لماذا على بايدن إبرام اتفاق استراتيجي جديد مع السعودية خلال زيارته المقبلة للمملكة

يزور الرئيس جو بايدن المملكة العربية السعودية في 15 تموز (يوليو) لحضور قمة تجمعه مع مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن. هل ستكون هذه الزيارة مناسبة لعقد صفقة استراتيجية جديدة مع الراياض؟

الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد: هل هما مستعدّان لصفقة أميركية استراتيجية جديدة؟

ستيفن كوك ومارتن إنديك*

ماذا تفعل مع زعيمٍ عربيٍّ غنيٍّ بالنفط لا يمكنك التعايش معه ولكن لا يُمكنك العيش بدونه أيضًا؟ هذه هي المعضلة التي يواجهها الرئيس جو بايدن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. منذ بداية إدارته، أبقى بايدن بن سلمان بعيدًا، رافضًا التعامل معه بسبب ردّه العنيف على المعارضة السياسية في الداخل (سجن المتظاهرات وقطع رأس 81 معارضًا) وفي الخارج (الأمر بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله في العام 2018)، وكذلك قراره بالتدخّل في الحرب الأهلية المستمرة في اليمن، ما جعل الوضع الإنساني السيئ أصلًا هناك أسوأ بكثير. وكان بايدن كمرشَّحٍ رئاسي، عاقدًا العزم على إعادة إدخال القيم في السياسة الخارجية الأميركية ودعم القادة الديموقراطيين بدلًا من المُستَبدّين، أعلن أنه سيعامل المملكة العربية السعودية كدولةٍ “منبوذة”. لكن الآن، أسعار الغاز ترتفع، الأمر الذي يؤجّجُ التضخّم. ويؤدي هذا الوضع إلى انخفاضِ أرقام استطلاعات الرأي لصالح بايدن ويُهدّدُ بشكلٍ كبير بإعاقة المرشّحين الديموقراطيين في انتخابات التجديد النصفية. يبدو أن مفتاح عكس هذه الديناميكية يكمن في يد محمد بن سلمان، لأن بلاده هي المنتج الوحيد للنفط التي تتمتع بقدرة فائضة كافية لتهدئة أسواق الطاقة.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، سوف يسافر بايدن إلى السعودية في تموز/يوليو. ويُبرّرُ مؤيدو هذه الرحلة على أنها صفقة سياسية واقعية كلاسيكية. إن فوائد المصالحة بديهية. بالنسبة إلى بايدن، فإن المزيد من النفط والغاز في السوق العالمية يجب أن يعني الراحة في ضخ البنزين والمازوت والغاز للأميركيين. من خلال إسقاط وتجاهل الاعتراضات على الطريقة التي يحكم بها محمد بن سلمان، سُتقلّل إدارة بايدن من رغبة الحكومة السعودية في توسيع علاقاتها مع الصين وروسيا على حساب الولايات المتحدة – وهو أمرٌ مهم في عصر المنافسة الشديدة بين القوى العظمى. في المقابل، لن يحتاج ولي العهد السعودي بعد الآن إلى الإجابة عن أسئلة حول مقتل خاشقجي ومعاملته لمنتقدي نظامه. المنبوذ سيتحوّل إلى شريك.

من الواضح أن بايدن غير مرتاح لهذا النهج. ووفقًا لموقع “بوليتيكو”، فقد عارض في البداية لقاء محمد بن سلمان، وأخبر مساعديه أن الرئاسة “يجب أن تدافع عن شيء ما”. يبدو أن بايدن قد غيَّرَ رأيه. لكن استراتيجيته الحالية لا تحلّ أيًا من الخلافات الأساسية مع المملكة العربية السعودية. سوف يتم جرفها ووضعها ببساطة تحت البساط. على الرغم من أن أسعار النفط قد تكون معتدلة، فمن غير المرجح أن تفعل ذلك بالسرعة الكافية لمساعدة الأميركيين هذا الصيف أو المرشحين الديموقراطيين في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تتزايد انتقادات الكونغرس، خصوصًا (ولكن ليس حصريًا) من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي، حيث سيؤدي التخلّي عن السياسة القائمة على القيم تجاه ولي العهد السعودي إلى إثارة الغضب. من المرجح أن تظل مبيعات الأسلحة التي تم حظرها أصلًا من قبل الكونغرس على ما هي عليه. سيستمر الصراع في اليمن في التأجّج.

من جانبه، قد يستمتع محمد بن سلمان بإطلاق سراحه من وإخراجه من “المَطهَر”، ولكن على الرغم من أن المصافحة الرئاسية قد تُلَطِّفُ كبرياءه الجريح، إلّا أنها لن تفعل الكثير لطمأنته على المصداقية الأميركية. وبالتالي، مع مرور الوقت، ومع تلاشي آثار الحرب في أوكرانيا، فإن المنطق الكامن وراء مصالحة ضيّقة نسبيًا سيضعف حتمًا، ما يجعل استمرارها أكثر صعوبة. يجب على بايدن بدلًا من ذلك التفكير في إعادة صياغة مفاهيم أكثر جوهرية للعلاقة الثنائية. ما يحتاجه كلا البلدين هو ميثاقٌ جديد يُركّز على مواجهة التهديد الاستراتيجي الكبير الذي يواجهه كلاهما: برنامج إيران النووي.

خطرٌ مُشترك

قد تكون أسعار الغاز والنفط هي العامل المُحفّز في المدى القريب لرحلة بايدن إلى المملكة العربية السعودية، ولكن في صميم أي تقاربٍ يجب أن تكون الحاجة المشتركة لمواجهة إيران. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، تظل إيران المصدر الرئيس لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. لذلك، تحتاج واشنطن إلى شركاء إقليميين موثوقين وقادرين لتحقيق التوازن ومواجهة طموحات طهران المهيمنة والطائفية. يمكن للمملكة العربية السعودية أن تلعب دورًا مهمًا في هذا الصدد، ليس بسبب ثقلها العسكري، وهو أمر غير مهم في ميزان القوى في الشرق الأوسط، ولكن بسبب تأثيرها الهائل في سوق النفط العالمية ودورها الريادي في العالمَين العربي والإسلامي.

بالنسبة إلى السعودية، تُمثّل إيران بالمثل التهديد الرئيس لمصالحها، لا سيما الدفاع عن وطنها، وحماية مصالحها النفطية، والاستقرار الداخلي لأصدقائها في المنطقة. يشعر السعوديون بالقلق من أن الولايات المتحدة تفضل التكيّف مع طموحات إيران الإقليمية بدلًا من مواجهتها. مع اقتراب إيران من عتبة الأسلحة النووية، أصبح السعوديون يركزون على الكيفية التي يمكن بها للقدرات النووية أن توفر لإيران الحماية من مشاكل إقليمية أكبر.

وهذا يُفسّرُ سبب طرح محمد بن سلمان الفكرة مع مسؤولي إدارة بايدن بشأنِ ضمانٍ أمني مُشابه لالتزامات الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث يتم التعامل مع أيِّ هجوم على المملكة العربية السعودية على أنه هجومٌ على الولايات المتحدة. وعلى الرغم من انتقاداته لمعاملة بايدن له، يتطلّع محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة لتوفيرِ رادعٍ أكثر موثوقية ضد طموحات إيران النووية والإقليمية ووسائل أكثر فاعلية للسعودية للدفاع عن نفسها ضد هجمات الصواريخ والطائرات المُسَيَّرة التي يشنها وكلاء إيران. وهذا يفتح الباب أمام إعادة تصوّرٍ أكثر جوهرية للعلاقات الأميركية-السعودية.

سوف تتطلب المحتويات الدقيقة لاتفاقٍ جديد بين البلدين مفاوضات مُفصَّلة، ولكن يمكن تحديد العناصر الأساسية. بالنظر إلى عدم الثقة الموجود الآن في العلاقة وصعوبة بعض الخطوات، سيكون من الضروري اعتماد نهجٍ تدريجي، لكن يجب على بايدن محاولة وضع خارطة طريق في محادثاته في الرياض في تموز/يوليو.

صفقة أكثر واقعية

بسبب المكانة المتدنية للمملكة العربية السعودية في الكونغرس ومع الشعب الأميركي، فإن الالتزام الشبيه بحلف شمال الأطلسي تجاه المملكة العربية السعودية هو ببساطة غير قابل للتحقيق حتى لو كان مرغوبًا فيه. لكن في زيارته المقبلة إلى المملكة، يمكن لبايدن أن يكرر علنًا التزامه بمنع إيران من حيازة أسلحة نووية وأن يُضيفَ تعهّدًا أكثر عمومية، أعلنه الرئيس جيمي كارتر لأول مرة في العام 1980، لمنع أي محاولة من قبل قوةٍ مُعادية للسيطرة على منطقة الخليج.

يمكن للولايات المتحدة بعد ذلك الدخول في اتفاقية إطارِ عملٍ استراتيجي مع المملكة العربية السعودية كما فعلت مع سنغافورة، على سبيل المثال. تنص هذه الاتفاقية على التزام الولايات المتحدة بتعزيز التعاون الدفاعي والأمني ​​الثنائي للتعامل مع التهديدات المشتركة وتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين. في حين أن هذا المزيج لا يوفر ضمانًا أمنيًا، فإنه سيُلزِمُ الولايات المتحدة بالحفاظ على توازن مُلائم للقوى في المنطقة وتوفير الوسائل اللازمة للسعودية للدفاع عن نفسها من خلال تعاون دفاعي أوثق مع الولايات المتحدة. يمكن دعم هذه الالتزامات الشفهية من خلال إنشاء آليات استشارية رسمية، وتدريبات عسكرية مشتركة، ودفاعات متكاملة، وغيرها من مظاهر القوّة الصارمة للالتزام الأميركي بالأمن السعودي. بمرور الوقت، إذا تمَّ تبرير درجة أعلى من المعاملة بالمثل من خلال السلوك السعودي، يمكن للولايات المتحدة الاقتراض من قانون علاقات تايوان والالتزام بالتعامل مع أي هجوم على المملكة العربية السعودية باعتباره تهديدًا للسلام والأمن في الخليج و”مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة”. وبالمثل، يمكن أن يلتزم بايدن بتوفير الأسلحة اللازمة لتمكين السعودية من “الاحتفاظ بقدرات دفاع عن النفس كافية”. سيتطلب ذلك، بالطبع، موافقة الكونغرس، والتي لن تكون وشيكة إلّا إذا تمكّنت إدارة بايدن من الإشارة إلى الإجراءات السعودية التي تُبرِّر ذلك.

إذا انهارت المفاوضات الحالية بشأن الاتفاق النووي الإيراني واستمرّت إيران في دفع برنامج أسلحتها النووية، فستحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى النظر في تمديد مظلّة نووية إلى المملكة العربية السعودية مُقابل التزامٍ سعودي بالتخلّي عن أيِّ حيازة نووية مستقلة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم. إن تزويدَ السعودية بشكلٍ ما من أشكال المظلّة النووية سيُمثّل التزامًا بعيد المدى من قبل الولايات المتحدة للردّ على هجوم نووي محتمل على المملكة. لكن الولايات المتحدة التزمت أصلًا بمنع إيران من حيازة أسلحة نووية. وكلّما بدا هذا الالتزام موضع شك، أصبح الردع الموسع ضروريًا. قد يكون البديل هو أن تسعى المملكة العربية السعودية إلى الحصول على أسلحة نووية خاصة بها، الأمر الذي سيؤجّج سباق التسلّح النووي في الشرق الأوسط.

المُبادلة السعودية

في الوقت الذي يخوض بايدن حربًا بالوكالة مع روسيا، ويواجه الصين في آسيا، ويتنافس مع مواطنيه الأميركيين الذين سئموا الحروب في الشرق الأوسط، سيكون من الصعب إعطاء التزام أمني جديد لحاكم الخليج الذي لا يحظى بشعبية كبيرة في ال”كابيتول هيل”. لجعل الأمر مُجديًا بالنسبة إلى بايدن ولتحسين فُرَصه في تسويقه للكونغرس والجمهور الأميركي، سيحتاج محمد بن سلمان إلى اتخاذ خطواتٍ متبادلة عدة من شأنها إثبات رغبته في أن يكون شريكًا موثوقًا به.

أوّلًا، ستحتاج المملكة العربية السعودية إلى تقديم التزامٍ رسمي مفتوح أكثر لاستخدام فائض إنتاجها من النفط لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط عند مستويات معقولة، وإنهاء اتفاقية حصة الإنتاج مع روسيا، والتي تُقيِّد كمية النفط التي يمكن أن توفرها المملكة العربية السعودية للسوق، وإمداد أوروبا بديلًا من صادرات النفط الروسية. ستمثل مثل هذه الإجراءات مساهمة إستراتيجية في فعالية العقوبات ضد روسيا، وتحسين مكانة محمد بن سلمان في واشنطن.

ستحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى التوصل إلى تفاهم مع المملكة بشأن إنهاء حربها في اليمن. في أوائل نيسان (إبريل)، وافق محمد بن سلمان على هدنةٍ لمدة شهرين مع الحوثيين، تم تمديدها أخيرًا. كما أشرف على إنشاء مجلس رئاسي مُكَلَّف بالسعي إلى إنهاء تفاوضي للصراع اليمني. لسوء الحظ، ليس لدى الحوثيين حافزٌ كبير للتعاون في مثل هذه العملية بينما لا يزالون يعتقدون أن بإمكانهم تحقيق مكاسب في ساحة المعركة. إن استئنافَ حملة القصف السعودية ردًا على تجدّد العمل العسكري الحوثي سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة، ويؤجج الغضب في الكونغرس الأميركي، ولن يفعل شيئًا لإنهاء الحرب. لا يخدم أيٌّ من هذا المصالح السعودية، لذلك يحتاج محمد بن سلمان إلى البدء في التخطيط – بالتعاون مع الولايات المتحدة – لانسحابٍ سعودي أحادي الجانب من اليمن.

هذا النهج سيضع عبءُ مواصلة الحرب على الحوثيين ويساعد على إنقاذ سمعة السعودية في أميركا. كما أنه سيُوفّر المُبَرِّرُ للرياض  للعمل دفاعًا عن النفس إذا واصل الحوثيون هجماتهم على الأراضي السعودية. من خلال الانسحاب أحادي الجانب، سيتجنّب السعوديون الاعتماد على إيران لتسليم الحوثيين إلى طاولة المفاوضات وبالتالي منعها من الحصول على ثمن للقيام بذلك. من شأن استعداد السعودية لإنهاء الحرب بهذه الطريقة أن يوفر أسبابًا إضافية لإدارة بايدن للالتزام بالدفاع عن السعودية، لا سيما من خلال تزويدها بالأسلحة والتكنولوجيا لمواجهة هجمات الحوثيين.

في مقابل الالتزام الأمني ​​الأميركي، سيحتاج محمد بن سلمان أيضًا إلى اتخاذ المزيد من الخطوات نحو تطبيع علاقات المملكة مع إسرائيل، مثل حقوق التحليق، والرحلات الجوية المباشرة للمواطنين المُسلمين الإسرائيليين والفلسطينيين لأداء فريضة الحج إلى مكة، والاتصالات المباشرة، والمشاركة السعودية مع إسرائيل في اجتماعاتٍ إقليمية وفتح مكاتب تجارية. وهذا من شأنه أن يساعد على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الإسرائيلية-العربية التي تجسّدت في اتفاقات أبراهام وقمة النقب في آذار/مارس 2022، والتي أدخلت مصر في دائرة الاتفاقات. هذه الخطوات نحو التطبيع من شأنها إضفاء المزيد من الشرعية على الدور العسكري لإسرائيل في العالم العربي وتسهيل التعاون الاستراتيجي ضد إيران.

إن اتخاذ خطوات هادفة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل من شأنه أن يُغيِّرَ الطريقة التي ينظر بها أعضاء الكونغرس إلى المملكة العربية السعودية الذين يعتقدون أن تعزيز أمن إسرائيل ورفاهها يخدم المصالح الأميركية. كما ستحظى بدعم المجتمع المؤيد لإسرائيل في أميركا. ومع ذلك، لتبرير مثل هذه الخطوات للملك سلمان ورعاياه، سيتطلّب الأمر من محمد بن سلمان إحراز تقدّم في حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. بالنسبة إلى إسرائيل، السعودية هي جوهرة التاج في عملية التطبيع. يمكن للولايات المتحدة استخدام الاستعداد السعودي لبدء تطبيع العلاقات لتشجيع إسرائيل على اتخاذ خطوات متبادلة تجاه الفلسطينيين، مثل تجميد النشاط الاستيطاني خارج الحاجز الأمني ​​الإسرائيلي والتنازل عن المزيد من أراضي الضفة الغربية للسيطرة الفلسطينية، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على إعادة بناء الثقة وتوفير أساس للمفاوضات النهائية للوضع النهائي حول معاهدة سلام للإسرائيليين والفلسطينيين. المشاركة السعودية العلنية في هذا الجهد، إلى جانب مصر والأردن، يمكن أن تفعل الكثير للمساهمة في التسويات النهائية اللازمة لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

أخيرًا، إذا أراد بايدن ومؤيدوه تجاوز اشمئزازهم من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال حكم الأمر الواقع لمحمد بن سلمان، فسيحتاج ولي العهد إلى التوقف عن قمع المعارضة السياسية السلمية ومواصلة تقييد المؤسسة الدينية في البلاد، وتقييد صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنح حقوق متساوية للمرأة، وتعزيز صورة إصلاحية شاملة ومتسامحة للإسلام على الصعيد الدولي. يجب عليه أيضًا أن يُكرّرَ اعترافه العلني بأنه يتحمل المسؤولية عن مقتل خاشقجي وسيحرص على عدم حدوث شيء كهذا مرة أخرى.

المطلوب جرأة

من المُسَلَّم به أن اتخاذ التزام أميركي أمني جديد في الشرق الأوسط قد يبدو وكأنه رفضٌ لجهود الرؤساء الثلاثة الأخيرين لإنهاء انخراط الولايات المتحدة في صراعات الشرق الأوسط. ومع ذلك، فبدون دعم الولايات المتحدة لنظام شرق أوسطي أكثر استقرارًا، ستنجر أميركا مرة أخرى إلى صراعات هناك في وقت أقرب مما يتخيله الأميركيون المُنهَكون من الحرب لأن الأحداث في الشرق الأوسط تؤثر بشكل مباشر في المصالح الأمنية الأميركية. علاوة على ذلك، خلقت الأزمة في أوكرانيا والبرنامج النووي المتقدم لإيران معًا لحظة مرنة أصبح من الممكن فيها التفكير في إجراء تعديلات كبيرة على العلاقات الأميركية-السعودية وضرورية لتحقيقها.

سيتعين على المملكة العربية السعودية أيضًا تقديم تضحيات صعبة لتحقيق الاتفاق الجديد، وكسر اتفاقها النفطي مع روسيا وتعاونها المزدهر مع الصين، والعودة إلى الفلك الأميركي بكل ما قد يعنيه لسياسات محمد بن سلمان في الداخل، وفي الخارج أيضًا. ومع ذلك، لإدارة الأزمات المتعددة لهذه الحقبة في الشرق الأوسط وخارجه، تحتاج الولايات المتحدة إلى شريكٍ سعودي مسؤول، والمملكة العربية السعودية بحاجة إلى شريكٍ أميركي موثوق. هذه هي اللحظة المناسبة لبايدن ليحقق نجاحًا كبيرًا في علاقته مع المملكة العربية السعودية، أو الأفضل له عدم الزيارة والبقاء في البيت الأبيض.

  • ستيفن كوك هو زميل قديم في “إيني إنريكو ماتي” لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية. يمكن متابعته عبر تويتر على: @stevenacook. مارتن إنديك هو سفير أميركي سابق في إسرائيل وزميل مُتَمَيِّز في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك. يمكن متابعته عبر تويتر على: @Martin_Indyk
  • هذا المقال مُقتَبس من تقرير مجلس العلاقات الخارجية الخاص المقبل: (The Case for a New U.S.-Saudi Strategy Compact، 94 ، June 2022 ، Council on Foreign Relations).
  • يصدُرُ هذا التقرير بالعربية في “أسواق العرب” توازيًا مع صدوره بالانكليزية في “فورين أفّيرز” الأميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى