إتجاهات جديدة تواجه قطاع التجزئة في المملكة العربية السعودية

يعرف قطاع التجزئة في المملكة العربية السعودية تحوّلاً في اتجاهاته مع بدء تنفيذ قوانين جديدة وسَعوَدة اليد العاملة ودخول المرأة إلى سوق العمل.

الوافدون الأجانب في السعودية: بدأ عددهم بالإنخفاض

الرياض – راغب الشيباني

إن تغيّر اتجاهات سوق العمل، والذي يرجع جزئياً إلى الجهود المبذولة لزيادة عدد المواطنين المحليين في القوى العاملة، يحوّل اقتصاد المملكة العربية السعودية وقطاع التجزئة على وجه الخصوص.
غادر أكثر من 264,000 أجنبي سوق العمل السعودية في الربع الثالث من العام الفائت، وفقاً للبيانات الصادرة في 3 آذار (مارس) الفائت عن المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية، مما خفّض إجمالي عدد العمال الأجانب في المملكة من 7.4 ملايين في الربع السابق إلى 7.2 ملايين.
وقد جاء الإنخفاض بسبب تطبيق أنظمة السَعوَدة التي تهدف إلى الحد من عنصر العمالة الوافدة في القوى العاملة وخفض معدل البطالة بين المواطنين السعوديين من 12.9 ٪ في كانون الثاني (يناير) 2019 إلى 9 ٪ بحلول نهاية العام المقبل.
ومن المتوقع أيضاً أن يُعزّز الدفع للامتثال للقوانين الجديدة نمو الأجور، حيث يسعى أصحاب العمل إلى جذب أو الإحتفاظ بموظفين مؤهّلين من مجموعة أصغر من العمال.
في الواقع، في مسحها السنوي للرواتب، ذكرت شركة التوظيف “روبرت والترز” أن الأجور ارتفعت بنسبة 2٪ في جميع المجالات في العام 2018، ويُعزى ذلك جزئياً إلى ارتفاع الطلب على الموظفين.

إتجاهات القطاع لتوفير التحديات والفرص

من المقرر أن يكون لهذه التغييرات في سوق العمل تأثير خاص في قطاع البيع بالتجزئة.
بينما من المتوقع أن يُساهم انخفاض عدد العمال الأجانب في انخفاض عدد عملاء التجزئة، إلا أنه من المتوقع أن يؤثر النمو في العمالة المحلية والقوة الشرائية بشكل إيجابي على مبيعات التجزئة.
وفي الوقت نفسه، من المقرر أن يأتي جزء من هذا الارتفاع في نشاط سوق العمل من العدد المتزايد من النساء اللواتي يدخلن سوق العمل، مدعومةً بزيادة الحركة، مع منح النساء الحق في قيادة السيارات اعتباراً من حزيران (يونيو) من العام الماضي.
في ظل الإصلاحات التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2016، يتم فتح عدد متزايد من قطاعات الإقتصاد للسماح بتشغيل النساء، بما في ذلك تجارة التجزئة.
وفقا لأحدث الأرقام المتاحة من الهيئة العامة للإحصاء، يشكل المواطنون السعوديون 48.4 ٪ من القوى العاملة للبيع بالتجزئة، مع ما يقرب من نصف هؤلاء الموظفين، حوالي 125,000، من النساء.
ساعد هذا التمثيل القوي في القوى العاملة للبيع بالتجزئة على رفع معدل المشاركة الإقتصادية للمرأة السعودية الإجمالية إلى 19.7٪ اعتباراً من نهاية أيلول (سبتمبر)، إرتفاعاً من 19.6٪ في حزيران (يونيو) ، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء المنشورة في كانون الثاني (يناير).

درء تحدّي الإنترنت

في مواجهة التحدي المتزايد المتمثل في التسوّق عبر الإنترنت، سعى قطاع التجزئة في الأسواق الواقعية إلى تنويع عروضه لتأمين قاعدة عملائه، موفّراً مجموعة متزايدة من مرافق الترفيه والتسلية.
من المتوقع أن تؤدي عودة السينما إلى المملكة في نيسان (إبريل) من العام الماضي بعد توقف دام 35 عاماً، إلى جانب أشكال أخرى من الترفيه العام، إلى زيادة مبيعات التجزئة.

زيادة وعي المستهلك

مع ذلك، أدى انخفاض النمو في الإقتصاد الأوسع إلى الضغط السلبي على سوق التجزئة المحلية في السنوات الأخيرة.
لقد تغيرت الديناميات العامة في سوق السلع الاستهلاكية السريعة الحركة على مدى السنوات القليلة الماضية: تكلفة ممارسة الأعمال التجارية في ارتفاع، عدد السكان ينمو ويزداد سناً، والدخل التقديري ينخفض بسبب انخفاض في عائدات النفط.
ووفقاً لأرقام الصناعة، فإن إحدى نتائج انخفاض الإنفاق التقديري هي أن المستهلكين السعوديين أصبحوا أكثر وعياً بالأسعار، حيث تحولوا إلى سلع مماثلة عندما ارتفعت الأسعار الأصلية.
وقد تم التأكيد على هذا التحوّل في قطاع البيع بالتجزئة من خلال نتائج مسح اتجاهات المستهلكين الأخير الذي أجرته شركة الأبحاث العالمية “نيلسن” (Nielsen).
بينما أظهر الإستطلاع، الذي تم إصداره في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2018، أن معنويات المستهلكين لا تزال إيجابية في الربع الثالث من العام الماضي – حيث بلغ المؤشر 106 نقاط، وهو المؤشر نفسه لألمانيا وسويسرا – فقد سجّل المؤشر نقطة واحدة أقل عن التقرير السابق الذي كان يقيس الربع الثاني.
تضمنت العوامل التي تؤثر في قطاع السلع الاستهلاكية السريعة الاستهلاك زيادة الضرائب على محتوى السكر في المنتجات، والتي تم تقديمها في منتصف العام 2017، وفرض ضريبة القيمة المضافة في بداية العام 2018 وتزايد عدد العمال الوافدين الذين يغادرون المملكة.
أشار الإستطلاع إلى أن 80٪ من المستهلكين السعوديين قالوا إنهم أكثر وعياً بأسعار البقالة، حيث قال 30٪ من المشاركين أنهم غيّروا العلامات التجارية استجابةً للتسويق.
في مواجهة هذه الديناميات المتغيّرة للسوق، من المحتمل أن يحتاج تجار التجزئة والمعلنون إلى الإستجابة بعرض أكبر موجه نحو النساء والمواطنين السعوديين، إلى جانب عرض أوسع للسلع المُخفَّضة السعر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى