من ترامب الى بايدن: العرب على الهامش؟

بقلم عرفان نظام الدين*

مرّ أسبوعٌ على إخراج دونالد ترامب من البيت الابيض ودخول جو بايدن حاملاً راية عهدٍ جديد يُزيل فيه أخطاء وقرارات سلفه ويُعيد الأمل للجميع في الداخل والخارج باستثناء العرب الذين سيخرجون من المولد بسلّةٍ شبه فارغة.

وتُضحكُني جحافل المُحلِّلين في الفضائيات العربية عندما أسمع منهم تحليلاتٍ تُوحي بأنّ كلّ اهتمامات بايدن ستنصبّ على منطقتنا وايجاد الحلول السحرية لأزماتها مع أننا نعرف، من التجارب، أن التفاؤلَ سيتحوّل إلى تشاؤمٍ وأن الآمال ستُصبح خيبات أمل. هذا ما تعوّدنا عليه بين رئيس ورئيس، لأن الذي يتغيّر هو الأسلوب مع بعض التعديلات في السياسة العامة، أما الاستراتيجية فهي واحدة في كل العهود، وأول عناوينها دعم اسرائيل واستنزاف ثروات العرب لقاء وعودٍ وهمية.

ولعلّ أبرز معالم الدرس البليغ الذي خرجنا به من معطيات المعركة ونتائجها هو ما جرى من تثبيت هذا الموقف. فقد وجّه اللوبي الصهيوني صفعةً عنيفة لترامب رُغم كل ما قدّمه لإسرائيل من مواقف صادمة مثل الإعتراف بضم القدس والجولان والضفة الغربية وإسرافه في منح حقٍّ لا يملكه إلى طرفٍ مُحتَلّ غير شرعي .

هذا الدرس يجب ان يُوَجّه للقادة الأميركيين بالذات بأن اسرائيل لا وفاء لها لأن اللوبي الصهيوني تعوَّد أن يأخذ ولا يشبع لينطبق عليه مقولة: كلّما قلت له خُذ قال هاتِ أكثر. فرُغم هبات ترامب وعطاياه غير الشرعية صوّت اليهود ضدّه في الإنتخابات ودعموا منافسه ورفضوا دعمه في ادعاءاته بتزوير الإنتخابات، ثم في خطوات بدء محاكمته في مجلس الشيوخ بعدما أدانه مجلس النواب.

وجاء بايدن ومعه شلّة من المساعدين اليهود، وعيّنهم في مناصب حساسة بدءاً من وزارة الخارجية، والمخابرات العامة، والمخابرات الوطنية، وإدارة الأمن الداخلي، إضافةً الى زوج نائبته كاميلا هاريس المؤيد لإسرائيل وأولاده الثلاثة.

هذه البانوراما تُعطي صورةً واضحةً عن الاستراتيجية المقبلة مع توقّع تغييرٍ في الأسلوب، وتغيير آخر في معالجة الملف النووي الإيراني، واحتمال بدءً مفترضات للوصول الى اتفاقٍ مُعدَّل مع إيران.

أما العرب فما عليهم إلّا الدعاء، والعمل على إصلاح ما دمّره سلفه، وما تسبّب فيه من شروخٍ وتوريط بعض العرب في التطبيع مع إسرائيل، لعلّهم يجدون مخرجاً عبر التعلّم من الخيبة التي أصابت ترامب وخذلانه تاركاً العرب حائرين بعد أن أدخلوا الدب الى كرمهم.

تبقى ملاحظة أخيرة تُثير الإعجاب وتدفعنا للغيرة من الأميركيين، وهي النجاح في انتقال السلطة بسلام رُغم التهديدات والمخاوف من تكرار غزوة ال”كابيتول هيل”، لعلّنا نحظى في يوم من الأيام بنعمة التداول على السلطة والقبول باللعبة الديموقراطية، والإعتراف بفوز المُنافس الآخر ولو بفارق صوتٍ واحدٍ بعيداً من التهديد والوعيد والتزوير بهدف احتكار السلطة.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي عربي. كان رئيساً لتحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى