ماذا تعني عودة إيران إلى أسواق النفط؟

لندن – هاني مكارم

إن الإتفاق النووي الذي توصّلت إليه إيران مع الغرب سوف يضيف تدريجاً لاعباً رئيسياً جديداً لسوق الطاقة العالمية. لكن لا تتوقّع خلطاً جذرياً للوضع الهيدروكربوني الحالي، على الأقل ليس في المدى القصير، رغم أن طهران يمكن أن تمثّل مشكلة كبيرة للاعبي الطاقة الكبار في نهاية المطاف.
تراجعت البنية التحتية للنفط الإيراني عقوداً وراء القوى النفطية الأخرى مثل روسيا والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة. لكن قاعدة الموارد المحتملة هناك – يُعتقَد أن إيران لديها إحتياطات هيدروكربونية أكبر من كلٍّ من تلك الدول العملاقة الثلاث المذكورة آنفاً – لديها شركات مستعدة لتغيير ذلك.
قالت سارة فخشوري، المستشارة السابقة لشركة النفط الوطنية الإيرانية الدولية، إن إيران سوف تكون بحاجة كبيرة للمساعدة الخارجية لكي تصل إلى هدفها المتمثّل في إنتاج 5 ملايين برميل يومياً بحلول العام 2020.
“ولتحقيق هذا الهدف تحتاج ايران الى 70 مليار دولار للإستثمار في حقول النفط والغاز”، كتبت فخشوري، التي هي الآن رئيسة “أس في بي. للطاقة الدولية”، في مذكرة وُزّعت في منتصف الشهر الفائت.
إذا كان هذا الأمر صحيحاً، فإن المبلغ الذي تحتاج إليه إيران للإنفاق على البنية التحتية، إلى جانب الوقت الذي ستستغرقه عملية بناء المرافق الضرورية، يمكن أن تقوّض الإنتقادات المركزية للإتفاق من المعارضين مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية: بأن رفع العقوبات سوف يمنح إيران بسرعة مليارات الدولارات لتحويلها إلى حلفائها مثل الرئيس السوري بشار الأسد ووكلائها مثل “حزب الله”.
مع ذلك، تقول إيما أشفورد، خبيرة الطاقة في معهد “كاتو”، يجب على إيران أن تمتثل لشروط الإتفاق في المدى الطويل حتى يتسنّى لها فتح الباب لوصول هذا الإستثمار. وإذا فعلت ذلك، كما قالت، فمن المرجح أن تصطف الشركات الغربية من أجل الإستثمار.
“تجلس إيران على 10 في المئة من إحتياطات النفط العالمية” قالت أشفورد. مضيفةً: “والبلاد تحتاج الى تحديث كبير وإستثمارات. وقد تكون الشركات الدولية على إستعداد للقيام بذلك”.
وأفادت بأن شركة “أكسون موبيل” الأميركية، التي خرجت أخيراً من سوق الطاقة الروسية، هي مُرشَّحة رئيسية. شركات أخرى، بما في ذلك شركات أوروبية مثل “توتال” و”بي.بي” و”رويال داتش شل” و”إيني”، تجهد كلها للحصول على النفط الخام الإيراني. وقال رئيس شركة “شل” بن فان بوردِن في حزيران (يونيو) الفائت أن إيران هي “بلد رائع مع قاعدة موارد رائعة”. وأضاف الرئيس التنفيذي ل”توتال” باتريك بويان: “إننا نحب إيران”.
سيكون هناك تأثير في المدى القصير لعودة طهران إلى لعبة النفط، على الرغم من أنه لن يكون تقريباً كبيراً مثل التأثير في المدى الطويل. ويُعتقَد أن إيران لديها إحتياطات نفطية تقدر بحوالي 40 مليون برميل تجلس على ناقلات بحرية في إنتظار أن يتم بيعها. “هذه الكمية من النفط المُخزَّنة يمكن بيعها حتى قبل أي رفع للعقوبات ذات الصلة لتصدير النفط. الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان [كلها] لديها إعفاءات من العقوبات “، كتبت فخشوري.
“يمكن لإيران أيضاً زيادة إنتاجها من النفط والمكثفات لتصل إلى 800،000 برميل يومياً في غضون ستة إلى 12 شهراً”، تفيد فخشوري في مقابلة لاحقة.
الواقع أن هذا لن يجلب لإيران الكثير من المال كما كان يمكن أن يكون الوضع قبل بضع سنوات. إن إغراق سوق النفط العالمية المُشبعة أصلاً بالمزيد من الإمدادات سوف لن يخدم سوى أن يرسل أسعار النفط الخام إلى الأسفل. فمثلاً الثلاثاء (14/ 7/ 2015) ظهراً، بتوقيت شرق الولايات المتحدة، بلغ سعر البرميل 52،20 دولاراً، بإنخفاض 1 في المئة عن اليوم السابق (الإثنين) – وهذا شيء من شأنه أن يُبقي أسعار الغاز الأميركية منخفضة. على النقيض من ذلك، فإن سعر برميل النفط في هذا الوقت من العام الفائت بلغ 107 دولارات.
مع ذلك، وفقاً لأشفورد، لأن إيران كانت تقريباً مُغلقة تماماً وخارج سوق النفط، فإن أي ربح، مهما كان صغيراً، هو أفضل من لا شيء. منذ العام 2012، صدّرت إيران نحو 1.1 مليون برميل يومياً بعدما كانت تصدر قبل العقوبات، حوالي 2.5 مليوني برميل يومياً. ولا شك، تضيف، أن “الإيرانيين سيعملون على زيادة حصتهم في السوق. وبالتالي ستكون الأسعار منخفضة للجميع”.
وهذا الوضع ستكون له آثار جيوسياسية مهمة. روسيا، التي يعاني إقتصادها تحت وطأة العقوبات الغربية ويعتمد إعتماداً كبيراً على الطاقة، لديها الآن منافس إقليمي جديد.
“هذا الأمر ليس جيداً بالنسبة إلى موسكو” قالت أشفورد. “الروبل ينخفض لأن الناس يتوقعون أن يؤدي الإتفاق مع إيران إلى الإقتطاع من الأرباح الروسية”.
وعلقت فخشوري على أن هذا الموقف يضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام خيار صعب: التعاون أو المعاناة.
” إذا كانت التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط لا تسبب أي إنقطاع للتيار الكهربائي، فإن السوق، والدول المنتجة للنفط – أساساً “أوبك” وروسيا – يجب أن تتفق سواء للحد من إنتاجها أو … البدء في حرب أسعار”، مضيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى