يجب على العرب ألّا يُكرّروا التجربة السورية في ليبيا

بقلم كابي طبراني

لا شكّ أن الإجتماع الأخير لجامعة الدول العربية، في 23 حزيران (يونيو)، هو خطوة أولى جيدة لفرضِ دورٍ عربي رائد في الصراع الليبي. وبدعمه المبادرة المصرية، يُوضّح العالم العربي لجميع الأطراف الأجنبية الضالعة في النزاع، وبخاصة تركيا، أن التجربة السورية لن تتكرّر.

في سوريا، استسلم العرب وانسحبوا في وقت مُبكر من الصراع، الذي استمر على مدى 9 سنوات… وقد سمح غياب الدور العربي في بلاد الشام للاعبين المُعادين الأجانب، وخصوصاً إيران وتركيا وروسيا والميليشيات المتحالفة مع طهران، أن تكون لهم الكلمة الفصل في تلك الدولة العربية، وترويع شعبها وتقرير مستقبلها.

في جميع المؤتمرات الدولية التي كانت تهدف إلى تسوية النزاع السوري، ادّعى هؤلاء اللاعبون الأجانب بشكل غريب أنهم يتحدّثون نيابة عن الشعب السوري.

في ليبيا، لم يَفُت الأوان بعد لمساعدة الشعب الليبي. لا تزال هناك فرصة كبيرة لدورٍ عربي يُحافظ على سيادة البلاد وسلامة أراضيها.

تحدث وزراء الخارجية العرب في اجتماع عن بُعد عبر الإنترنت في الأسبوع الفائت بصوتٍ واحد ضد التدخل العسكري الأجنبي، بينما شدّدوا على الحاجة إلى حلٍّ سياسي شامل.

كان موقف غالبية الدول العربية في الإجتماع واضحاً للغاية. يجب أن يكون هناك وقفٌ فوري لإطلاق النار يُمهّد الطريق إلى حلٍّ سياسي لاستعادة الأمن والإستقرار في ليبيا.

ورحّبت كلٌّ من روسيا وبعض الدول الأوروبية بإعلان القاهرة، فيما تجاهلته حكومة فايز السرّاج في طرابلس، ورفضته تركيا، ونأت الولايات المتحدة بنفسها عنه.

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، الدكتور أنور قرقاش، لنظرائه العرب إن دولة الإمارات تدعو إلى “وضعِ حدٍّ لإراقة الدماء والتصعيد الإقليمي في ليبيا والتدخل التركي [الذي] يُهدّد أيضاً الأمن القومي لمصر”.

كما طالب وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في كلمته بحل الخلافات بالطرق السلمية وتوحيد الكلمة لمنع التدخلات الخارجيّة في الشأن العربي. وذكر أن العراق يدعم جميع المبادرات الإقليمية والدولية التي تساعد في تعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا. وأوضح أن بغداد ترفض التدخلات الخارجيّة في الشؤون الداخلية الليبية، وتدعو للحفاظ على وحدة ليبيا حكومةً وشعباً.

بدوره أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن الاجتماع ينعقد بإجماع عربي على حلٍّ سياسي للأزمة الليبية يحفظ وحدة ليبيا وأمنها واستقراراها، و”على أن طريق هذا الحل هو حوار ليبي- ليبي بإسناد عربي أممي على أساس المرجعيات المعتمدة والمبادرات، والتي تشمل إتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين وإعلان القاهرة”.

ورحّب الصفدي باقتراح وزير خارجية المملكة المغربية، ناصر بوريطة، تشكيل فريق عربي مُصَغَّر لوضع تصوّرٍ استراتيجي لتحرّكٍ عربي جماعي لحل الأزمة الليبية.

وقد ترأس الإجتماع وزير الشؤون الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، الذي لعب دوراً رئيساً في الحصول على إجماع عربي على حلّ جدّي لإنهاء النزاع، من خلال المصادقة على المبادرة المصرية وتأييدها.

المُبادرة التي أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت سابق، تدعو إلى وقف إطلاق النار، والإلتزام بحظر تصدير السلاح إلى طرفَي النزاع، وإجراء محادثات فورية بالإضافة إلى خروج جميع المقاتلين الأجانب، بمَن فيهم المرتزقة الذين ترعاهم تركيا، التي يبدو أن رئيسها رجب طيّب أردوغان هو في مهمة لإعادة تأسيس وإحياء جماعة “الإخوان المسلمين” في المنطقة.

يتضمّن البيان المصري أيضاً مُقترحات لإعادة بناء الإقتصاد الليبي وإصلاح مؤسساته تحت إشرافٍ برلماني، واستعادة الدور الحيوي للبنك المركزي والمؤسسات النفطية في البلاد “في إطارٍ من الشفافية والتوزيع المُتساوي للموارد”.

المهم في اجتماع وزراء الخارجية العرب هو الإتفاق الساحق على الحاجة إلى دورٍ مركزي عربي في إنهاء الأزمة وتحقيق تطلعات الشعب الليبي للعيش في بلد مُوَحَّد ومُزدهر ومُستقر. ليس هناك بديل آخر. الدرس السوري مؤلمٌ للغاية ولا يُمكن تجاهله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى