المقاطعة الدولية لإسرائيل هي الحل الوحيد لإنقاذ فلسطين
بقلم كابي طبراني
عادة ما تكون الأسابيع الأخيرة للإدارات الرئاسية في الولايات المتحدة فترة للتفكير ومحاولة المحافظة على الإرث. هناك العفو الرئاسي الذي يُمنَح لبعض المسجونين، وتقليد الأوسمة لعدد من الشخصيات التي دعمت الإدارة، وإصدار المذكرات الرئاسية لتنفيذ قانون لم يوافق عليه الكونغرس، وربما دفعٌ أخير لتشريع مهم ينبغي الإنتهاء منه. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، كان هناك أيضاً دفع اللحظة الأخيرة لإقامة نوع من السلام المستحيل بين إسرائيل وفلسطين.
وإدارة باراك أوباما لا تختلف في هذا الصدد. وزير الخارجية جون كيري، الذي كان متحمّساً بشكل خاص للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كانت له إنتقادات لاذعة ودامغة في الشهر الفائت في خطاب طويل ألقاه عن حالة الصراع. ولما كانت الإدارة الأميركية إعتبرته على أنه محاولة أخيرة قبل إنتهاء ولايتها، فقد تحدّث كيري عن تعنت إسرائيل وعدم رغبتها في الحدّ من النشاط الإستيطاني في لغة صريحة من دون تحفظ. بالنسبة إلى المراقبين المتابعين للصراع، مع ذلك، كانت تصريحات كيري قليلة جداً ومتأخرة كثيراً. وينطبق هذا التحليل أيضاً على محاولات فرنسا لوضع إطارٍ لعملية السلام قائم على حل الدولتين تؤيّده غالبية دول العالم من خلال المؤتمر الدولي الذي إنعقد في 15 كانون الثاني (يناير) في باريس.
في حين أن الفلسطينيين قد رحّبوا بمحاولات فرنسا لإحياء المفاوضات، فإن أكثر الخبراء يعتقدون بأنه ليست هناك أي خطوات ملموسة ستُتَّخَذ بعد المؤتمر أو أن إسرائيل ستهتم كثيراً بالمناقشات حول حل الدولتين. مع دخول دونالد ترامب البيت الابيض في 20 كانون الثاني (يناير)، فإن تل أبيب تراهن على الإدارة الجديدة الصديقة التي سوف تدعم كل الجهود التي تبذلها لتكريس إحتلالها وحتى نقل السفارة الأميركية إلى القدس. إن قبول الإسرائيليين بمثل هذه التطورات التي ستصبح حقيقة واقعة في السنوات الأربع المقبلة هو دليل واضح على أن حل الدولتين الذي تبنّاه المجتمع الدولي في العقدين الماضيين هو في الرمق الأخير. إنه لم يمت بعد لكن لم يعد بالإمكان إنقاذه.
ما سيحل مكان إطار حل الدولتين الذي نصّت عليه إتفاقات أوسلو ما زال غير واضح، ولكن الإشارات من إدارة ترامب تثير القلق. إن وضع القدس، على وجه الخصوص، هو مشكلة تؤثر في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ككل، وأي قرار لنقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة قد تكون له عواقب وتداعيات وخيمة.
على الرغم من ذلك، هناك شيء واحد واضح: إذا تجرّأت إسرائيل وتحدّت المجتمع الدولي وإستمرّت في بناء المستوطنات وتعميق سيطرتها على حياة الفلسطينيين، فإنه سيكون من الصعب على نحو متزايد للبلدان الأوروبية، مثل فرنسا وإلمانيا وبريطانيا، تجاهل ما يدعو إليه المجتمع المدني الأوروبي والعالمي بمقاطعة تل أبيب. وعندما يزداد ويتكاثر الزخم الدولي للمقاطعة، كما رأينا في صراعات مماثلة، فسوف تكون هناك قدرة جدية على إحداث تغيير جذري في الوقائع على الأرض.