنة عُمان في الثامن عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري بالعيد الوطني الثاني والخمسين وبما تحقق من بذلٍ وعطاءٍ في نهضتها المتجدّدة بقيادة السُّلطان هيثم بن طارق الذي أكد على سعيه الدؤوب لتعزيز مكانة الدولة العصرية والحضارية والاقتصادية وأن يكون الإنسان العُماني شريكًا حقيقيًّا في التنمية الشاملة.

إن استشراف عاهل البلاد لمستقبل السلطنة انعكس إيجابًا على تكامل وتناغم عمل المؤسسات والوحدات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وهو ما ظهرت نتائجه جليًّا من منجزات ماثلة للعيان في مختلف المجالات اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.

واهتمّ السّلطان بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في 16 حزيران (يونيو) الماضي، وهو الثاني منذ تولّيه مقاليد الحكم، ليؤكد حرصه على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقًا ل”رؤية عُمان 2040″، بالإضافة إلى إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسته تكريسًا لنظام قضائي ناجز وتحقيق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية وتماشيًا مع أهداف وركائز “رؤية عُمان 2040” وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة.

وشكّل المرسوم السُّلطاني بشأن تعزيز دور المحافظات أحد الأساليب المهمة في ترسيخ وتحقيق النهج الحديث للإدارة المحلية اللامركزية في عمل محافظات سلطنة عُمان البالغ عددها 11 محافظة من أجل تمكينها وتحديد أولوياتها تنمويًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا والاستفادة من الميزة النسبية بينها، وتبسيط الإجراءات الخدمية للمواطنين، فأكّد عاهلُ البلاد خلال ترؤسه مجلس الوزراء في 11 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على ضرورة التنسيق وضمان التكامـل بـيـن وحـدات الجهاز الإداري للدولة والمحافظات والإسراع في التحوّل الإلكتروني والربط بين المحافظات لتبسيط الإجراءات وتسهيل المعاملات وتطوير الخدمات الحكومية وتحسين مستوى جودتها ومعالجة التحديات القائمة.

ثم جاء قرار إضافة ولايتين جديدتين إلى التقسيم الإداري لسلطنة عُمان، وذلك برفع المستوى الإداري لكلٍّ من نيابتَي الجبل الأخضر وسناو، لتكونا بمستوى ولايتين، وليصبح عدد ولايات سلطنة عُمان 63 ولاية لجذب الاستثمارات إليها وتنمية مواردها والارتقاء بالخدمات والأنشطة فيها.

كما إنَّ مواصلة السُّلطان هيثم بن طارق عقد لقاءات مباشرة مع شيوخ ورشداء وأعيان السلطنة تحمل دلالات عميقة أبرزها حرصُه على الاستماع المباشر لاحتياجات ولاياتهم ومحافظاتهم رُغمَ وجود مؤسسات وأركان الدولة العصرية مثل مجلس عُمان الذي يضطلع بالجانبين التشريعي والرقابي، والمجالس البلدية التي تقوم بأدوارٍ تنموية وخدمية في كل محافظة.

وحملت هذه اللقاءات التأكيد على أن تصبح اللامركزية هي التطبيق الإداري في المحافظات في المرحلة المقبلة، ومنح المحافظات الصلاحية لإدارة شؤونها، والتخطيط والتنفيذ لاحتياجات مواطنيها الداخلية، ما يجعل كل الأمور في المستقبل مرتبطة بالمُحافظة والمُحافظ والمجالس البلدية.

وفي هذا الإطار تشهد سلطنة عُمان في 25 كانون الأول (ديسمبر) المقبل انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة 2022م وفي 17 كانون الأول (ديسمبر) للناخبين الموجودين خارج البلاد ليتماشى عمل هذه المجالس مع الرؤية السامية حول الدور الذي تضطلع به، لا سيما وأن المرسوم السُّلطاني رقم 38/2022 بتعديل بعض أحكام قانون المجالس البلدية يُسَهِّلُ تحقيق مهامها بفاعلية في مختلف المحافظات وهو ما أشار إليه السلطان في لقاءاته عندما قال: “آن الأوان أن لا تكون هناك مركزية في اتخاذ القرارات المجتمعية، وقد أصبح دور المحافظين وكذلك دور المجالس البلدية مهمًّا جدًّا وعلى الجميع التفاعل”.

كما إنَّ دعوته إلى أهمية هذا التفاعل بين المُحافظ والمجالس البلدية وجهاز الاستثمار العُماني وغرف التجارة والصناعة بخاصة، مع رفع مُخصّصات برنامج تنمية المحافظات إلى 20 مليون ريال عُماني وتنفيذ مشروعات تنموية مُضافة إلى المشروعات المُعتَمَدة في الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025) بما يزيد على 650 مليون ريال عُماني ليتم تنفيذها خلال ما تبقى من سنوات الخطة الخمسية الحالية في مختلف القطاعات، ستعزز النمو الاقتصادي وستسهم في استمرار توفير الخدمات، واستكمال البُنى الأساسية، ودعم أنشطة القطاع الخاص، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.

وقامت سلطنة عُمان في كانون الثاني (يناير) الماضي بتطبيق منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية “إجادة” في 57 مؤسّسة حكوميّة، وتشمل قرابة 175 ألف موظف حكومي، بهدف إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي من خلال تعزيز كفاءة رأس المال البشري، وتجويد مستوى تقديم الخدمات الحكومية.

ويُعَدُّ برنامج التحوُّل الرقمي الحكومي أحد البرامج التنفيذية للاقتصاد الرقمي وأحد المُمكنات الرئيسة الداعمة لتحقيق أولويات رؤية “عُمان 2040” من خلال إسهاماتها في إيجاد جهاز حكومي مرن ومبتكر يقوم على مبادئ الحوكمة ويقدِّم أداءً وخدمات حكومية ذكية بجودة عالية.

وتشمل مؤشرات قياس أداء البرنامج رفع أتمتة الخدمات الحكومية من 34 في المئة في 2020 إلى 80 في المئة في 2050 حيث يبلغ حجم الاستثمار المُتَوَقَّع لتنفيذ البرنامج حوالي 170 مليون ريال عُماني لتحسين الإجراءات وإعادة هندسة الخدمات الحكومية وتحسين البنية الأساسية الرقمية وتمكين الكفاءات الوطنية في مجال التحوُّل الرقمي.

كما أولت سلطنة عُمان اهتمامًا بالغًا بحماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة، ويمثّل اعتمادُ السُّلطان هيثم بن طارق العام 2050م موعدًا لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، وإعداد خطة وطنية له، وإنشاء مركز عُمان للاستدامة بناء على مخرجات مختبر إدارة الكربون، خطوة مهمّة في تقليل آثار التغيّر المناخي من خلال الإجراءات المتبعة للحدّ منها وتحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحدّ من تداعيات تغيّر المناخ، وبناء اقتصاد المعرفة، والاستفادة من التكنولوجيا النظيفة لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد مزيج متنوع من مصادر الطاقة.

وما توجيهه بالإسراع في دعم وتطوير منظومة الإنذار المبكر وتبنّي أفضل منهجيات التخطيط الحضري للحدّ من آثار الأنواء المناخية والكوارث وانتشار الأوبئة وما يترتب عليها من مخاطر يدفع الإنسان ضريبتها في المقام الأول، إلّا تأكيدٌ على الاهتمام السامي بالإنسان العُماني والمُقيم على أرض عُمان.

ويأتي إصدار المرسوم السُّلطاني رقم 54/ 2022 بإنشاء محمية المتنزه الوطني الطبيعي بمحافظة مسندم تحقيقًا للتنمية المستدامة في صون الموارد الطبيعية من خلال المحافظة على التنوع الأحيائي وحماية الأحياء الفطرية والثراء الجيولوجي وهي المحمية الأولى في محافظة مسندم والـ 22 في السلطنة.

كما أن حضور ووجود المرأة العُمانية في كل الميادين والقطاعات والمجالات وإسهاماتها الفاعلة في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها سلطنة عُمان يحمل دلالاتِ حصادِ وثمراتِ الاهتمام والرعاية اللذين حظيت بهما في سلطنة عُمان وهو ما أكدت عليه  حرمُ السُّلطان بمناسبة يوم المرأة العُمانية الذي يوافق في 17 تشرين الأول (أكتوبر) سنويًّا من خلال المستوى والإنجازات التي بلغتها وحققتها في القطاعات العلمية والعملية.

كما أكّد السّيّد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب خلال تدشينه شعار وهوية نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي على أن المرأة العُمانية أثبتت وباقتدار على مرّ الزمان أنها شريكة أساسية في مسيرة العطاء والازدهار، كما أراد السُّلطان هيثم بن طارق.

وحرصًا من السلطان على قيام جمعيات المرأة العُمانية، ومراكز التأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة الحكومية منها والأهلية في جميع محافظات سلطنة عُمان بأدوارها الفاعلة، فقد أسدى توجيهاته بتقديم الدعم المالي المناسب لها، والاهتمام بها، وتطويرها ليخرج مختبر تطوير جمعيات المرأة العمانية بـ 19 مبادرة تمكينية واستثمارية بهدف تحقيق نقلة نوعية في أدوار هذه الجمعيات انطلاقًا من ثلاثة مرتكزات وهي الحَوكَمة والقوانين والتشريعات، والبيئة الداعمة، والتمويل والاستثمار.

وحرص السُّلطان على متابعة الجهود المبذولة من قبل الحكومة للاهتمام بالشباب والتركيز على إبراز إسهاماتهم، كما إنّ السّيد ذي يزن بن هيثم  آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب أكد بمناسبة يوم الشباب العُماني على “أن الشباب من أهمِّ مرتكزات رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة والرّخاء لجيل أبنائها اليوم وأجيال الغد”.

وجاءت دعوةُ عاهل البلاد لأبناء وبنات الوطن للتمسك بمبادئ المجتمع وقيمه والاعتزاز بالهوية العُمانية “جوهر شخصيتنا” إحدى ركائز تاريخ هذه الأرض الطيبة في ظل آثار تطوّر التكنولوجيا وثورة المعلومات على العالم من انتشار للأفكار السلبية والعادات الدخيلة، مشدّدًا على أن الانفتاح على العالم لا بدّ أن يكون “في توازن ووضوح، ونتفاعل معه بإيجابية، لا تُفقدنا أصالتنا ولا تُنسينا هويتنا”.

ولفت إلى أن “تربية الأبناء لا تتمّ عبر شبكات التواصل الاجتماعي… تربية الأبناء هي جُزءٌ من أصل المجتمع العُماني، فعندما يتشرّب أبناؤنا بعاداتنا وتقاليدنا ويتمسّكون بالأُسرة والمجتمع سيكون ذلك سبيل نجاح المجتمع”… مشيدًا بالدور الفعّال للإعلام العُماني في حفظ وتوثيق مفردات الثقافة العُمانية.

وأكّد السُّلطان هيثم على الدور المحوري لقطاعَي التعليم والتدريب المهني في رفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية الماهرة، حيث وجّه إلى إعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير هذا القطاع بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وباستكمال إعداد مسار التعليم التقني ضمن مخرجات التعليم العام ومواءمة مخرجات التعليم العام (المسار التقني) مع برامج التعليم والتدريب المهني.

كما تعمل منظومة الابتكار في سلطنة عُمان وبتكامل عددٍ من الجهات أبرزها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات والبنك المركزي على تحويل المعرفة المكتسبة إلى تطبيقات مبتكرة تستطيع أن تتحوّل إلى مشروع تجاري وتُسجَّل ملكيّةً فكريّةً وتحصل على تمويل جزئي يمكّنها من خوض مغامرة ريادة الأعمال.

فقد قامت سلطنة عُمان بجهود عديدة لتقليص فترة تسجيل الملكيات الفكرية وتغيير آلية تسجيلها يتيح للمستفيدين تسجيل ملكيات فكرية عالمية من سلطنة عُمان بالتزامن مع البرامج الوطنية التي أسهمت في تحويل مشروعات التخرج إلى شركات ناشئة.

كما برزت جهود سلطنة عُمان في استحداث سُبُل تمويل للشركات الناشئة بمختلف أحجامها واحتياجاتها من خلال برامج مختلفة منها التمويل المباشر، وبرامج مسرّعات الأعمال، وبرامج حاضنات الأعمال التي بدأت في تأسيس حاضنات أعمال في مختلف المحافظات ودمج عدد من المؤسسات لتكوين أكاديمية الابتكار الصناعي التي تحوّل المعرفة إلى مشروع مبتكر من خلال البرامج المقدمة في الأكاديمية.

ونتيجة لتلك الجهود، فقد حازت سلطنة عُمان على المرتبة العاشرة عالميًّا في ركيزة التعليم ضمن نتائج مؤشر الابتكار العالمي ٢٠٢٢ متقدمة بـ ٣٤ مرتبة عن العام السابق، وحصلت على المرتبة الـ ١٩ في مؤشر سياسات ممارسة الأعمال.

وتتّبع السلطنة خطّة أرساها السُّلطان هيثم بكل عزم لتنفيذ تدابير وإجراءات نظرًا لما شهده العالم من آثار اقتصادية جراء جائحة كورونا وعددٍ من الأزمات العالمية، وكان على رأس هذه التدابير خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) التي أظهرت نجاعتها من خلال ما حققته من نتائج تدعمها الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) وفقًا لمرتكزات رؤية عُمان 2040. وقد عبّر السلطان عن ارتياحه تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي للدولة وقدرة سلطنة عُمان على الالتزام والوفاء بتعهداتها المالية.

وتمكّنت عُمان خلال هذا العام وحتى نهاية آب (أغسطس) الماضي من تسديد قروض واستبدال بعض السندات مرتفعة الكُلفة بأخرى منخفضة بقيمة تزيد على 4 مليارات ريال عُماني، ومن خفض حجم الدّيْن العام بنحو 2.4 ملياري ريال عُماني حتى نهاية آب (أغسطس) من العام الجاري ليبلغ 18.4 مليار ريال عُماني نتيجة لعددٍ من الإجراءات الحكومية المُتَّخذة لدعم التعافي الاقتصادي، إذ انخفضت نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتى 46.5 في المئة مما مكّن الحكومة من خفض مخاطر الدَّيْن العام وخفض كُلفة فوائد الدَّيْن العام الواجب سدادها مستقبلًا بنحو 127 مليون ريال عُماني بجانب تحسين التصنيف الائتماني وغيرها من المنافع لتعزيز النمو الاقتصادي.

ثمّ إن ارتفاع القيمة المُضافة في الأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، أسهم في نموّ قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 30.4 في المئة لتبلغ 20.4 مليار ريال عُماني، مقارنة بنحو 15.6 مليار ريال عُماني بنهاية الربع المماثل من العام 2021م.

ويأتي توجيه السلطان خلال ترؤسه مجلس الوزراء في آذار (مارس) الماضي لمواكبة التحولات العالمية في مجال الهيدروجين الأخضر وتخصيص المواقع المناسبة لإنتاجه مما سيعزز فرص الاستثمار الأجنبي والعمل على توطين هذه التقنية والاستفادة من استخداماته المتعددة لإنتاج الطاقة الكهربائية وتوفير الطاقة الحرارية للصناعات المحلية.

ودعمًا لحلول الطاقة النظيفة منخفضة التكلفة اُفتتح مشروع للطاقة الشمسية في كانون الثاني (يناير) الماضي يضم أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية ترتبط بشبكة الكهرباء الرئيسة بهدف تنويع مصادر الطاقة المتجددة وتعظيم إسهام مشروعات الطاقة النظيفة ودعم الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمار.

وستسهم توجيهات السلطان بإضافة ما يزيد على ٦٥٠ مليون ريال عُماني في تنفيذ مشروعات تنموية مضافة إلى المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة ٢٠٢١م – ٢٠٢٥م وزيادة السيولة المالية لمخصصات الموازنة الإنمائية لهذا العام بمبلغ ٢٠٠ مليون ريال عُماني، في تعزيز النمو الاقتصادي واستكمال البُنى الأساسية ودعم أنشطة القطاع الخاص وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.

ومما لا شك فيه أن رفع وكالة “فيتش” تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان وتعديل وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للسلطنة من مستقرة إلى إيجابية مع تثبيت معدل التصنيف عند Ba3 يؤكد على التزام الحكومة بتنفيذ الإجراءات في إطار الخطة المالية متوسطة المدى لضبط الأوضاع المالية والاستفادة من زيادة ارتفاع أسعار النفط، وهذا يعزّز ثقة المستثمرين في استقرار المناخ الاستثماري وقدرة السلطنة على الوفاء بالتزاماتها ومتانة قطاعها المصرفي.

وفي سياستها الخارجية واصلت عُمان تبنّيها أُسسَ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية والتعاون الإيجابي والمصالح المتبادلة وإرساء قيم العدل والحوار والإنسانية ودعم السِّلم والأمن الدوليين مما أهّلها أن تكون شريكًا محليًّا ودوليًّا موثوقًا به.

وما وجود سلطنة عُمان في دوائر حلّ بعض الأزمات الإقليمية وحضورها في مناسبات أممية عدة متصلة بهذا الشأن إلا ثمرة هذه الأُسس. وقد أكّدت أمام الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة على أن نهجها السياسي الراسخ يقوم على رؤية عميقة وثابتة وتجربة ثرية مستخلصة من الموروث الحضاري والتاريخ الإنساني، وأن ثوابت سياستها الخارجية تتمثل في الوقوف مع الحق والعدل وتعزيز التعاون الإيجابي وتوثيق روابط التعارف والصداقة والإسهام في توطيد دعائم الأمن والسلم الدوليين.

كما أن سلطنة عُمان أيقنت من أن “إقامة السلام وصيانته في العالم أمر ضروري لخير الشعوب، وأنه لا يُمكن الحفاظ عليه إلّا إذا كان قائمًا على قواعد راسخة من العدالة وأسسٍ ثابتة من التعاون والوفاق بين جميع الأمم” وبهدف المُضي مع مختلف دول العالم برؤية إيجابية لمستقبل واعد للبشرية”.

وتتميز نظرةُ عاهل البلاد بعينٍ بصيرةٍ، إذ تقوم على استمرار حرص عُمان على التعاون الإيجابي مع الجميع وفي شتى المجالات النافعة وبما يُنَمّي المصالح المتبادلة، وقد ظهرت نتائجها من خلال زيارة السلطان عددًا من الدول مثل مملكة البحرين ودولة قطر والمملكة المتحدة وألمانيا الاتحادية، وقيام عددٍ من قادة الدول بزياراتٍ إلى السلطنة مثل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسِ دولة الإمارات العربية المتحدة والأميرِ محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود وليِّ العهد رئيسِ الوزراء في المملكة العربية السعودية والملك عبد الله الثاني عاهل المملكة الأردنية الهاشمية وعبد الفتاح السيسي رئيسِ جمهورية مصر العربية وإبراهيم رئيسي رئيسِ الجمهورية الإسلامية الإيرانية وصولوحو حسن رئيسةِ جمهورية تنزانيا والدكتور حسين علي مويني رئيسِ زنجبار، تُوّجت جميعُها بعقد شراكات وتوقيع  مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية في مجالات عدة أبرزها المجالات الاستثمارية والتجارية.

كما آثرت عُمان في سياستها الخارجية مبدأ الإنسانية، فقامت بدور فاعل في عدد من القضايا المعاصرة إقليميًّا ودوليًّا أبرزها الهُدنة في اليمن وتمهيد العودة الآمنة لعدد من المحتجزين إلى بلدانهم، وقد دأبت السلطنة على تجديد دعوة المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهد والعمل على إعلاء سُبل الحوار الجاد والفعّال لوقف انتهاكات حقوق الإنسان مهما كانت دوافعها ومسبباتها وعلى ضرورة تحقيق الاستقرار والرخاء لكلّ الأمم والشعوب وفق مبدَإِ العدالة والمساواة.

وفي هذا الإطار ترى سلطنة عُمان أن إرساء سلامٍ عادلٍ وشاملٍ في منطقة الشرق الأوسط بات يتطلب إقامة دولة فلسطينية على كل أراضيها المحتلة منذ العام 1967م، مؤكدة على رفضها كل أشكال الانتهاكات الممنهجة والهيمنة التوسعية والاعتقالات التعسفية للفلسطينيين كافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى