تنويع الإقتصاد أمرٌ حاسم في الخليج

كابي طبراني

التنويع الإقتصادي هو الطريق إلى الأمام لأية أمة تأمل في تطوير إقتصاد قائم على المعرفة. إن الإعلان عن موازنات الدول الخليجية، وخصوصاً الموازنة السعودية، للعام الجديد يسلّط الضوء على الدور المهيمن المستمر للنفط في إقتصادات هذه الدول. وهذا يحتاج إلى تغيير على الفور. إن الدعوة على نطاق دول مجلس التعاون الخليجي للتنويع الإقتصادي تعود إلى عقود. كما أن ترديد القول أن عائدات النفط ليست مُستدامة إلى الأبد لم يعد خبراً. ومع ذلك، على الرغم من تلك المعرفة، فإن المحاولات للإبتعاد من الإقتصاد المُعتمِد على النفط فقط لم يحتضنها بإخلاص سوى عدد قليل. الواقع أن الأيام التي كان سعر النفط فيها مئة دولار أو أكثر للبرميل قد ولّت. وحتى الأمل بأن سعر برميل النفط سيعود إلى 70 دولاراً في المستقبل القريب يبدو في غير محله. لقد أفادت الأسواق العالمية أيضاً بشكل واضح أنه حتى بأسعار منخفضة، فإنها تفضل الطاقة النظيفة على النفط.
وهذا ليس أمراً سيئاً.
للعام الثاني على التوالي، سوف تعاني الدولة السعودية من عجز – وذلك بفضل إنخفاض أسعار النفط، كما سيكون الحال مع باقي الدول الخليجية. إن العجز في حد ذاته ليس مشكلة، ولكن الموازنات الخليجية (بإستثناء أبو ظبي) لا تزال تسلط الضوء على دور كبير جداً يلعبه النفط، لا سيما من حيث توفير الدعم والإعانات للمواطنين والمقيمين. في المملكة العربية السعودية وحدها، بلغت عائدات الدولة من النفط نحو 73 في المئة في العام 2015. أما دولة الإمارات العربية المتحدة فقد أظهرت أن التنوع الإقتصادي هو أكثر من مجرد نظرية. لقد إستقطبت البلاد فعلياً قطاعات السياحة والطيران والصناعات التحويلية وتجارة التجزئة، وهي في طريقها إلى بناء إقتصاد المعرفة. ويساهم النفط في دبي ب6 في المئة فقط في الإقتصاد. هذا هو نوع البيئة الذي ينبغي لأموال النفط أن تستثمر وتؤسس وتبني في دول الخليج، بدلاً من ذلك الذي يشمل دعم الطاقة والمرافق العامة. كان ينبغي أن يكون الدعم والإعانات جسراً للمدى القصير لمساعدة دول الخليج على الإنتقال إلى وضع إقتصادي متقدم. بدلاً من ذلك، أصبحت تلك الإعانات راسخة ويُنظَر إليها على أنها من الضروريات أو الحقوق. يمكن تغيير هذه العقلية إذا أظهر الناس عالماً حيث الإبتكار، بدلاً من الإعانات، يدفع عجلة الإقتصاد.
لم يفُت بعد الأوان لهذا الأمر لكي يحدث، ولكن الوقت – تماماً مثل النفط – محدود. يتعيّن على الحكومات الخليجية أن تقوم بتلك التغييرات الآن، في حين لا تزال قادرة على إنجاز هذا الإنتقال بسلاسة وفيما يساعد هذا على الحفاظ على مستوى معيشة عالٍ للشعب.
لقد إنتهت الألعاب النارية وإنطلقت السنة الجديدة فيما التحديات والآمال للعام 2016 تنتظر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى