هل يؤدي إنخفاض الفائدة والديون العالية إلى أزمة مالية عالمية جديدة؟

بقلم برايان كابلن*

لتحقيق النجاح في وظائفهم، ينبغي على الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين في البنوك أن يكونوا مُتفائلين بشأن المستقبل. ويجب عليهم أن يُصدّقوا بأن الإقتصاد من المتوقع أن ينمو، وأن الأعمال التجارية ستزدهر والأُسَر ستعيش في بحبوحة، وأن غالبية المُقتَرِضين ستُسدِّد قروضها. ومن دون تفاؤل، فإن فرصهم في توسيع أعمالهم وزيادة عائدات المُساهمين تكون مُقيّدة بشدة.
ولكن أفضل المديرين التنفيذيين في البنوك أيضاً هم الذين يراقبون عن كثب عندما تبدأ ظروف الإئتمان تتكشّف، ولا يسمحون بالتالي لتفاؤلهم التفوّق على الحذر في إدارة الموازنة العمومية.
سيتحدّون الجاذبية إذا لم يستعدّوا ويتحضّروا لبعض العثرات والضربات الصعبة التاتجة من حفلة الإئتمان الحالي. في المملكة المتحدة، أخذ الدخل المُعدَّل بالنسبة إلى التضخم في الهبوط، ومُعدَّلات الإدّخار عند أدنى مستوى مُسجّل لها، وبالتحديد 1.7٪ فقط من الدخل المُتاح.
في الوقت نفسه، إستفاد المستهلكون، من جهتهم، من إنخفاض أسعار الفائدة القياسية للتحوّل إلى الإنخراط في رحلة إئتمان خطيرة بما يكفي لجعل سلطة تنظيم المؤسسات المالية في المملكة المتحدة (Prudential Regulation Authority) تحذّر الشركات من تخفيف معايير الإكتتاب والمزيد من التخفيضات في التسعير. وقال مدير الإستقرار المالي في بنك إنكلترا، أليكس برازيير، في خطاب ألقاه أخيراً “أن معايير الإقراض يُمكن ان تتحوّل من مسؤولة الى متهوّرة بسرعة كبيرة”.
إن أحد مجالات الإهتمام والقلق هو قروض السيارات. إن الإتجاه السائد للحصول على السيارات بموجب خطط شراء عقود شخصية مع وجود خيار لتسليم السيارة فى نهاية العقد يجعل المٌقرضين عرضةً لإنكماش سوق السيارات المُستعمَلة، وفقاً لسلطة تنظيم المؤسسات المالية. في الولايات المتحدة، إنخفضت أسعار السيارات بنسبة 10٪ وقروض السيارات المتأخرة آخذة في الإرتفاع.
وفقاً لبنك الإحتياطي الفيديرالي في نيويورك، فقد بلغت الديون المنزلية الأميركية 12,730 مليار دولار في الربع الأول من العام 2017، متجاوزةً بذلك ذروة 12,680 مليار دولار التي كانت في بداية الأزمة المالية في العام 2008.
ويشير بعض المُحلّلين إلى أنه على الرغم من الإرتفاع في الرقم الإجمالي، فإن مستوى ديون الأُسَر في الولايات المتحدة إلى الناتج المحلي الإجمالي هو أدنى من مستوى الذروة الأخير الذي بلغه في العام 2008 والذي وصل إلى 95.5%. ولكن التغيير في تكوين الدين يجب أن يجعل الجميع التوقف للإمعان والإنتباه. إن النمو في قروض بطاقات الإئتمان والسيارات وقروض الطلاب في مقابل الديون العقارية يجعل المُقرضين أكثر عرضة لعدم الدفع.
الحقيقة هي أن التيسير الكمي وأسعار الفائدة المتدنية جداً الجاريين حالياً كان لهما تأثير كبير في سلوك المُستهلك. فمن الصعب أن نرى كيف لن ينتهي هذا الوضع بشكل سيئ.
إن الرؤساء التنفيذيين في البنوك الذين يتجاهلون المخاطر لا يؤدّون واجباتهم بشكل صحيح. من الأفضل رؤية هذا الوضع وفعل شيء أفضل مما فعل “تشاك برنس”. لقد قال الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة سيتي قبل الأزمة المالية: “عندما تتوقف الموسيقى، من حيث السيولة، فإن الأمور سوف تكون مُعقّدة. ولكن طالما الموسيقى بقيت تلعب، ينبغي عليك الوقوف والرقص. نحن لا نزال نرقص”. لسوء حظ تشاك لقد توقفت الموسيقى بعد وقت قصير من ترداده لهذه التعليقات.

• برايان كابلن هو رئيس تحرير مجلة “ذي بانكر” التابعة لمجموعة “فايننشال تايمز”.
• كُتِب هذا المقال بالإنكليزية وعرَّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى