هل تَتَّفِق الكويت والمملكة العربية السعودية مُجَدَّداً على إعادة إنتاج النفط في المنطقة المحايدة؟

تسعى دولة الكويت إلى زيادة إنتاجها من الهيدروكربونات، لذا تعمل في جميع الإتجاهات لتحقيق هذا الأمر، بما في ذلك الإتفاق مجدداً مع المملكة العربية السعودية على إعادة الإنتاج إلى المنطقة المحايدة المُقسَّمة.

 

مؤسسة البترول الكويتية: خطة طويلة الأمد لتوسيع إنتاج النفط والغاز

 

الكويت – علي الشعلان

تحرّكت الكويت أخيراً لتوسيع قطاع الطاقة لديها، بعد أن استأنف المسؤولون فيها محادثاتهم مع نظرائهم السعوديين حول إنتاج النفط في المنطقة المحايدة المُقسَّمة.

في 24 تموز (يوليو) الفائت، قام الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الدولة لشؤون الطاقة في المملكة العربية السعودية، بزيارة إلى الكويت لمناقشة النقاط التقنية المُتعلّقة بإعادة فتح أنشطة التنقيب في المنطقة المُحايدة بين البلدين، وأشار إلى أنه تم حلّ معظم القضايا الرئيسة.

إن المنطقة المحايدة التي تبلغ مساحتها 5770 كيلومتراً مربعاً، والتي تُركت من دون تحديد بعد إنشاء الحدود بين المنطقتين في العام 1922، قادرة على إنتاج 500,000 برميل يومياً من النفط، أي ما يعادل حوالي 4 ٪ من الإنتاج المشترك للبلدين فى حزيران (يونيو).

وكانت السعودية والكويت توصلتا إلى اتفاق في 6 تموز (يوليو) 1965 على تقسيم المنطقة المحايدة بتوقيع كلٍّ من الشيخ جابر الأحمد الصباح وزير المالية والصناعة والتجارة الكويتي آنذاك، وأحمد زكي يماني وزير البترول والثروة المعدنية السعودي. وكانت أهم نقاط الاتفاقية:

  • تقسيم المنطقة المحايدة إلى قسمين: شمالي يُضَمّ إلى الكويت، وجنوبي يُضَمّ إلى السعودية؛
  • تكون لكل دولة سلطة الإدارة والقضاء والدفاع في المنطقة التي تضمّها؛
  • تشتمل المنطقة المُقسّمة على الأرض والشواطيء والمياه المحاذية لها، من دون المناطق البحرية البعيدة منها؛
  • تكون للدولتين حقوق متساوية من الثروات الطبيعية في المنطقة المقسومة، بما في ذلك المنطقة البحرية، إلى مسافة ستة أميال بحرية من الشاطىء؛
  • تضمن الدولتان إتفاقية الإمتياز التي عقدها الطرفان، ويتم احترام الحقوق المنصوص عليها؛
  • منع الإزدواج الضريبي وتسهيل نقل الأفراد العاملين في تطوير الثروات الطبيعية من القسمين.

بعد مضي خمس سنوات على عملية التوقيع، دخل الإتفاق حيّز التنفيذ في 21 أيار (مايو) 1970، ونتيجة لذلك أصبحت الوفرة تابعة لدولة الكويت.

وهكذا فقد أدارت الدولتان الجارتان بعدها حقلين نفطيين مُشتَرَكين – الخفجي والوفرة – في المنطقة؛ ومع ذلك، فقد توقّفت الأعمال في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 وأيار (مايو) 2015 في أعقاب المخاوف البيئية والنزاعات حول استخدام الأرض. وكان من المتوقع إستئناف الإنتاج في أواخر العام 2016، ولكن لم يتم ذلك ولم يُتّخذ أي إجراء.

على الرغم من أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد، فإن المسؤولين في البلدين يأملون في أن تؤدي المحادثات الثنائية الأخيرة إلى استئناف الإنتاج. وقد صرّح خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والموارد المعدنية في المملكة العربية السعودية، في شباط (فبراير) الفائت، أنه يتوقع التوصّل إلى اتفاق قبل نهاية هذا العام.

التوسع في الإنتاج

في حين أن الكويت مُلزَمة حالياً بحصص إنتاج منظمة البلدان المُصدّرة للنفط (أوبك)، والتي من المتوقع أن تظل سارية المفعول على الأقل حتى آذار (مارس) من العام المقبل، فإن أي استئناف للنشاط في المنطقة المحايدة من شأنه أن يُساعد على تحقيق الأهداف طويلة الأجل لتوسيع جزء المنبع.

على الرغم من زيادة الإنتاج إلى حوالي 2.7 مليوني برميل في اليوم منذ فرض حصص “أوبك” في العام 2017، فإن الكويت لا تزال دون هدف المنظمة. ومع ذلك، تهدف الإمارة إلى زيادة هذا الرقم إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول العام 2020، ومن المأمول أن يأتي 350 ألف برميل يومياً من المنطقة المحايدة.

تحقيقاً لهذه الغاية، أعلنت شركة نفط الكويت المملوكة للدولة في 1 تموز (يوليو) الفائت عن توقيعها على عقد مدته ثلاث سنوات بقيمة 597 مليون دولار مع شركة خدمات النفط الأميركية “هاليبرتون”، والذي بموجبه ستقوم الشركة بحفر ست آبار بضغوط عالية وحرارة مرتفعة للتنقيب البحري في موقعين في المياه الكويتية قبالة الساحل.

ومن المقرر الإنتهاء من المرحلة الأولى من المشروع في تموز (يوليو) 2020، تليها المرحلة الثانية في كانون الثاني (يناير) 2021. وقد توقع عماد سلطان، الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت، بأن يصل الإنتاج البحري إلى 100,000 برميل في اليوم في المستقبل.

الإستثمار في الغاز الطبيعي والتكرير

تشمل خطط الكويت الطموحة لإنشاء صناعة طاقة متكاملة أيضاً إنتاجاً أكبر للغاز الطبيعي.

تعتزم الدولة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي غير المصاحب بشكل كبير، من مستويات السنة المالية 2017/2018 التي تبلغ 215 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً إلى ملياري قدم مكعبة بحلول العام 2040.

وتشمل المشاريع الحديثة في هذا القطاع حفر 15 بئراً عميقة في التكوينات الجوراسية في شمال البلاد على مدار السنة المالية 2016/2017.

يبدو أن زيادة الإستثمار كان لها تأثير، مع ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي غير المصاحب بنسبة 66.7٪ على مدار السنة المالية 2017/2018، وفقاً لبيانات شركة نفط الكويت.

وفي مكان آخر، تُبذل الجهود لزيادة طاقة المصب.

من جهتها حدّدت مؤسسة البترول الكويتية، وهي المظلة الشاملة لأصول الهيدروكربونات في الكويت، خططاً لزيادة طاقة التكرير المحلية إلى ثلاثة أضعاف تقريباً، من 701,000 برميل يومياً في العام 2017 إلى 2 ملياري برميل بحلول العام 2035، من خلال تحديث المصافي القائمة وبناء منشآت جديدة.

وتشمل المشروعات الكبرى مصفاة تكرير ضخمة في الزور في جنوب الإمارة حيث ستبلغ تكلفتها 13 مليار دولار، وتصل سعتها إلى 615 ألف برميل يومياً، ومن المتوقع أن يتم تشغيلها قبل نهاية العام 2020؛ ومحطة لاستيراد الغاز الطبيعي المُسال بسعة يومية تبلغ 3 ملايين وحدة حرارية بريطانية؛ ومصنع للبتروكيماويات بطاقة 2.8 مليوني طن سنوياً، الذي من المتوقع أن يتم افتتاحه في العام 2024.

الأثر الإقتصادي

يجب أن يكون لتوسعة وتحديث أصول الكويت من النفط والغاز تأثير كبير في الإقتصاد الأوسع.

بالنظر إلى أن قطاع الطاقة يُمثّل حوالي 90٪ من الإيرادات والصادرات معاً، فإن الإزدهار الإقتصادي مرتبطٌ بشكل قوي بالصناعة الهيدروكربونية.

وبالتالي، ينبغي أن يؤدي التوسع في طاقة المنبع والمصب إلى دفع النمو في القطاعات غير النفطية المرتبطة بها مثل الهندسة والمشتريات والبناء وخدمات الدعم.

لقد نما الناتج المحلي الإجمالي في دولة الكويت بنسبة 2.6٪ في الربع الأول من هذا العام، وفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الكويتي، ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن يتسارع النمو إلى 2.9٪ في العامين 2020 و2021 ، إرتفاعاً من 1.7٪ في العام 2018 و3.5٪ تقلّصاً في العام 2017.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى