تونس تشهد إستثماراً جديداً في صناعة السيارات
يترقب قطاع تصنيع السيارات في تونس، التعديلات الجبائية التي تنوي الحكومة إقرارها في موازنة العام المقبل 2018، مطالباً بحوافز إستثنائية، تُمكّنه من منافسة المغرب والجزائر في جذب الشركات الأوروبية الكبرى والتصدير. وتستهدف تونس ضمن برنامجها الإستثماري، الذي أعدت له قانوناً جديداً صادق عليه البرلمان في نيسان (إبريل) الماضي، جذب الشركات العملاقة في مجال تصنيع السيارات على غرار بيجو الفرنسية وفولكسفاغن الألمانية، معتمدة في ذلك على رصيد مهم من الخبرة في مجال تصنيع مكونات السيارات.
تونس – محمد شعبان
بهدف توسيع نطاق إنتشارها عبر أفريقيا والتغلب على تحديات الإستيراد، أعلنت شركة “بيجو” الفرنسية العملاقة للسيارات عن خطط لتجميع أحدث طراز من شاحنة “بيك آب” في تونس.
ويمثل هذا التطور دفعة كبيرة لصناعة السيارات في تونس، في حين يمثل أيضاً عودة “بيجو” إلى البلاد بعد غياب دام 25 عاماً.
وتقوم الشركة بتوجيه 30 مليون دينار تونسي (10.2 ملايين يورو) إلى مرافق تجميع جديدة في مغيرة وصفاقس، حيث يجري العمل بالفعل. وعلى العموم، من المتوقع أن يؤدي التوسع إلى خلق 400 وظيفة جديدة مباشرة وغير مباشرة.
إنتاج محلي يهدف إلى تعزيز الحصة في السوق
تخطط بيجو لفتح مرافقها الجديدة في بداية العام 2018 وإنتاج أول 1200 مركبة جاهزة للتسليم بحلول الصيف. وتستهدف الشركة إنتاج 4,000 وحدة سنوياً بدءاً من 2019 فصاعداً. وسيتم بيع 1200 مركبة محلياً، وتخصص الوحدات المتبقية للتصدير إلى أسواق المغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ووفقاً لجان فيليب إمباراتو، الرئيس التنفيذي لشركة بيجو، فإن إطلاق الإنتاج المحلي يُمثّل خطوة مبكرة في إستراتيجية الشركة الطويلة الأجل لإستعادة الحصة في السوق مرة أخرى في أفريقيا.
كما تريد الشركة متابعة قوية والسير على خطى لاعبين آخرين في صناعة السيارات مثل “إيسوزو موتورز” اليابانية، التي قامت بجمع وشراء شاحنة “دي-ماكس” بيك – آب التابعة لها في تونس منذ العام 2002 بنجاح كبير. وقد تجاوزت مبيعات النموذج 6000 في العام 2016.
تعمل “بيجو” على الحصول على شهادة المنشأ لتسهيل تصدير شاحناتها التونسية المجمعة. وتعفي الشهادة المُصنِّعين من ضرائب التصدير، شريطة أن يبينوا أن 40 في المئة من القيمة قد أنشئت محلياً.
حصص الاستيراد التقييدية تحدّ من النمو
إن قرار تجميع شاحنة “بيك – آب” محلياً سوف ينفي الحاجة إلى أن تمر بيجو بعملية إستيراد السيارات، التي تنطوي على روتين كبير، لا سيما حينما يتعلق الأمر بالموديلات الجديدة.
وقال إبراهيم دباش، الرئيس التنفيذي لشركة “النقل أوتوموبيلز”: “لإستيراد نموذج جديد للسيارات، تحتاج إلى موافقة البنك المركزي التونسي ووزارة التجارة وغيرهما. هناك ما مجموعه 10 او 11 خطوة ادارية، ويضيع الوقت من خلال العديد من التأخيرات وحواجز الطرق”.
كما تسمح الجمعية المحلية لشركات صناعة السيارات بتجاوز حصص إستيراد السيارات المثيرة للجدل القائمة حالياً. وفي حين أن واردات المركبات تتحرر ظاهرياً في ظل القانون التونسي، فإن الواقع مختلف إلى حد ما، مع إصدار ربع الحصص (الكوتا) للقطاع على أساس كل ثلاثة أشهر.
هذه الممارسة تُعيق بشكل كبير الرؤية للاعبين في هذا القطاع. وبحسب مهدي محجوب، الرئيس التنفيذي لشركة “كيا موتورز” في تونس، فقد أدّت العمليات غير الكافية لحصص الاستيراد إلى زيادة المبيعات غير القانونية.
“إن الطلب على السيارات في تونس لا يُمكن تغطيته من قبل السوق الرسمية لأنه محدود بشكل كبير جراء حصص الاستيراد. ولذلك، فإن السوق الموازية تُكمّل الطلب”، يقول محجوب.
وفي حين ظل الطلب على السيارات في تونس ثابتاً نسبياً على مدى السنوات السبع الماضية، حيث بلغ متوسطه حوالي 77,000 وحدة سنوياً من 2010 إلى 2016، فإن حصص الواردات لا تعني سوى جزء بسيط من هذا الطلب. في العام 2016، تم إستيراد 60,595 سيارة وبيع 23,613 سيارة بشكل غير قانوني، حيث تمثل السوق الموازية 28٪ من إجمالي المبيعات، وفقاً للبيانات التي قدمتها “كيا موتورز تونس”.
كما تُعوِّق شركات الصناعة الرسمية ضرائب الاستيراد المرتفعة التي تتجنبها السوق الموازية. وقال دباش: “إن معدل الرسوم في تونس هو من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث يتراوح بين 20٪ إلى أكثر من 100٪ من القيمة المستوردة. إن الضرائب المرتفعة تساعد على التفسير والتوضيح لماذا السيارات مُكلفة جداً في تونس”.
علاوة على ذلك، في العام 2018، من المتوقع أن تزيد التعريفات الجمركية على الواردات بموجب قانون المالية الجديد الذي ينص على زيادة رسوم الإستهلاك وضريبة القيمة المضافة على السيارات بنسبة 4٪ و 1٪ على التوالي. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى جعل عمليات شراء السيارات من السوق الموازية أكثر جاذبية.
أصحاب المصلحة يدعون إلى تحرير واردات المركبات
بالنظر إلى المشهد الصعب، يواصل وكلاء السيارات الضغط بشكل جماعي من أجل إلغاء حصص (كوتا) الاستيراد، على الرغم من أن مقاومة التحرير لا تزال قوية بين بعض صانعي السياسات، ويرجع ذلك جزئياً إلى العجز التجاري في تونس البالغ 11.5 مليار دينار تونسي (11 مليار يورو). وحسب بعض الحسابات، يُمكن أن يؤدي تحرير واردات المركبات إلى وفرة السيارات التي تدخل السوق، مما يزيد من إختلال التوازن التجاري.
وفي علامة صغيرة على التقدم، فقد قُدِّم هذا العام إقتراحاً رسمياً للتحرير الجزئي للسيارات ذات السعة التي تزيد على 1.6 لتر.
وفي الوقت نفسه، لا تزال مرافق التجميع المحلية خياراً جذاباً لمصنعي السيارات الحريصين على تجاوز العقبات البيروقراطية والضريبية التي تشكل جزءاً من عملية إستيراد السيارات في تونس.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.