و…أخيرًا تشارلز يُتَوَّجُ ملكًا على المملكة المتحدة

عرفان نظام الدين*

كان في الثالثة من عمره عندما اعتلت والدته الملكة إليزابيث الثانية العرش، وبقي جالسًا على كرسي الانتظار ٧٠ عامًا يَحلَمُ بلحظةِ الجلوس على كرسي الملك، وهو يخشى بأن يمضي قطار العمر وهو يراوح مكانه، لكن قُضِيَ الأمرُ بوفاة الملكة المحبوبة في الثامن من أيلول (سبتمبر) 2022.
إنه الملك تشارلز الثالث الذي ستَجري مراسم تتويجه ملكًا على المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية في احتفالٍ اسطوري يوم غد السبت (6 أيار/مايو 2023) وسط َإجراءاتٍ أمنيةٍ لا سابقَ لها، حُشِد لها أكثر من 30 الف جندي وشرطي خوفًا من أيِّ عملٍ إرهابي أو أمني، إضافةً الى تظاهراتٍ متواضعة مُتَوَقَّعة للمطالبين بإلغاء المَلَكية.
والملك تشارلز، الذي يُعتَبَرُ رأس الدولة، يملكُ ولا يَحكُم، ومنصبه رمزيٌّ للوحدة لا سياسي حسب الدستور، ونشاطُه إجتماعي وإنسانيٌّ، وتنحصر مهامه في افتتاح دورات مجلسَي العموم واللوردات، وإلقاء خطاب العرش، وتوجيه النصح وبعض المهام الشكلية المتعلقة برئاسة الدولة ومجموعة دول الكومنولث الآيلة إلى التفكك.
ورُغمَ مظاهر الاحتفالات، تُواجِهُ الملك العتيد مشاكلَ وهمومًا وأزماتٍ كثيرة، تبدأ بتقلّصِ شعبية الأسرة المالكة (حيث أيَّدَ 58 في المئة بقاء الملكية مقابل 26 في المئة فضلوا النظام الجمهوري في آخر مسحٍ أجرته مؤسسة يوغوف للإستقصاء) وازدياد المعارضة للبذخ خصوصًا أنَّ احتفالَ التتويج سيُكلّفُ أكثرَ من 180 مليون جنيه استرليني. ورُغمَ عدم مسؤولية الملك عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإنَّ عهده سيشهد مشاكل عدة مثل الإضرابات، والمطالب الشعبية، وغلاء المعيشة، والهجرة غير الشرعية، وضعف الأداء الحكومي وفضائح الفساد، والأزمات الاقتصادية، وتداعيات غزو روسيا لأوكرانيا. إنها ملفاتٌ صعبة ستُحرِج الملك تشارلزالذي يامل بان يكون عهده مُريحًا ليُمارس مهامه بيسر.
ولا بدَّ من الإشارة إلى معضلةٍ أساسية وهي وضع وحدة المملكة المؤلّفة من إنكلترا واسكتلندا وويلز (التي تُشكّلُ بريطانيا العظمى) وإيرلندا الشمالية. ويخشى ان تفرط السبحة في حالِ إجراءِ استفتاءٍ شعبي في اسكتلندا يصادق على الانفصال فتلحق بها إيرلندا الشمالية وويلز وتنتهي بريطانيا العظمى ومعها النظام الملكي.
وعلى الصعيد الشخصي أُتيحت لي الفرص للقاء الملك تشارلز مرات عدة، عندما كان وليًا للعهد وأمير ويلز، بينها مرة كانت الأميرة الراحلة ديانا برفقته خلال استقبال الملك الراحل فهد بن عبد العزيز في محطة قطارات فيكتوريا. وكان الشعب يتمنّى لو أنَّ ديانا كانت مكان كاميلا التي لا تحظى بشعبيةٍ على عكس أميرة القلوب الراحلة.
والصورة المنشورة مع هذا النص التُقِطت لي (الأول من اليمين) مع الأمير تشارلز ًعند توزيع الكأس والميداليات على فريقه في مباراة لعبة البولو التي يمارسها الأمراء وأفراد الطبقة الأرستوقراطية. وكانت الجزيرة العربية شهدت في الماضي مشاركةً واسعة لفرسان العشائر في لعبة البولو التي كانت تُعرَف باسم الكرة والصولجان.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي مُقيم في لندن. كان سابقًا رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية وأحد المُشرفين على محطة ال”أم بي سي” الفضائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى