الأردن يتطلع إلى الصكوك لتعزيز أدواته المالية

على الرغم من بدايته المتأخرة مع المصرفية الإسلامية، يعرف الأردن حالياً تعزيزاً كبيراً لهذا القطاع الذي بدأ يزدهر ويجذب كثيراً من العملاء في القطاعين العام والخاص كما يشرح التقرير التالي:

بنك الأردن دبي الإسلامي: ناشط في إصدار الصكوك
بنك الأردن دبي الإسلامي: ناشط في إصدار الصكوك

عمان – هدى الشامي

معتمداً على النمو الأخير في قطاع التمويل الإسلامي، فإن الأردن يسعى حالياً إلى توسيع خياراته التمويلية والإستفادة من إرتفاع السوق من خلال إصدار صكوك (سندات إسلامية).
لقد أصدر البنك المركزي الأردني هذا العام إصدارين من السندات السيادية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لأول مرة في تاريخ البلاد.
الطرح الأول، الذي صدر في أيار (مايو) الفائت، إستخدم هيكلية المرابحة (التكلفة زائد التمويل) وبلغت قيمته 75 مليون دينار أردني (105.7 ملايين دولار). وقد جذب هذا الإصدار بنجاح عروض مستثمرين بلغت 205 ملايين دينار أردني (289 مليون دولار) في نسبة تغطية وصلت إلى 2.73. وفي الوقت عينه، فإن إصدار الصكوك الثاني في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الفائت، إستخدم هيكلية الإجارة (التأجير) الذي بلغت قيمته 34 مليون دينار أردني (47.9 مليون دولار). ووصل بيع هذا الأخير إلى أكثر من ثلاثة أضعاف زيادة على نسبة الإكتتاب المطلوب. علماً أن فترة إستحقاق السندات هي خمس سنوات، مع معدلات ربح متوقعة 3.5٪ و 3.01٪ على التوالي.
وفي حين تم وصف الإصدارين بأنهما سياديان، فإن إصدار صكوك أيار (مايو) – الذي تم تصميمه لتوفير السيولة لتمويل عمليات إثنتين من الشركات المملوكة للحكومة، شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه الأردنية – كان مدعوماً من شركات المرافق العامة وليس من الحكومة. في حين أن إصدار تشرين الأول (أكتوبر) – الذي سيتم إستخدامه من قبل وزارة المالية – كان مضموناً من قبل الحكومة.
وقد رافقت المبيعات خطوة في أيلول (سبتمبر)، عندما وقعت الحكومة إتفاقاً مع المؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة الدولية لتمويل الواردات الأساسية من صناديق متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وتتوقع الحكومة الأردنية أن يبلغ صافي الإقتراض المحلي حوالي 896 مليون دينار أردني (1.26 مليار دولار) هذا العام، وفقاً لتقارير صحافية.

لقطة السوق

الواقع أن عروض الصكوك الأخيرة هي جزء من توسيع صناعة الخدمات المالية الإسلامية في الأردن في العامين الماضيين.
في نهاية تموز (يوليو) 2015 وقّع صندوق تنمية المحافظات – الذي تأسس في العام 2011 لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، فضلاً عن مبادرات ريادة الأعمال – على إتفاق شراكة مع صندوق الحج لتقديم خيارات تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ويخطط صندوق تنمية المحافظات لإستخدام مجموعة متنوعة من الهياكل المالية الإسلامية، مثل المرابحة والإجارة والإستصناع، لتمويل المشاريع الصناعية والخدمية التي تهدف إلى زيادة فرص العمل في البلاد.
وقد شهد العام الماضي أيضاً إطلاق بنك الأردن دبي الإسلامي لشهادات ودائع الإستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهو أول مؤسسة مالية إسلامية في الأردن تقدم هذه الخدمة.
في وقت سابق من هذا العام توصلت الناقلة الرئيسية في البلاد “الملكية الأردنية” إلى الحصول على تسهيلات مصرفية بقيمة 275 مليون دولار لمدة خمس سنوات، التي سيتم تمويلها جزئياً من خلال التمويل الإسلامي، لسداد ديونها التي تكبدتها وإعادة هيكلة الشركة.

أسس قوية

إن التمويل الإسلامي ليس جديداً على الأردن، إذ أن البنك الإسلامي الأردني والبنك العربي الإسلامي الدولي يعملان في البلاد منذ سبعينات وتسعينات القرن الفائت على التوالي.
لكن، في حين أن الأردن وضع إطاراً للقطاع في أوائل العام 1978، مع إصدار قانون البنوك الإسلامية الأردنية للتمويل والإستثمار رقم 13، فلم تبدأ الحكومة إلّا في الآونة الأخيرة تشجيع الصناعة المزدهرة.
وفي العام الفائت إتخذ البنك المركزي الأردني خطوة تنظيمية أخرى، حيث قام بإصدار تعليمات حوكمة البنوك الإسلامية رقم 61، التي تهدف إلى زيادة المساءلة والشفافية بين المؤسسات المالية الإسلامية.
لقد عرفت صناعة التمويل الإسلامي في الأردن، وإن كانت صغيرة، نمواً مطرداً منذ العام 2010، عندما أطلق بنك الأردن دبي الإسلامي – الذي أسسه بنك دبي الإسلامي وشريكته شركة الأردن دبي كابيتال – عملياته. وبعد عام على ذلك قامت الشركة المحلية “إسمنت الراجحي” بعرض أول صكوك أردنية، لمدة سبعة أعوام، بإصدار بلغت قيمته 85 مليون دينار أردني (119.6 مليون دولار).
في العام 2012 أصدر البرلمان قانون صكوك التمويل الإسلامي، الأمر الذي سمح للكيانات الخاصة والعامة بإصدار صكوك بالدينار والعملات الأجنبية. وكان التشريع الذي طال إنتظاره قيد البحث والدراسة منذ العام 2010.
بناء على هذا، في نيسان (إبريل) 2014 أصدرت الحكومة قوانين جديدة تحدّد الهيكل وإطار التحويل لإصدار الصكوك. وأعقب ذلك في تموز (يوليو) من تلك السنة تقديم هيئة الأوراق المالية القواعد التي تسمح إصدار الديون المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

النمو في المستقبل

وقد ساعد تشريع القطاع المالي الإسلامي على تعزيز سوق الديون في البلاد. ففي أيار (مايو) سعت المطوّرة العقارية المحلية شركة التجمعات للمشاريع السياحية، والمعروفة أيضاً بإسم “تاج مول”، إلى دعم مواردها المالية، مع بنك الأردن دبي الإسلامي وبنك الاستثمار “جوردإنفست” اللذين أصدرا إصداراً مشتركاً بقيمة 45 مليون دينار أردني (63.6 مليون دولار) من الصكوك نيابة عن الشركة.
وفي الوقت عينه، قدمت الحكومة مقترحات أخرى لتطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية في الأردن.
في محاولة لجعل الصكوك متاحة على مستوى البيع بالتجزئة، فقد كُلِّفت وزارة المالية لإنشاء المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص في العام الماضي بهدف تقديم المساعدة التقنية ذات الصلة بالصكوك لشركات القطاع الخاص.
وفي مؤشر إلى النمو في المستقبل، إقترح مجلس السياسة الاقتصادية – المكوّن من 15 عضوا برئاسة الملك عبد الله الثاني – في أيلول (سبتمبر) توسيع سوق الصكوك وإستهداف الأفراد، وكذلك إنشاء صندوق الملكية الخاصة برأسمال قدره 150 مليون دينار أردني (212 مليون دولار)، الذي سيتم تمويله جزئياً من قبل البنوك الإسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى