المملكة العربية السعودية: قطاع التأمين يتعزّز بفرض التأمين الإلزامي

من شأن إندفاع الرياض إلى فرض إستيعاب أقوى للتغطية الإلزامية للصحة والسيارات أن يولّد أعمالاً جديدة كبيرة في قطاع التأمين في المملكة العربية السعودية، مما سيزيد في إرتفاع أقساط الصناعة وتعزيز قاعدة أصولها.

شركة “إتحاد الخليج للتأمين التعاوني”: بداية محادثات للدمج مع شركة “الأهلية للتأمين”.

الرياض – راغب الشيباني

في 10 نيسان (إبريل) الفائت، دخلت المرحلة الرابعة من الجهد القانوني لتعزيز الإمتثال، التي إستغرقت فترة عام كامل، حيّز التنفيذ، حيث بات الأمر يتطلب من جميع الشركات التي يقل عدد موظفيها عن 25 موظفاً أن تنضم إلى شركات أكبر لتوفير التأمين الصحي لموظفيها.
وقد تمت الموافقة على “وثيقة التأمين الصحي الموحَّدة” بقرار من مجلس الوزراء صدر في 14 نيسان (إبريل) 2016، وتم تنفيذها على أربع مراحل من قبل مجلس الضمان الصحي التعاوني، وهو وكالة تابعة للدولة.
ألزمت ثلاث مراحل سابقة الإمتثال الكامل لقوانين التأمين الصحي في ظل فترات سماح مختلفة – ثلاثة وستة وتسعة أشهر على التوالي للشركات التي لديها 100 موظف أو أكثر، و50-99، و25-49 – وفقاً لشركة المحاماة العالمية كلايد وشركاه.
ومنذ صدور قانون التأمين التعاوني في العام 2006، حوّلت المملكة قطاع التأمين من صناعة غير مُنَظَّمة إلى حد كبير إلى ما هي الآن أكبر سوق في دول مجلس التعاون الخليجي للتأمين الصحي، وفقاً لتقرير صدر في شباط (فبراير) عن شركة “أس أند بي غلوبال” (S&P Global)، التابعة لوكالة التصنيف “ستاندرد آند بورز”.
في حين كان النمو لإجمالي الأقساط المُكتتبة متواضعاً في العام الماضي، حيث إرتفع بنسبة 0.5٪ ليصل إلى 35.8 مليار ريال سعودي (9.55 مليارات دولار)، فقد إرتفع صافي الدخل بنسبة 139٪ إلى 2.5 ملياري ريال سعودي (670 مليون دولار).

سوق في الإنتظار

من ناحية أخرى، يعتقد الخبراء بأنه يمكن أن تكون السوق المحتملة من زيادة أخرى في الإمتثال كبيرة على المدى الطويل. فوفقاً للتقديرات الرسمية، فإن نحو 2.5 مليوني مواطن سعودي يعملون في القطاع الخاص ليس لديهم تأمين صحي مُقدَّم من صاحب العمل حسبما يقتضيه القانون. وتشير تقارير وسائل الإعلام المحلية إلى أن الشيء عينه قد ينطبق على 870,000 عامل أجنبي وعائلاتهم. وتمثل هذه المجموعات مُجتمعة أكثر من 10٪ من سكان المملكة البالغ عددهم 31.5 مليون نسمة.
وتوجد إمكانات مماثلة في قطاع السيارات، حيث تشير تقديرات “أس أند بي غلوبال” إلى أن أكثر من نصف جميع المركبات في المملكة غير مؤمن عليها، مما يشكل خرقاً للقانون.
وقال دافيد أنطوني، المحلل الإئتماني الرائد في “ستاندرد آند بورز غلوبال”، إن الجهود الرامية إلى تعزيز الإنفاذ في هذين المجالين من مجالات التغطية يجب أن تحفز النمو في هذا القطاع.
وصرح أنطوني لوسائل الإعلام في الشهر الماضي: “من المرجح ان تشهد سوق التأمين السعودية نمواً متواضعاً في أفضل الاحوال في العام 2017، مدعومةً الى حد كبير بسعي وملاحقة السلطات لسائقي السيارات وأرباب العمل الذين لم يحصلوا حتى الآن على التغطية المطلوبة بموجب القانون السعودي”.
وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن شركة إعادة التأمين “سويس ري” (Swiss Re)، بلغ معدل إنتشار التأمين في المملكة العربية السعودية 1.51٪ في العام 2015، وهو أقل بكثير من 2.5٪ في البحرين و 2.4٪ في الإمارات العربية المتحدة. ويؤكد ذلك على إمكانات طويلة الأجل في أكبر إقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ ناتجه المحلي الإجمالي 639.6 مليار دولار في العام 2016، حسب صندوق النقد الدولي.
وبعيداً من التأمين الصحي والتأمين على السيارات، فإن قطاعاً آخراً يمكن أن يرى مستويات أعلى من النشاط في المستقبل وهو تأمين ملكية المنازل، وذلك بفضل التحركات التي تقوم بها سلطة النقد في القطاع المالي، “مؤسسة النقد العربي السعودي”، لتعزيز فرص الحصول على الرهون العقارية.
في كانون الثاني (يناير) الفائت أعلنت المؤسسة أنها رفعت سقف نسب القروض إلى قيمة الرهون العقارية الأولى من 70٪ إلى 85٪ من أسعار العقارات المُدرجة – وهي خطوة تأمل أن تجلب مشترين جدداً إلى السوق ويمكن أن تولّد طلباً جديداً على تأمين الممتلكات.

حقل مزدحم

مع ذلك، فإن أية مكاسب في الأفق للقطاع قد تنتشر بشكل طفيف، ولا سيما بين الشركات من الدرجة الثانية التي تسعى إلى التنافس مع الشركات الكبيرة – هناك أكثر من 30 شركة تأمين عاملة في السوق المحلية، وهو عدد يعتبره المحللون مرتفعاً جداً.
هذا الإزدحام، في حين أنه إيجابي للمستهلكين القادرين على الإستفادة من منافسة التسعير، فإنه يعني أيضاً أن شركات كثيرة ستكون لديها هوامش ضيقة جداً. لذلك فإن بعض الشركات تسعى إلى تعزيز أوضاعها من خلال عمليات الاندماج أو الاستحواذ، كما حدث في القطاع المصرفي.
وقد حدثت خطوة دمج حديثة في أوائل آذار (مارس) الفائت، عندما أعلنت شركة “إتحاد الخليج للتأمين التعاوني” أنها بدأت محادثات مع شركة التأمين المحلية “الأهلية للتأمين” حول إندماج محتمل. ووفقاً لبيان الشركة، يأمل الطرفان في التفاوض على إتفاق مبدئي على مدى الإثني عشر شهراً المقبلة.
في تقرير صدر في الشهر عينه، قالت وكالة “موديز” للتصنيفات الإئتمانية أن جزءاً كبيراً من نشاط قطاع التأمين يتركز في الطرف العلوي، سواء في المملكة العربية السعودية أو في دول مجلس التعاون الخليجي. وإقترحت أن ذلك قد يؤثر في الربحية بين الشركات الأصغر حجماً ويزيد من تعرضها للمخاطر فيما هي تحاول التنافس مع منافسين أقوى وأكثر رسملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى