البحرين تسعى إلى الريادة العربية في التكنولوجيا المالية

على الرغم من أن البحرين هي جزيرة صغيرة بحجمها، فهي كبيرة بخططها وطموحها في قطاع التكنولوجيا المالية. ولطالما عُرفت هذه الدولة الخليجية بازدهار قطاع الخدمات المالية فيها، لكن مع بزوغ فجر العصر الرقمي، تأمل الحكومة البحرينية بالإستفادة من معرفتها الكبيرة في مجال الخدمات المصرفية، لتأسيس منظومة مميزة وطموحة للتكنولوجيا المالية.

“خليج البحرين للتكنولوجيا المالية”: تشارك فيه أكثر من 30 شركة محلية ودولية

المنامة – باسم رحال

يشهد قطاع التكنولوجيا المالية نمواً متسارعاً على الصعيد العالمي، فقد نجح في جذب 1,824 صفقة إستثمارية بقيمة 14.2 مليار دولار من استثمارات رأس المال المخاطر في العام 2017، بحسب تقرير منظومة التكنولوجيا المالية في البحرين لعام 2018. ويشير التقرير إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها إلى نحو 250 شركة بحلول العام 2020.
من جهتها، واصلت البحرين تحفيز النمو في التكنولوجيا المالية (fintech) بعد إصدار وتطبيق قوانين جديدة من شأنها أن تسمح للمُقرضين توسيع وتحديث عروضهم الرقمية.
في 26 آذار (مارس) الفائت، أصدر بنك البحرين المركزي توجيهاته بشأن “المشورة المالية الرقمية”، مما مهد الطريق لتوفير خدمات الإستشارات المالية الآلية لبنوك البلاد، وشركات الإستثمار والتكنولوجيا.
وقد تم وضع القواعد والقوانين بعد التشاور مع أصحاب المصلحة بشأن إنشاء إطار ترخيص للمشورة المالية الرقمية.
وقال خالد حمد، المدير التنفيذي للإشراف المصرفي في مصرف البحرين المركزي في بيان صحافي تَبِعَ الإعلان: “تُركّز القواعد الجديدة على توفير الضمانات والضوابط التي تحكم استخدام الخوارزميات أو الذكاء الإصطناعي المُضَمَّنة في البرامج الحاسوبية المستخدمة في الأدوات الإستشارية الرقمية”.

“خليج البحرين للتكنولوجيا المالية” يقود تطوير الخدمات المصرفية المفتوحة

وتضم البحرين حالياً ما يقرب من 400 مؤسسة مالية محلية وإقليمية وعالمية. وبحسب الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الإقتصادية في البحرين، سعادة خالد عمرو الرميحي، هناك “سعي وطني للبحث في أطر التعاون بين المصارف ومؤسسات التكنولوجيا المالية، بهدف تبني الحلول المبتكرة”.
وفي إطار جهودها الرامية إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا المالية، قامت الحكومة البحرينية بتنفيذ عدد من المبادرات، حيث أطلق مصرف البحرين المركزي في العام الماضي وحدة متخصصة للتكنولوجيا المالية والإبتكار، تضم البيئة الرقابية التجريبية الوحيدة في المنطقة، والتي توفر بيئة تجريبية للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.
كذلك أسست الحكومة مركز “خليج البحرين للتكنولوجيا المالية” في شباط (فبراير) 2018، وهو مركز شامل ومتكامل للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وتم تأسيسه كونه شراكة بين القطاعين العام والخاص بين مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، وتحالف من شركات التكنولوجيا المالية في سنغافورة، ويوفّر مساحات عمل مشتركة لشركات التكنولوجيا المالية المحلية، كما يدعمها من خلال مبادرات حضانة الأعمال والمبادرات المؤسسية الأخرى.
وأشار خالد سعد، الرئيس التنفيذي لمركز خليج البحرين للتكنولوجيا المالية، في حديث صحافي، إلى أن فكرة تأسيس مركز متخصص في التكنولوجيا المالية جاءت ضمن الرؤية الرقمية الأشمل لاقتصاد المملكة. ويضم المركز نحو 30 شركة وأكثر من 50 شريكاً مؤسسيا بينها “مايكروسوفت” و”أميركان إكسبرس”ً.
“إن “خليج البحرين للتكنولوجيا المالية” هو مركز التقنية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقد أصبح الشركاء جزءاً من شبكة “فِنتَك” (fintech) الأكثر ديناميكية وتنوعاً في المنطقة العربية. وتُعتبَر الخدمات المالية ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي وتدعم الاقتصاد بأكمله”، قال خالد سعد. ويضيف أن “النجاح في هذا القطاع يعتمد على التعاون؛ من المهم أن تكون هناك منظمات شقيقة، تترابط مع مختلف الصناعات والأنظمة البيئية، وأن تبقى أمام منحنى الإبتكار”.
نتيجة لهذا التعاون المتزايد، يواصل قطاع التكنولوجيا المالية (فِنتَك) توفير فرص نمو جديدة، وفق مازن خوري، الرئيس التنفيذي لشركة “أميركان إكسبرس” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. مضيفاً: “نظراً إلى تجارب صناعتنا المستمرة وإعادة تحديد نماذج التشغيل، فإننا نتكيف أيضاً مع هذه البيئة الجديدة، مع الاستفادة من كل فرصة ممكنة للنمو وتقديم أفضل تجربة لعملائنا”.
من حيث النمو، أصبحت “بوابة ترابط” في كانون الأول (ديسمبر) 2018 أول شركة تتخرَّج من الصندوق التنظيمي لمؤسسة “خليج البحرين للتكنولوجيا المالية”. كانت الشركة التابعة لشركة “المؤيد للتكنولوجيا” المحلية، واحدة من أوائل الشركات التي دخلت صندوق الحماية لاختبار الحلول المصرفية المفتوحة القائمة على التكنولوجيا.
إن الأنظمة والقوانين المتعلقة بالخدمات المصرفية المفتوحة – والتي يكون فيها العملاء قادرين على الوصول إلى معلومات الحساب من مختلف البنوك على منصة واحدة والأطراف الثالثة المُرَخَّص لها مُنِحت القدرة لبدء عمليات الدفع نيابة عن العملاء – صدرت في أوائل كانون الأول (ديسمبر) قبل أيام من تخرّج “بوابة ترابط” من “خليج البحرين للتكنولوجيا المالية”.
وتمثل “بوابة ترابط”، باعتبارها المزوّد الوحيد المرخص لخدمات الدفع عبر الحساب المصرفي ومزود خدمة معلومات الحساب في البحرين، “توكِن. آي أو” (Token.io) – أحد موفري الحلول المصرفية المفتوحة – في شراكة أُعلِنَ عنها مع بنك الخليج التجاري في أواخر الشهر الماضي، كجزء من حملة لتوسيع التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية المفتوحة.

خدمة السكان الرقمية

في الواقع، كانت سلسلة من التحديثات والتوجيهات التنظيمية الصادرة عن مصرف البحرين المركزي ضرورية لمُقرضي البلاد لمواكبة التقدم السريع في مجال التكنولوجيا المالية، مع كون المصرفية المفتوحة واحدة من أحدث الأمثلة على ذلك.
كان رد فعل المُقرضين الآخرين على التحوّلات في السوق من خلال إطلاق فروع رقمية بالكامل. على سبيل المثال، إفتتح بنك البحرين الإسلامي أول فرع رقمي بالكامل في الزنج، إحدى ضواحي المنامة، في وقت سابق من هذا الشهر. وقال حسن جرار، الرئيس التنفيذي للبنك، إن التسهيلات كانت جزءاً من نشر الخدمة الذاتية والخدمات الرقمية عبر شبكته.
إنتقلت البحرين أيضاً إلى تعزيز ريادة الأعمال عبر إختلال التمويل الرقمي، واستضافت لهذا الغرض حدثاً إستمر شهراً في نيسان (إبريل) بهدف خلق الوعي بكيفية تعزيز حلول التكنولوجيا المالية للتقدم نحو أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وقام مركز “خليج البحرين للتكنولوجيا المالية” باستضافة دورة “بينيفيت فِنتَك هاكاتون للإستدامة” (BENEFIT Fintech Hackathon for Sustainability) للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي بدأت في 30 آذار (مارس) وانتهت في منتصف نيسان (إبريل)، حيث شارك فيها شركاء من بينهم “إي واي مينا” (EY MENA) و”أمازون ويب سرفيسز” (Amazon Web Services) في ورش عمل وتوجيه لـ50 مشاركاً من الجامعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى