هل تُنقِذُ مُنظَّمة شنغهاي للتعاون إيران من تأثيرِ العقوبات الغربية؟

أومود شوكري*

قُبَيلَ اندلاعِ الاحتجاجاتِ الشعبية الأخيرة، عملت القيادة الإيرانية على تخفيف العزلة الدولية التي تُعانيها البلاد من خلال السعي إلى الحصول على العضوية الرسمية في منظمة شنغهاي للتعاون. وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية فإن المسؤولين الإيرانيين لا يزالون يؤكّدون على أن الانضمام للمنظمة، والذي من المقرر أن يتم في شهر نيسان (إبريل) 2023، سيُحَقِّقُ الكثير من الفوائد للقطاعات الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية في البلاد. ويبدو أن منظمة شنغهاي للتعاون بدورها تُشارِكُ المسؤولين الإيرانيين هذا التفاؤل بشأن ما قد يُحقّقه التعاون مع إيران من فوائد لعلاقات المنظمة مع دول العالم الإسلامي.

ولكن، نظرًا إلى تأثير العقوبات الدولية وغيرها من أشكال الضغط الواقعة على إيران والتي تصاعدت شدّتها في أعقاب حملة القمع التي قادتها طهران ضد المعارضين، فإن هذه الخطوة قد لا تنتج عنها تغييرات جذرية في الجغرافيا السياسية للمنطقة.

بحسب الإحصاءات فإن حَجمَ التبادل التجاري بين إيران والدول الأعضاء في المنظمة قد تجاوز 651 مليار دولار أميركي في نهاية العام 2021. وبمجرّد أن تُصبِحَ إيران عضوًا دائمًا في المنظمة ستتمكّن من تعزيز مكانتها بشكلٍ يُساعِدُها على تحييد العقوبات الغربية بدون تقديم تنازلاتٍ للدول التي فرضتها. إضافةً إلى ذلك ستتمكّن إيران من الاستفادة من قوة الصين وروسيا في التعامل مع الضغوط الغربية. في الوقت الحالي، وبينما تنتظرُ إيران حدوث تطوراتٍ جديدة في موقف مجلس الأمن الدولي تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على عقدٍ مدته 25 عامًا مع الصين وعقد طويل الأجل مع روسيا. وهكذا يمكن لعضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون أن تُعزّزَ الأمن الإقليمي وأن تبعثَ برسائل الوحدة والطمأنة.

بيد أن هناك تحدّياتٍ كبيرة يمكن أن تَحولَ دون تحقيقِ هذه الفوائد المرجوة. فإيران ليست دولة جذبٍ  كممرِّ عبورٍ تجاري بسبب القصور الذي تعاني منه شبكات السكك الحديدية والطرق البرية فضلًا عن صعوبة الاستفادة من الموانئ البحرية. ورُغمَ أن التنمية ممكنة، ولكن الدولة تواجه صعوبات كبيرة في تمويل المشاريع التنموية الضخمة، وهي صعوبات لا يُتَوَقَّع أن تخفّفها عضوية إيران في منظمة شنغهاي. علاوة على ذلك فإن استثمارات الصين (وهي من أهم أعضاء المنظمة) والهند في إيران لم تكن على مستوى التوقعات الإيرانية بسبب حرص الدولتين على تجنّب ردّ فعلٍ أميركي حاد وهي مشكلة أخرى لا يُنتظَر أن تحلّها العضوية الرسمية لإيران في المنظمة.

وعلى الرُغمِ من أن الصين تشتري حاليًا صادرات النفط الإيرانية، إلّا أنه من المرجح أن تستمر في وَضعِ قيودٍ على حجم مشترياتها النفطية من إيران في حال أصرّت واشنطن على استمرار فرض عقوبات على طهران. ونظرًا إلى التوتّرات التي أثارتها مشاركة الهند في تطوير ميناء تشابهار الإيراني فمن غير المرجّح أن تستثمرَ الهند بشكل أعمق في إيران. والواقع أن الجمهورية الإسلامية لن تتمكّن من تمويل المشاريع التنموية التي تحتاجها بشدة إلّا إذا تم رفع العقوبات الأميركية، وعليه فإنه على الرغم من تمتّع البلاد بإمكاناتٍ كبيرة في جميع المجالات غير أن حجم التجارة في الوضع الراهن ليس مواتيًا.

ونظرًا إلى احتمالِ تزايد حجم التجارة بين إيران وأعضاء منظمة شنغهاي، وهي مسألة غير مؤكّدة، فإن الدول المجاورة لإيران ستضطر إلى وضع بعض الاحتمالات نصب أعينها. أوّلًا، بالنظر إلى الوضع الحالي للتعاون الاقتصادي والعسكري بين بكين وطهران سيكون من الحكمة أن يفترض اللاعبون الآخرون في الشرق الأوسط أن أيَّ تكنولوجيا تمتلكها الصين ستكون مُتاحة لإيران وبالتالي سيكون على دولٍ مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أن تتنبّه لهذه المسألة عند إبرام اتفاقات السلاح الخاصة بها مع الصين وهي مسألة قد تُثيرُ حفيظة وشكوك كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

وبالرُغم من تخوُّفِ كلٍّ من واشنطن والقدس والرياض وأبو ظبي من عضوية إيران في المنظمة، إلّا أن هذه العضوية قد تُسهِمُ في تقريب تلك الدول من بعضها البعض وتساعد على تعزيز التعاون في المعسكر المناهض لإيران. والحقيقة أن عضوية إيران في منظمة شانغهاي ما كان لها أن تتم إلّا بفضل الديبلوماسية الإيرانية النشطة في السنوات الأخيرة، ولكن العديد من العقبات الجيوسياسية قد تُعيقُ تحقيق الفوائد المرجوّة من هذا الاتفاق.

  • أومود شوكري هو كبير مستشاري السياسة الخارجية، واستراتيجي الطاقة في شركة “Gulf State Analytics“. يمكن متابعته عبر تويتر على: @ushukrik

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى