إنهيارٌ شاملٌ وإنكارٌ كاملٌ؟

عرفان نظام الدين*

عَثَرتُ بين أوراقي على مقالاتٍ قديمةٍ تَشرَحُ مسيرةَ الإنهيارِ العربي الشامل، وتضع النقاط على حروف تفاصيلها الشيطانية .
ولم أجد حاجة لتعديلها أو زيادة توصيفها إلّا من بعض الأحداثِ المُتفرّقة.

تراكماتٌ كثيرةٌ عبر السنين وكأن خطّةً مُمَنهجة ومُحكَمة قد رُسِمَت ونُفِّذَت لضربِ كلِّ المؤسّسات ومعها القيم والأخلاق وإشاعة أجواءِ الإحباط واليأس، والقضاء على بصيصِ الأمل للخروج من النفق المُظلم .
حروبٌ ومؤامرات وانقلابات وقتل وتشريد وفساد وإفساد ونهب ثروات وإنفاق الثروات على شراء الأسلحة وسط تهديدات كثيرة أبرزها المؤامرة الصهيونية الكبرى، والتآمر الدولي والإقليمي الدائم، والرامي إلى تقسيمِ الدول، وتفتيت الأُمّة وإشاعة أجواء الفرقة والتشرذم.

يحارُ المرءُ من أينَ يبدأ؟ ومتى يتوقّف؟ وكيف يُنهي السردَ بعدما تعمّقت الفجوة بين أبناء الأُمّة الواحدة وضربت أُسُسَ التضامن ومشاعر الأخوّة والمودّة، وانقطعَ التواصل بين الإخوة والأهل والأقارب والجيران، وانشغلَ كلُّ إنسانٍ بالبحث عن لقمة العيش في بحر هموم الحياة، أو انغماسه في برامج التسفيه والترفيه وتسطيح العقول لعلّه ينسى ما يعيشه من آلام.

ومع الأيام استُخدِمَت وسائل التواصل الإجتماعي كأدواتٍ لإثارةِ الفِتن وإشاعة أجواء الكراهية والعنصرية، فضاعت فرصة تاريخية أخرى كان يُمكن ان تكون لها نتائج إيجابية للعلاقات العائلية والاجتماعية. وزاد الطين بلّة تخلّف الخطاب الديني بعد الخطاب السياسي، مما أدّى الى نشوء المنظمات الارهابية ودعوات التكفير ومنع التفكير. ولا ننسى في مجالِ السرد تخلّف المناهج التعليمية وعدم العمل على تطويرها لتُماشي روح العصر، إضافةً إلى تهجيرِ الأدمغة واليد العاملة الماهرة والمُبدعين والمُتفوّقين في المجالات العلمية والأدبية بعد ضرب الطبقة الوسطى التى تُعتبَر أساس التقدّم والنجاح والإبداع وخزّان التطور والحضارة.
هذا غيضٌ من فيضٍ وللبحث صلة، ثم نتساءل لماذا وصلنا الى هنا؟

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي مُقيم في لندن. كان سابقاً رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الصادرة من لندن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى