الياس الرحباني يتذكَّر عاصي ومنصور

مع عاصي ومنصور منذ الـمَطالع

هنري زغيب*

اليوم، 4 كانون الثاني (يناير)، الذكرى الثانيةُ لغياب الياس الرحباني (4 كانون الثاني/يناير 2021).

والياس، إِلى موسيقاه الوفيرة وأَلحانه الغزيرة، له كتابان من المقطوعات النثرية التي تتراوح بين الوجدانيات والتأَمُّلات الروحية: “نافذةُ القمر” (صدر سنة 1996 في 80 صفحة) و”الذئَاب تُصَلِّي” (صدر سنة 2012 في 128 صفحة).

ولأَن الياس كان وفيًّا طيلة حياته لشقيقَيْه عاصي ومنصور، ويُقرُّ بفضلهما عليه في طفولته وصباه، وهُما رافَقَا مسيرتَه الفنية الغنية مؤْمنَيْن به وبموهبته الفريدة المتعدِّدة العناصر، عندما غابَا كتَبَ مقطوعةً لعاصي (غاب في 21 حزيران/يونيو 1986) وأُخرى لمنصور (غاب في 13 كانون الثاني/يناير 2009)، نَشَر الأُولى في كتابه الأَول، والأُخرى في كتابه الأَخير.

في ذكرى غيابه الثانية، يتَذكَّره موقع “أَسواق العرب” بــإِعادة نشْر هاتَين المقطوعتَين وفاءً له، ووفاءً منه لعاصي ومنصور.

مع عاصي ومنصور طوال الـمسيرة

رسالة من الياس إِلى عاصي

الليلةَ نُبحر بين الكواكب والأَقمار

الليلةَ تَنزل النجومُ تلهو على التلال، ودرجُ اللوز يستعجل العبير

الليلةَ تغطّي الحقولَ أَزهارٌ من لون بُحيرات الفجر

الليلةَ أَكتُب اسمكِ على الحور العتيق وتكتُبين اسمي على رمل الطريق

والنحلُ يرسم دوائر ويدور في الفضاء يُفتِّش عن الأُغنية…

الليلةَ يجيْءُ نيسان:

الصبايا يُزيِّنَّ الريح لعودة الخيالة

وعلى طريق كحلون تعطَّلت سيارة العرس

وحدها العروس تبكي…

الأَولاد يزيِّنون السماء بطائرات الورق

وفي بيت جدتي انطفأَ السهَر…

الليلةَ تَرقص حوريات الجن على جسر القمر

مدلج وفخر الدين على أَدراج بعلبك ينتظران إِشارة القائد

ها هو وصل

ها هو ينحني

التصفيق يعلوثقافة وتراث/ ثقافة

لكنه غاب في التصفيق الكبير…

المسرحية لن تُعرَض

القمر يسطَع في دموع الممثلين

الليلةَ نقول: “تَعا ولا تجي”.

(“نافذة القمَر” صفحة 26)

 

قالوا رَحَل منصور

لون الدني تْغيَّر… وبالشمس خَفّ النُور

صَرخِت صْوات الناس… قالوا رَحَل منصُور

مش آخد من الكون إِلَّا وطن مقهُور

والنحل عمْيبْرُم بِـهالسما ويدُور

يرسم إِسم عاصي تَ يرافقو لْـمنصُور

ويستقبلو مشتاق بالورد والمنتُور…

فتحوا النعش تَ نودّعو لْــمنصور

تردَّدت… كنت فزعان

قرَّبْتْ… وتطلَّعت بِــوِجُّو

لقيْتْ بِشْموخو مجد لبنان

تمنَّيت لولا النَعش كان يْساع

سافِر معو ت شوف عاصي شوَيّ

وقلُّو: “اشتقنا يا حبيب العمر”

نقعد ونتذكَّر قصص بالفيّ…

دَقّ الجرس وانشقِّت النجمات

تفتَح طريق الموكب السامي الـمَهيب

تفرَّقوا الأَحباب والأَصحاب

وْوَحدو الـمَلِك سافَر على حصانو غَريب…

(“الذئاب تُصلّي” صفحة 69)

  • هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني. وهو مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com  أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر تويتر: @HenriZoghaib

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى