مئوية “غربال” ميخائيل نعيمه: مؤتمر في جامعة هايكازيان

من جلسات المؤتمر: سُهى حداد نعيمه، سليمان بختي، غالب غانم.

احتفلت جامعة هايكازيان في بيروت بمئويّة كتاب “الغربال” (1923 – 2023) للأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمه تنسيقًا مع “جمعيّة ميخائيل نعيمه-ميماسونا”.

افتتح المؤتمر رئيس الجامعة القسّ الدكتور بول هايدوستيان معتبرًا أن “هذا الاحتفال احتفاءٌ بالأدب النقدي والفكر النقدي الذي هو مفتاحُ النمو والتطور”، تلتْهُ نائبة رئيسة الجمعيّة الدكتورة رنا دبيسي معلنةً أن “هذا المؤتمر باكورة أنشطة الجمعيّة التي تعهدت نقْلَ فكر نعيمه إلى الأجيال المقبلة. وتولى تقديم المحاضرين أعضاء في الجمعية: د. ندى كلاس، د. محمد إقبال حرب، المحامي جوزف غانم.

المحور الأول كان عن “الفلسفة في الغربال” تحدث فيه د. محمّد شيّا معتبرًا أن الكتاب “ظاهره نقدي لكن جوهره فلسفي بامتياز… ومدرسة في النقد جديدة في الثقافة العربية الحديثة”. تلاه د. أديب صعب متحدثًا عن “الغربال وفلسفة النقد”، معتبرًا أن فصول الكتاب تجمع بينها نظرة إلى الأدب المرتبط بالحياة، لأن نقد نعيمه قائم على نظرته إلى العالم والإنسان”. وكان ختام هذا المحور مع د. ربيعة أبي فاضل حول “سبع مزايا نقديّة في الغربال”:  خلْق ديناميّة حوار وتفاعل مع القارئ، تجديد الكلمة حول ماهية الحياة ومفهومها وجوهرها، وضعه البيان في خدمة الإنسان، الفن طريق إلى الحق والجمال، من اللغة الجيفة إلى كيان حيّ، قيم مقاييس ثابتة، النظر إلى الشعر على أنه ذات روحية.

في المحور الثاني “النقد في الغربال” تحدث الكاتب سليمان بختي حول “بلاغة النقد في الغربال”، مؤكدًا أن الكتاب بعد مئة عام ما زال واسع الرواج، وهو أول محاولة نقدية في “الرابطة القلمية” وأكثرها رسوخًا، دعا فيه نعيمه إلى تواصلية واضحة وبليغة مع القارئ، وهو تاليًا مؤسس للنقد والمعرفة”. تلاه د. ماريا سوانسون عن “تأثير الأدب الروسي على كتابة الغربال”، ألقتها لنيابة عنها سهى حداد نعيمه، جاء فيها أن “شخصية نعيمه  لعبت دورًا لا يقلُّ في أهميّته عن اهتمامه بالأدب الروسي، وهو كان يميلُ إلى التحليلِ العميق، ويسعى إلى فهمِ القوانينِ العالميةِ للوئامِ والكمالِ باستمرار”. وختم المحور د. غالب غانم حول “الغربال ولغة النقد: أدوات علم أم نبرات أدب؟، ذاكرًا أن “قوارير الطيب مسكوبة في تضاعيف “الغربال”، تبثّ في مكامن النفس من صباوات لا إلى الجمال المحسوس بل إلى المطلق، ذا فقراءة “الغربال” لا تقل متعة عن قراءة كل كتب نعيمه حيث اللغة باعثة السحر فيها جميعًا، ببساطة لا تفوتها الأعماق، ورونق يجانب الحذلقة، وثقافة تأبى الاستعراض والغرور”.

المحور الثالث “التجدّد في الغربال” تحدثت فيه د. إلهام كلّاب حول “التراث والحداثة في الغربال”، معتبرةً أن “الكتاب لا يزال بعد مئة عامٍ يشكّل مفصلًا جديدًا وحاسمًا، صوتًا يُقاضي ولا يهاب، ميزانًا ديّانًا، بين تيّارين: ماضٍ مقلِّد وحداثي مُتحرّر من تعابيرِ الماضي وأشواقِه” كما تناولت اللذعةَ الساخِرة المُفاجئة الضاحكة في الكتاب، وبعض تعابيرِها في اللغةِ والمسرح والشِّعر وحوار الحياة اليومية:، وتحدث د. جان سلمانيان، عن “جبران كما وصفه نعيمه في غرباله”، من منظار ناقد ومفسِّر، فدور الناقد ليس التمحيص بل هو مبدع ومرشد… واهتمام نعيمه بجبران أنه يجسد الثورة التي تحطم وتبني وتزرع”، وركز على أهمية جبران ومكانته المرموقة عند الأمم. وختم المحورَ الكاتب ميخائيل مسعود عن “أثر الغربال على شعراء لبنانيين، وتحديدًا رشيد سليم الخوري” معتبرًا أن نعيمه ” كان مستقيمًا في النقد يغار على الإصلاح. وعندما برزت فكرة ترشيح نعيمه لجائزة نوبل للآداب سنة 1978 فوجئت الأوساط باعتراض الشاعر القروي على الترشيح وكتب مقالات تهاجمه، لكن نعيمه بقي غير مكترث”.

المحور الرابع كان عن “الشعر في الغربال” تحدث فيه الشاعر هنري زغيب عن نعيمه منذ تلقّى “الأجنحة المتكسرة” عام 1912، لفته فيه فجر جديد، فكتب أول مقال نقدي له “فجر الأمل بعد ليل اليأس”، ما يعني أنه باكرًا  كان عنده الهم التجديدي والثورة على محنطي اللغة” وقال إن “الغربال سيظل بآرائه وأفكاره وتطلعاته الطليعية الرائد، كتاب هذا العصر وكل عصر، لأن نعيمه كتبه بمنطق الغد لا منطق الأمس”، تلاه الشاعر حبيب يونس فألقى قصيدتين: “الغربال” من وحي نعيمه: “أَنَا شَاءَنِي مِيشَا ذَخِيرَةَ صَوْتِهِ/ وَاخْتَارَ أَنْ حَيْثُ الْمَقَامُ مَقَالُ/ غِرْبَالَهُ كُنْتُ، الْحَقِيقَةَ قُلْتُهَا،/ فَتَمَثَّلَتْ بِي نَهْضَةٌ وَمِثَالُ/ وَالْيَوْمَ مَا زِلْتُ الزَّمَانَ جَمِيعَهُ/ حَسْبُ الزَّمَانَةِ فِي يَدِي الْغِرْبَالُ”. وكان ختام المحور غناء سهى حداد نعيمه مع الحضور قصيدة “صنّين” لـنعيمه، غير المنشورة في كتاب، ورافقها على الغيتار شوقي أبي نخله.

في المحور الأخير تحدثت سهى حدّاد نعيمه: “ميخائيل نعيمه في حياتي: ثورة وتجدّد كما غرباله”، “تعلّمْتُ من جدّو ميشا أنّنا لو افترقنا فستبقى محبتُّنا رابطَنا الأساسي، تماماً كما جدّدَتْ بسماتي شيخوختَه وطعّمَتْ شيخوختُه طفولتي، فبات فيّ وبِتُّ فيه، في الإله الواحد الذي نفتّشُ عن أنفسِنا فيه، وهو فينا، فنتمجّد به”.

وكانت كلمة الختام للمحامي جوزيف غانم: “من المَسْرد إلى الغربال” معتبرًا الكتاب “يشكل حركة أدبية محورها الأدب، لأن دوافعها الأنقى أخذتنا تحت غربالها ليكون لنا وجه من وجوه نعيمه: صفاء في الذهن والغيرة في الإصلاح، والأدب الواسع.

واختتم المؤتمر بعرض الفيلم الوثائقي “تسعون” للمخرج مارون بغدادي، تعاوُنًا مع “نادٍ لكلّ الناس” ورافق المؤتمر معرض لوحات وأعمال فنّيّة لخمسة فنانين من وحي “الغربال”: جولي بو فرح، جاك رزق الله، رنا بساط، سبيريدون مجدلاني، ريما غانم.

ورافقت المؤتمر خلفية موسيقية: “تناثري تناثري” (تلحين الأخوين رحباني وغناء فيروز)، و”مرايا الحنين” لوليد غلميه و”الخيال”  و”الطمأنينة” لشربل روحانا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى