سقوط و… سقوط محمود عباس!
كيف أعطى الزعيم الفلسطيني محمود عبّاس الأولوية لاتفاق السلام على الوحدة السياسية الداخلية ــ ولم يحصل على أيٍّ منهما.
خالد الجندي*
على مدى ما يَقرُب من عَقدَين، عَرَفَت القيادة الفلسطينية خلافًا حادًا. فإلى جانبِ الانقسامِ الأساسي بين حركة “حماس” في قطاع غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، تنافست مجموعاتٌ عدّة أخرى على النفوذ. في أواخر تموز (يوليو)، اجتمعَ زعماءُ جميع الفصائل السياسية الفلسطينية الأربعة عشر، بما فيها “فتح” و”حماس”، في بكين، حيث أصدروا بيانًا دعا إلى الوحدة الوطنية. ووَعَدَ الاتفاقُ الذي وقَّعوه، والمعروف ب”إعلان بكين”، بإنشاءِ حكومةِ وفاقٍ وطني تَحكُمُ وتُديرُ كُلًّا من قطاعِ غزّة والضفة الغربية، وتقوم بإصلاحِ وتوسيعِ منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراءِ انتخاباتٍ وطنية.
إنَّ مثلَ هذه المقترحات ليست جديدة، وتؤكّدُ إلى حدٍّ كبيرٍ المبادئ المنصوص عليها في اتفاقاتِ المُصالحة السابقة. لكنها اكتسبت إلحاحًا أكبر كثيرًا في ضوءِ الحربِ غير المسبوقة التي شنّتها إسرائيل على غزة. وبحلولِ مُنتصف آب (أغسطس)، كانَ الهجومُ الإسرائيلي الذي شنّته إسرائيل ردًّا على هجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) قد أسفر عن مقتل أكثر من أربعين ألف فلسطيني ـأغلبهم من النساء والأطفال ـ ونزوحِ مليونَي شخص قسرًا، وتحويل معظم القطاع إلى أنقاض. لقد أصبح هذا الهجوم أكثر اللحظات دمويةً في التاريخ الفلسطيني وأكثر الحلقات تدميرًا في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني المُستَمِر منذ قرن. وفي خضم هذه الأزمة، يُقدّمُ “إعلان بكين” خريطةَ طريقٍ لمستقبلٍ فلسطيني مختلف، مستقبل يتمتّعُ بقيادةٍ موثوقة ومؤسّساتٍ سياسية فعّالة ستكون ضرورية لليوم التالي للحرب.
لكن على الرُغم من خطورةِ الوضع، فقد انتقدَ محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية منذ فترة طويلة وزعيم “فتح”، “إعلانَ بكين” واعتبره بأنه غير مفيد وغير مُهِمّ. (وقد أرسل عباس ممثلًا عن “فتح” إلى المحادثات بدلًا منه). ومن المُحَيِّرِ أن يُظهِرَ زعيمٌ سياسي، وخصوصًا زعيمٌ غير شعبي مثل عباس، في لحظةٍ من الصدمة الوطنية واليأس الوجودي، مثل هذا الازدراء الصريح لعَرضٍ للوحدة الوطنية. ربما شَعَرَ بأنَّ “حماس” أصبحت في وَضعٍ حَرِجٍ وبالتالي لم يشعر بأيِّ إلحاحٍ لتقاسُم السلطة مع المجموعة. أو ربما لم يَكُن يُريدُ تحدّي المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، الذين أصبحوا في أعقاب السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ضد أي تسوية سياسية مع “حماس”. وفي كلتا الحالتَين، سَلَّطَ رَفضُ عبّاس المُتغَطرِس للخطّة الضوءَ على سمتَين مُمَيِّزتَين لحُكمِهِ الذي دام ما يقرب من عشرين عامًا ــ الانفصال العميق عن شعبه وعدم الرغبة في الترويج لاستراتيجيةٍ مُتماسِكة للتحرير الفلسطيني. إنَّ التاريخَ المؤلم الذي عاشه الفلسطينيون قد علّمهم شيئًا، وهو أنَّ الأمورَ السيِّئة تحدّثَ لهم عندما لا يكون لديهم قادةٌ جديرون بالثقة. وهذا هو حال عباس اليوم.
بعدما كان يُنظَرُ إليه ذات يوم باعتباره صانع سلام ومُصلِحًا سياسيًا واعدًا، تحوّلَ عباس تدريجًا إلى حاكمٍ استبدادي ضَيِّق الأفق ومُتقلِّب المزاج، وله سجلٌّ حافلٌ بالفشل. ورُغمَ أنَّ بعضَ هذه النكسات كانَ نتيجةً لقوى خارجة عن سيطرته، وخصوصًا خلال السنوات القليلة الأولى من حكمه، فإنَّ أغلبها كان من صنعه. إن القائمة القصيرة لهذه الأهداف الذاتية تشمل السماح للانقسام السياسي الداخلي المُنهِك بالتفاقُم، وخلق بيئةٍ من الفساد والاستبداد المتزايد، والأمر الأكثر أهمية، الفشل في طرح استراتيجيةٍ مُتماسكة للتحرير الوطني.. ولم تكن أوجه القصور لدى عباس واضحة ــومؤثّرة جدًاــ في أيِّ مكانٍ آخر أكثر من غزة، موطن نحو 40% من جميع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي والتي طردت “حماس” سلطته الفلسطينية منها في العام 2007. فقد تجنّبَ عبّاس باستمرار التعامُل مع مشاكل غزة، ما سمح للقطاع بشلِّ السياسة الفلسطينية الداخلية وإحباط مفاوضات السلام مرارًا وتكرارًا.
والآن، في خضمِّ حربٍ مُروِّعة مُستَمرة لا تنتهي، تُتاحُ لعبّاس الفُرصة لتخفيف بعض الأضرار الذي لحق بالفلسطينيين وبإرثه من خلال السعي إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية. لكن حتى في هذه اللحظة الأكثر حسمًا وحَرَجًا في تاريخ فلسطين، بقي عبّاس مُتَفَرِّجًا عاجزًا، لا يملكُ إلّا القليل من القول في الحرب أو السلام. بطبيعِةِ الحال، لم يَكُن عبّاس وحده المسؤول عن إهمالِ القضية الفلسطينية، الأمر الذي أدّى إلى هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ـ فمن المؤكد أنَّ “حماس” وإسرائيل والولايات المتحدة وحتى عملية السلام نفسها لعبت جميعها دورًا في ذلك. لكنَّ الزعامة الضعيفة لعبّاس ساهمت في الظروف التي أدّت إلى تعجيل الحرب، والافتقار إلى الرؤية للمستقبل يساعد على دعمها الآن.
نكسةٌ تلوَ الأخرى
إنَّ المشاكلَ التي واجهتها قيادة عبّاس للسلطة الفلسطينية لها تاريخٌ طويل. بدأت فترةُ ولايته بدايةً ميمونة في كانون الثاني (يناير) 2005، في أعقاب وفاة ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس المؤسّس للسلطة الفلسطينية، الذي هيمن على السياسة الفلسطسنية لعقود. لكن عباس سرعان ما واجه نكسةً تلوَ الأخرى. كانَ التطوُّران الرئيسان على وجه الخصوص ــفشل الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة في أواخر العام 2005 وانهيار حكومة الوحدة الوطنية والحرب الأهلية التي أعقبت ذلك في غزة في العام 2007ــ سببًا في إفشال زعامته فعليًا. فقد تولى عباس منصبه وهو يُركّزُ على هدفَين مُزدوجَين هما توحيد الفصائل الفلسطينية المُنقَسِمة تحت حكمه وتأمين اتفاق سلام من شأنه أن ينهي عقودًا من الاحتلال الإسرائيلي ويؤدّي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. وعلى النقيض من عرفات، الذي سعى في كثير من الأحيان إلى استغلالِ العنفِ السياسي، كان عباس مُلتزمًا بقوة بالديبلوماسية. والواقع أن عبّاس، الذي يتكلّم بهدوء ويتحدّث وكأنه جد، والذي سيبلغ من العمر 89 عامًا في تشرين الثاني (نوفمبر)، لم يكن يتمتّعُ بكلِّ ما كان يتمتع به سلفه. كان عباس يفتقر إلى الكاريزما إلى حدٍّ كبير وكان معروفًا بكرهه للحشود. وكان سلوكه أقرب إلى سلوك مدير مدرسة وليس زعيم حركة تحرير.
في غضونِ شهرٍ واحد من تولّيه منصبه، تمكّنَ عباس من توحيد الفصائل الفلسطينية المختلفة لدعمِ اتفاق وقف إطلاق النار مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، مُنهيًا بهدوء أكثر من أربع سنوات من إراقة الدماء أثناء الانتفاضة الثانية. كان عبّاس يأملُ في استخدامِ الهدوءِ لإرساءِ الأساس للديبلوماسية، لكن شارون لم يكن مُهتَمًّا بعملية السلام. وبدلًا من ذلك، طرحَ خطّةً جذريةً للانسحاب من جانبٍ واحدٍ من قطاع غزة، وهي الخطوة التي لم تكن تهدفُ إلى تعزيز حلِّ الدولتين، بل على حَدِّ وَصفِ رئيس أركان شارون، دوف فايسغلاس، إلى “إخضاع الدولة الفلسطينية لـ”الفورمالديهايد” (الفورمالديهايد هو غازٌ عديم اللون، تآكلي، قابل للاشتعال وله رائحة نفّاذة وخانقة). لقد أغلقت إسرائيل حدود غزة فعليًا، ما دفع اقتصادها إلى الانهيار. وكان فشل الانسحاب الإسرائيلي من جانب واحد، على الرُغمِ من أنه ليس خطأ عباس، سببًا في إشعال سلسلة من الأحداث التي لن يتعافى منها أبدًا.
أوّلًا، أنهى فوز “حماس” المفاجئ في الانتخابات الوطنية في كانون الثاني (يناير) 2006 فعليًا أربعة عقود من هَيمَنة “فتح” على السياسة الفلسطينية. كانت هذه ضربة قوية ليس فقط لعبّاس بل وأيضًا لعملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة. ورُغمَ أنَّ عبّاس كان يأملُ في تشجيعِ “حماس” على الاعتدال السياسي، فقد تبنّت الولايات المتحدة وإسرائيل نهجًا صفريًا في التعامُلِ مع الجماعة، التي صنّفتها الولايات المتحدة وإسرائيل كمنظمةٍ إرهابية: فقد رفضتا بشكلٍ قاطعٍ أيَّ تَعامُلٍ مع “حماس” إلى أن تُلقي سلاحها وتعترف بإسرائيل. ومع امتناع إسرائيل عن تحويل عائدات الضرائب التي تُشَكِّلُ الجُزءَ الأكبر من موازنة السلطة الفلسطينية، فرضت أميركا مقاطعة دولية على الحكومة الجديدة بقيادة “حماس”، الأمر الذي أدّى إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني ودفع السلطة الفلسطينية لفترة وجيزة إلى حافة الانهيار.
على أمل نزع فتيل الأزمة، أبرمَ عباس اتفاق وحدة مع “حماس” في شباط (فبراير) 2007، المعروف ب”اتفاق مكة”، حيث وافقت “حماس” على التنازُلِ عن السيطرة على معظم وزارات السلطة الفلسطينية ل”فتح”. ورُغمَ أنَّ الاتفاقَ حَظيَ بدَعمِ المملكة العربية السعودية وحلفاء واشنطن العرب الآخرين، فإنَّ الولايات المتحدة وإسرائيل استمرّتا في رفضِ أيِّ ترتيبٍ يسمحُ ل”حماس” بالبقاء في الحكومة. وبدلًا من ذلك، ضغطت إدارة جورج بوش (الإبن) على عباس لحلِّ الحكومة والدعوة إلى انتخاباتٍ جديدة، وهي خطوة غير عادية وغير دستورية. لقد واجهَ عبّاس خيارًا مُستَحيلًا ــ إما إلغاء نتائج الانتخابات الديموقراطية وإشعال فتيل حرب أهلية أو المخاطرة بالعزلة الدولية إلى أجل غير مسمّى وانهيار السلطة الفلسطينية في نهاية المطاف. مع تصاعُدِ الضغوط الأميركية والإسرائيلية، اندلع القتال بين “حماس” والسلطة الفلسطينية في حزيران (يونيو) 2007، وانتهى باستيلاء “حماس” بالقوة على قطاع غزة وطرد السلطة الفلسطينية منه. وقرّرَ عباس المُهان حلَّ حكومة الوحدة المزعومة واتَّهَمَ “حماس” بتدبير انقلابٍ في غزة. وكافأت إسرائيل عبّاس برفع الحصار عن الضفة الغربية وعاقبت غزة بحصارٍ كامل.
أدّى انهيارُ “اتفاق مكة” والحرب الأهلية التي تلتها في العام 2007 إلى ترسيخِ الانقسامات الناشئة في السياسة الفلسطينية وضمان استمرار عدم الاستقرار في غزة. ومن غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل مُستَعِدَّتَين في ذلك الوقت لإسقاط السلطة الفلسطينية والصرح بأكمله الذي بُني عليه اتفاق أوسلو من أجل إبعاد “حماس” عن السياسة الفلسطينية. لكن من خلال إعطاء الأولوية لمطالب عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة على الوحدة الوطنية، ضمن عبّاس أنه لن يحصل على أيٍّ منهما.
تركَ الانقسامُ مع “حماس” قيادة عباس مُقَيَّدةً بشكلٍ دائم ــ ضعيفة للغاية بحيث لا يمكنها أن تكونَ شريكَ سلام جدير بالثقة، وتعتمد بشكلٍ مُفرِط على الولايات المتحدة وإسرائيل في السعي إلى تحقيق وحدةٍ وطنية ذات مغزى. وقد أصبح هذا واضحًا على الفور تقريبًا، مع إعادة إطلاق مفاوضات السلام في مدينة أنابوليس الأميركية في أواخر العام 2007. واستمرّت المحادثات لمدة عام، حتى اندلعت الحرب بين إسرائيل و”حماس” في كانون الأول (ديسمبر) 2008. في ذلك الوقت، كان هذا الصراع الأكثر دموية الذي وقع في غزة على الإطلاق، وأول حرب من حروب دامية عديدة في السنوات التي تلت ذلك. كان الهجوم الإسرائيلي، الذي أسفر عن مقتل نحو 1,400 فلسطيني و13 إسرائيليًا، سببًا في تآكل دعم عباس بشكل خطير. وعلى هذا الأساس، بدأ العديد من الفلسطينيين ينظرون إليه ليس فقط باعتباره عاجزًا عن وقف الهجوم، بل وأيضًا باعتباره مُتواطئًا فيه، نظرًا لعدائه مع “حماس”.
بعد أشهرٍ، اضطرَّ عباس إلى العيش في الكابوس الذي أعقب صدور تقرير غولدستون، وهو تحقيقٌ أجريَ بتكليفٍ من الأمم المتحدة في حرب غزة في العامين 2008 و2009، والذي اتهم إسرائيل و”حماس” بارتكاب جرائم حرب. وعندما طرح تقرير غولدستون للتصويت في الأمم المتحدة في أواخر العام 2009، تعرّضَ عباس لضغوطٍ أميركية وإسرائيلية مُكَثَّفة ليطلب من حلفائه تأجيل التصويت، وهو ما أقدم عليه بالفعل، مما أشعل عاصفة من الغضب. بالنسبة إلى العديد من الفلسطينيين، كانَ استعدادُ عبّاس للتخلّي عن سكان غزة الذين قُتلوا في الحرب فضلًا عن التخلّي عن جُزءٍ أساسي من النفوذ ضد المحتلّين الإسرائيليين بمثابةِ خيانة. وعلى الرُغم من محاولات عباس للسيطرة على الأضرار، بما في ذلك عرض فاتر بالاستقالة، فإنَّ كارثة غولدستون كانت بمثابة نقطة انحدار جديدة في رئاسته. والآن بعد أن أُصيبَ عباس بالشلل السياسي، أمضى العام التالي في تجنُّب توسُّلات الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، ووافق فقط على المشاركة في “محادثات القرب” غير المُباشرة، حيث كان المسؤولون الأميركيون يتواصلون بشكلٍ منفصل مع المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحتى بعد أن تمكّنت واشنطن من إقناع عباس بإعادة إطلاق المفاوضات المباشرة في أيلول (سبتمبر) 2010، انهارت المفاوضات في غضون أسابيع قليلة فقط.
الموت بالتثليث
تسببت انتفاضات “الربيع العربي”، التي بدأت في أواخر العام 2010 واستمرّت في الانتشار عبر الشرق الأوسط خلال معظم العام 2011، في المزيد من الصداع لعباس. ففي أوائل العام 2011، أدّت ثورةٌ شعبية إلى الإطاحة بحسني مبارك، الرجل القوي في مصر منذ فترة طويلة وحليف عباس الأكثر أهمية في العالم العربي. بعد الإطاحة بمبارك، وصلت جماعة “الإخوان المسلمين” المصرية ــحليفة “حماس”ــ إلى السلطة لفترة وجيزة، الأمر الذي عزّزَ وشجّع منافسي عباس. علاوةً على ذلك، ضعفت شرعية عباس مع استمرار انقسام السلطة الفلسطينية وفسادها وقمعها. وانتشرت الاحتجاجات إلى الضفة الغربية وغزة. ومع مطالبة المتظاهرين بإنهاء الانقسامات بين “فتح” و”حماس”، اضطرَّ عباس إلى التراجع عن عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة والسعي إلى الوحدة الوطنية. في أيار (مايو) 2011، وَقَّعَ عباس على اتفاقِ مصالحة مع “حماس”، والذي دعا إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تتألف من تكنوقراطيين غير مُنتَمين إلى أيِّ فصيل، فضلًا عن انتخاباتٍ رئاسية وتشريعية جديدة. وفي الوقت نفسه، سعى إلى الحصول على عضويةٍ في الأمم المتحدة.
ورُغمَ الشعبية الهائلة التي حظي بها كلا الإجراءَين في الداخل، فقد أثارا ردودَ فعلٍ عقابية من الولايات المتحدة وإسرائيل. ونتيجةً لهذا، اضطر عبّاس إلى التروِّي، فبدأ تنفيذَ اتفاق المصالحة مع “حماس” في حين كان يحاول ببطء الحصول على عضوية الأمم المتحدة. وقد حصل على دفعةٍ محلّية كان في أمس الحاجة إليها عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 أخيرًا على الاعتراف بفلسطين كدولةٍ غير عضو. وقد سمح الوضعُ الجديد للفلسطينيين الانضمامَ إلى هيئاتٍ دولية أخرى، مثل المحكمة الجنائية الدولية.
لكن على الرُغم من لحظات التحدّي العابرة، كانَ عبّاس يعتمدُ على الولايات المتحدة إلى الحَدِّ الذي منعه من الانسحاب بالكامل. لقد أصبح تمسّكه بعملية السلام التي تقودها واشنطن عبئًا محلّيًا لأنَّ غالبية الفلسطينيين رأت أنها غير متوازنة وغير نزيهة وغير فعّالة إلى حد كبير. وحاول عباس تحقيق التوازن بين هذه المصالح المُتضاربة من خلال ملاحقة ثلاثة مسارات في وقتٍ واحد: المصالحة الداخلية، وتدويل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني من خلال الأمم المتحدة وغيرها من المنتديات المتعددة الأطراف، والمفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة مع إسرائيل. لكن بدلًا من نَسجِ المسارات الثلاثة في خطةٍ واحدةٍ مُتماسِكة للتحرير الوطني، تردّدَ عبّاس بين كلٍّ من هذه الأولويات في حين لم يلتزم بأيٍّ منها على الإطلاق. وعندما استنفَدَ أحد المسارات أو أصبح مُكلِفًا للغاية، تحوَّلَ عباس ببساطة إلى المسار التالي. وعلى هذا فعندما انهارت المفاوضات تحت قيادة وزير الخارجية الأميركي جون كيري (كما كانَ مُتوَقَّعًا إلى حدٍّ ما) في آذار (مارس) 2014 بعد تسعة أشهر فقط، غَيَّرَ عباس مساره حيث دخل في 15 اتفاقية ومنظمة دولية والتوقيع على اتفاقية مصالحة أخرى مع “حماس”.
لكن عباس ظلَّ عاجزًا عن التأثير في الأحداث في غزة. لقد أدّى اندلاعُ حَربٍ مُدمّرة أخرى في القطاع في العام 2014، والتي خلفت نحو 2,200 قتيل فلسطيني و70 إسرائيليًا، إلى تقويضِ مكانةِ عبّاس المحلية مرة أخرى. لقد غضب الكثيرون من الفلسطينيين من السلطة الفلسطينية، حيث اعتبروا أنها انحازت إلى إسرائيل والولايات المتحدة ضدّ “حماس”. لاحتواء وتخفيف الغضب، انضمَّ عباس إلى المحكمة الجنائية الدولية في أوائل العام 2015 – وهي الخطوة التي اعتبرها العديد من الإسرائيليين خيارًا نوويًا وكان عباس، حتى ذلك الحين، يتجنّبها عمدًا. أدى القرار إلى فرض عقوبات جديدة على السلطة الفلسطينية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. أصبح عباس الآن مُحاصَرًا في حلقةٍ مُفرَغة من صنعه إلى حدٍّ كبير: فكلما أصبح أضعف، شعرَ بأنه مُضطَرٌّ إلى إبعاد نفسه عن إسرائيل وعملية السلام، ولكن كلما تحدّى المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، وَاجَهَ المزيد من العقوبات وأصبح أضعف أكثر.
بحلول العام 2015، بدأت الجدران تضيق وتغلق على عباس. حقّقّ الرئيس الفلسطيني ارتفاعًا مؤقتًا في شعبيته بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن هذه الخطوة أشارت أيضًا إلى أنه سلك مسار التدويل إلى أقصى حدٍّ مُمكن. في الوقت نفسه، أنهت إعادة انتخاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ترأس ائتلافًا أكثر يمينية من ذي قبل، أيّ فرصة لاستئناف مفاوضات السلام. لقد قدم الركود الديبلوماسي والحاجة الملحة لإعادة إعمار غزة لحظةً مناسبة لترتيب البيت الفلسطيني أخيرًا، لكن عباس تردد وتوقّف مرة أخرى. خففت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من موقفهما تجاه المصالحة الفلسطينية، وألمحتا إلى أنهما يمكنهما العمل مع (أو على الأقل العيش مع) حكومة وفاق. لكن حكومة وفاق، التي لم تكن تعمل بعد في غزة، حلها عباس بعد عام واحد فقط من تشكيلها، ما أدى إلى تأخير جهود إعادة الإعمار في الجيبِ المُدمَّر بسبب الحرب. ورُغمَ أنَّ “حماس” أبدت، بموافقتها على تقاسُم السلطة، استعدادها للتخلّي عن دورها في الحُكم في القطاع، فإنَّ عباس كان مُتردّدًا في وراثة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية العديدة التي تُعاني منها غزة، والتي لم يكن لديه سوى القليل من الحلول لها. فضلًا عن ذلك، كان أقل حرصًا على تقاسُم السلطة مع “حماس” في إطار منظمة التحرير الفلسطينية المُوَسَّعة والمُصَلَّحة. خلال هذه الفترة، هبطت شعبية عباس إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث قال ما يقرب من ثُلثَي الفلسطينيين إنهم يفضّلون استقالته ــ وهي النسبة التي لم تتوقف عن الارتفاع على مر السنين. وأصبحت التكهنات العامة حول مَن قد يخلف الزعيم المُسِن شُغلًا وطنيًا شاغلًا.
عباس الاستبدادي
مع بَدءِ ضعفِ استراتيجيته في التنقُّلِ بين المسارات، ومع نزفِ شرعيته المحلية، أصبحَ عبّاس أكثر استبدادًا وجنونًا. بدأ مهاجمة المنافسين والمُتَحَدِّين المُحتَملين، سواء كانوا حقيقيين أو مُتَخَيَّلين. توسّعت قائمةُ أعدائه الداخليين وشملت رئيس الأمن السابق في غزة محمد دحلان، ورئيس الوزراء السابق سلام فيّاض، والشخصية البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه. كان عباس يحكُمُ أصلًا بموجب مرسوم منذ العام 2007، من دون إشرافٍ برلماني أو مؤسَّسي من أيِّ نوع. لإخفاءِ تَعَسُّفِ حُكمه، أنشأ محكمة دستورية عُليا جديدة في العام 2016، والتي حشدها بالموالين للخَتمِ على قراراته. بعد عامين، أعاد عباس إحياء المجلس الوطني الفلسطيني، برلمان منظمة التحرير الفلسطينية في المنفى، لأول مرة منذ 22 عامًا، من أجل انتخاب لجنةٍ تنفيذية جديدة؛ في العام 2017، أعاد المجلس التشريعي الفلسطيني تعيينه رئيسا له، كما جدد ولايته كرئيس للسلطة الفلسطينية، مُستَغنيًا عن الحاجة إلى إجراء انتخابات. ورُغمَ إدانة المجتمع المدني وجماعات المعارضة لمثل هذه التدابير، أصرَّ عباس على تنفيذها. وبحلول نهاية العام 2018، استخدم عباس سلطاته المُكتَشَفة حديثًا لحلِّ المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية (الذي كان خاملًا إلى حد كبير) رسميًا.
بعد أن رَبَطَ نفسه تمامًا بسفينة عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة، ترك عباس نفسه عُرضةً لتقلّبات رقّاص الساعة في السياسة الأميركية والإسرائيلية على مدى السنوات العديدة التالية. حاول عباس في البداية التقرُّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنه اضطرَّ إلى تغيير مساره في أواخر العام 2017 عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، مما قلب 70 عامًا من السياسة الأميركية. ثم اتخذ عباس خطوة غير مريحة – وغير مسبوقة بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية – بالإعلان أنَّ الولايات المتحدة لم تعد قادرة على أن تكون جُزءًا من عملية السلام.
لكنَّ ترامب لم يكن بدأ بعد. فعلى مدى السنوات القليلة التالية، ألقت إدارته بكلِّ ما في وسعها من قراراتٍ سيئة على عباس، وقطعت كل المساعدات للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وعَكَسَت سياسات الولايات المتحدة بشأن المستوطنات من خلال إعلانها قانونية، وأعلنت عن التخلص من صيغة الأرض مقابل السلام، بل وحتى الاستغناء عن فكرة أن الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. (أطلق ترامب على الأراضي “متنازع عليها” أو ببساطة “يهودا والسامرة”). ومن عجيب المفارقات أنَّ هجومَ ترامب المُناهض للفلسطينيين ساعد عن غير قصد قيادة عباس المُتعثّرة. وردًا على ما يُسمّى ب”صفقة القرن” التي اقترحها ترامب، وهي تسوية سلام مزعومة منحت إسرائيل كل مطالبها الرئيسة تقريبًا، والحديث المتزايد بين الإسرائيليين عن الضمِّ الرسمي للضفة الغربية، نفذ عباس تهديده القديم بقطع العلاقات الأمنية مع إسرائيل، ما أعطى الزعيم المُحاصَر دفعةً عابرة في شعبيته. وعلاوةً على ذلك، أجبرت اتفاقيات أبراهام – صفقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، المُوَقَّعة في أيلول (سبتمبر) 2020 – الفلسطينيين على التوحُّدِ للدفاع عن نضالهم التحرري، الذي تمَّ تهميشه فعليًا. كانت الاتفاقيات بمثابة تحوُّلٍ في السياسة الخارجية للعديد من الدول العربية، التي كانت تعتقد سابقًا أنها لن تُقيمَ علاقاتٍ ديبلوماسية رسمية مع إسرائيل إلّا في مقابل تنازلاتٍ للفلسطينيين. في غضون أيام من توقيع اتفاقيات أبراهام، وقّعت “فتح” و”حماس” على أوسع اتفاق مصالحة بينهما حتى الآن، والذي تضمَّنَ لأول مرة على الإطلاق جدولًا للانتخابات الرئاسية والتشريعية.
إذا كانت هناك فرصة لعباس لإعادة كتابة إرثه، فكان ينبغي أن تكون الانتخابات الوطنية التي كان من المقرر أن تجري في ربيع وصيف العام 2021. على الرُغمِ من أنَّ “فتح” و”حماس” حاولتا طبخ النتيجة مُسبَقًا، إلّا أنَّه كان هناك حماسٌ شعبيٌ حقيقيي لاحتمالِ إحياء السياسة الفلسطينية بعد سنواتٍ من الركود، مع وجود 36 قائمة انتخابية وأكثر من 1300 مرشح من المقرر أن يشاركوا في أول انتخابات وطنية منذ 15 عامًا. لكن في كانون الثاني (يناير) 2021، تولّى الرئيس جو بايدن منصبه، ومرة أخرى تخلّى عباس عن احتياجات شعبه في محاولةٍ لكسبِ ودِّ الإدارة الجديدة في واشنطن.
لكن في الواقع، كان عباس مُتَرَدِّدًا في اتخاذِ أيِّ خطوة. أوّلًا، استأنف عباس بسرعة التنسيق الأمني مع إسرائيل وقامَ بلفتاتٍ أخرى لاستعادة ودِّ واشنطن. ولم يكن الشعور مُتبادَلًا. فقد أعاد بايدن المساعدات للفلسطينيين لكنه لم يُكن مُستعدًّا لاستثمارِ رأسِ مالٍ سياسي كبير في الفلسطينيين أو في حلِّ الدولتين. مع ذلك، ومع ذوبان الجليد في العلاقات مع الولايات المتحدة، شعر عباس مرة أخرى بالارتياح لتجميد السياسة الداخلية. ومع اقتراب موعد الانتخابات الفلسطينية، أصبح عباس مُتوتِّرًا بشأن آفاق حركة “فتح”، التي ظلت منقسمة بشدة. وقبل ثلاثة أسابيع فقط من عملية الإقتراع، ألغى عباس الانتخابات، ما أثارَ غضبًا واسع النطاق بين الفلسطينيين. وقد قوبل القرار بالصمت من جانب واشنطن.
لقد أثبتَ قرارُ عباس بإلغاء الانتخابات أنه من بين أكثر الخطوات ذات نتائج وتداعيات في حياته السياسية. لو جرت الإنتخابات كان الانقسام المُنهِك مع “حماس” اتنهى من خلال دمج المجموعة في السياسة الرسمية وربما كان ذلك منع هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، لأن “حماس” كانت ستفقد إلى حدٍّ كبير قدرتها على العمل كوكيلٍ حر. لكن بدلًا من ذلك، من خلال إلغاء التصويت، ختم عباس إرثه الكارثي وعجّل بزواله السياسي. بعد أسابيع قليلة من تخلّي عباس عن الانتخابات، أقدمت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على اغتيال نزار بنات، وهو ناشط شعبي ومُنتقد لعباس، الأمر الذي أشعل شرارة الاحتجاجات لأسابيع وأبرز الفساد الأخلاقي الذي أصاب إدارة عباس.
ومع تطوُّرِ الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة، ظلَّ عباس عاجزًا وغير ذي صلة، بل وحتى إقطاعيته في الضفة الغربية بدأت تنهار. ومع كفاح السلطة الفلسطينية التي تعاني من نقص السيولة لدفع الرواتب، أدت حملة القمع العنيفة التي شنتها إسرائيل على المتمرّدين المسلّحين في مختلف أنحاء شمال الضفة الغربية إلى قلب حياة الفلسطينيين العاديين رأسًا على عقب، وأجبرت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على الخروج من أجزاءٍ من شمال الضفة الغربية.
شكرًا لك، التالي
بطبيعةِ الحال، يواجه أي زعيم فلسطيني قيودًا كبيرة في السلطة. بسبب انعدام الجنسية الفلسطينية وتبعية السلطة الفلسطينية لإسرائيل، لا يستطيع أيُّ زعيم فلسطيني التأثير في النتائج بالطرق نفسها التي يستطيع بها نظيره الإسرائيلي أو الأميركي التأثير في النتائج. وعلى الرُغم من القيود التي واجهها عباس، فقد كانت هناك أوقاتٌ أظهر فيها أنه قادرٌ على تحقيقِ إنجازاتٍ كبيرة، وغالبًا ما كان ذلك على الرُغمِ من المخاطر الكبيرة. فقد تمكّنَ من مقاومة العقوبات الأميركية والإسرائيلية للحصول على وَضعِ دولةٍ غير عضو في الأمم المتحدة لفلسطين في العام 2012 والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية في العام 2015. والواقع أنَّ حملةَ عباس لبناء الدعم الدولي للفلسطينيين من خلال الهيئات المتعددة الأطراف هي التي مهّدت الطريق أمام تحقيق محكمة العدل الدولية في إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية هذا العام، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق قادةٍ من إسرائيل و”حماس”. لكن عباس كان على استعداد لتحدّي الولايات المتحدة وإسرائيل فقط عندما كان ذلك يخدم مصالحه الشخصية، مثل تحسين مكانته المحلية. لكنه لم يكن على استعداد لتحمُّلِ المخاطر نفسها في خدمة شعبه، على سبيل المثال من خلال إنهاء الخلاف مع “حماس”، وهو ما كان ليتطلّب شكلاً من أشكال تقاسم السلطة.
كانت المعضلة المركزية التي يواجهها عباس دائمًا تتلخّصُ في كيفية تحقيق التوازن بين الحاجة إلى اتفاقِ سلام مع إسرائيل والضرورة المُلِحّة لتحقيق الوحدة الوطنية. ولكن ما فشل عباس، والقادة الإسرائيليون والأميركيون، في فهمه هو أنه في غياب المصالحة الوطنية لا يوجد أيُّ أملٍ تقريبًا في تحقيقِ سلامٍ دائم مع إسرائيل. ومن خلال التضحية بالتماسك السياسي الفلسطيني وشرعيته المحلية على مذبح عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة، ألحق عباس ضررًا كبيرًا للغاية بالنضال الفلسطيني. كما عززت إسرائيل الخلاف الفلسطيني من خلال استراتيجيتها القائمة على “فَرِّق تَسُد”، والتي أثبتت أنها قصيرةُ النظر وضارّة، كما أظهر هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
لكن عباس لن يبقى إلى الأبد، ومن الأهمية بمكان أن يتطلّعَ الفلسطينيون إلى خليفةٍ قادرٍ على التغلُّبِ أخيرًا على التوترات التي شلّت قيادة عباس منذ البداية. وسيتعيّنُ على خليفة عباس حلّ هذه المعضلة من خلالِ توحيد السياسة الفلسطينية المُنقَسِمة، بما في ذلك دمج “حماس” في الهياكل السياسية الرسمية، مثل منظمة التحرير الفلسطينية. وسيكون من الصعب للغاية على المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين تقبُّل هذا، لكن المجموعة لن تختفي، والسماح لها بمواصلة العمل كوكيلٍ حرٍّ سيكون أسوأ. وبدعمٍ من الولايات المتحدة أو بدونه، يجب على الزعيم الفلسطيني المقبل أن يُعَبِّرَ عن رؤيةٍ واضحة للوحدة الوطنية والتحرير – رؤيةٌ لم تَعُد خاضعة لعملية سلامٍ مُختَلّة وعفا عليها الزمن.
- خالد الجندي هو زميل أول ومدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية-الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن. وهو مؤلف كتاب “النقطة العمياء: أميركا والفلسطينيون، من بلفور إلى ترامب” (Blind Spot: America and the Palestinians, From Balfour to Trump).
- يَصدُرُ هذا المقال بالعربية في “أسواق العرب” توازيًا مع صدوره بالإنكليزية في “فورين أفِّرز” الأميركية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.