الوحدة وحدها تهزم تنظيم “داعش” في جميع أشكاله

بقلم كابي طبراني

في 17 آب (أغسطس) الجاري، أرعب إرهابي من “داعش” أهالي برشلونة وسياحها بإستخدام شاحنة قتلت 13 وجرحت أكثر من مئة من المشاة فى أكثر الشوارع إزدحاماً فى المدينة الإسبانية. لقد كان عملاً من الأعمال الوحشية الجبانة المُصمَّمة للإرهاب وزرع الإنقسام بين الناس. ولأن أسوأ ما في البشرية يجب أن يُواجَه بالأفضل منها، فقد إرتفع الإسبان إلى مستوى التحدّي بشجاعة لائقة وملحوظة. وسرعان ما إنضم إليهم الجيش اللبناني الذي رفع أحد جنوده في 19 آب (أغسطس) علماً إسبانياً فوق تلّة إستولى عليها من تنظيم “الدولة الاسلامية” في منطقة جرود رأس بعلبك حيث يقوم أفراده هناك بسحق هذا التنظيم الإرهابي. وقال الجيش اللبناني في بيان بأن هذا الفعل هو “تحية من جنودنا الذين يواجهون “داعش” في جرود رأس بعلبك الى ضحايا إسبانيا وكل العالم”. إن هذا التضامن الكبير من اللبنانيين مع إسبانيا يجب أن يُذكّر العالم بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” يُشكّل تهديداً عالمياً. إن هزيمة هذا التنظيم الإرهابي سيتطلب ويقتضي تقديم دعم لا يتزعزع إلى أولئك الموجودين على الخطوط الأمامية في الحرب ضده.
من ناحية أخرى، تشارك القوات البرية العراقية، المدعومة من الولايات المتحدة، الآن في هجوم شرس لإستعادة تلعفر، آخر معاقل “داعش” المتبقية في البلاد. إن هذه المعركة حاسمة، نظراً إلى أن المدينة، الواقعة على الحدود مع سوريا، يستخدمها “داعش” منذ فترة طويلة كقناة لنقل الرجال والأعتدة. وتجدر الاشارة الى ان الجيش العراقي يحقق مكاسب مطردة منذ بدء العمليات في 20 آب (أغسطس): لقد تم بالفعل تحرير القرى الواقعة فى الشرق والجنوب الغربي والشمال الغربي للمدينة. الواقع أن “داعش” لا يمكنه أن يستمر ويصمد هناك لفترة طويلة.
ولكن النصر في تلعفر، عندما يأتي، لن يكون نهائياً. وكما قلنا دائماً، إن القضاء على “داعش” جسدياً ومادياً هو جانب حاسم في الإستراتيجية الشاملة. وما يأتي بعد ذلك – المعارك لهزيمة الإيديولوجية السامة التي ينشرها “داعش”، وتصحيح الظروف القاتمة التي سمحت بإنتعاش التطرف – سيكون بالقدر عينه من الأهمية.
لقد حوّل تنظيم “الدولة الإسلامية” أجزاءً من هذه المنطقة إلى بعضٍ من أكثر المناطق الملغومة في العالم. لقد قُتل مُشرَّدون عديدون حاولوا العودة إلى ديارهم في الماضي بسبب ألغامٍ متفجرة خلّفها تراجع مقاتلي “داعش” في المساجد والمدارس والمستشفيات والمنازل. وتقوم القوات العراقية من جهتها حالياً بتطهير الموصل المحررة من الألغام “الإرهايبة”. ولكن كما حذر رئيس دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، لانس مالين، في نيسان (إبريل) الفائت، فإن إزالة الألغام في المنطقة بأسرها بمجرد أن يُسحق تنظيم “الدولة الإسلامية” قد يستغرق خمسة عقود، وسيكلف أكثر من 180 مليون دولار سنوياً.
وقد يبدو هذا التقدير – 9 مليارات دولار على مدى خمسة عقود – وكأنه كثير من المال، ولكنه في الواقع ليس سوى جزء صغير من 2.2 تريليوني دولار أهدرتها واشنطن على غزو العراق، وذلك قبل أن تشدّ أحزمة محفظتها أخيراً. ولكن العراق ولبنان وأجزاء أخرى من هذه المنطقة ستتطلب مساعدة مستمرة من المجتمع الدولي. لذا فإن التغاضي، وفك الإرتباط، وعدم بذل الإهتمام اللازم ستؤدي إلى إعادة خلق الظروف التي إستغلّها التنظيم الإرهابي في المقام الأول. يجب على العالم أن يسعى جاهداً إلى محاكاة تضامن لبنان مع إسبانيا. إن الوحدة وحدها ستهزم تنظيم “الدولة الإسلامية” في جميع أشكاله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى