كيف ينبغي فَهم العلاقة السرّية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية

بروس ريدل*

اتّبَعَت المملكة العربية السعودية نهجًا مُعَقَّدًا بالنسبة إلى اعتراف بعض الدول العربية بإسرائيل في اتفاقات أبراهام. لديها تاريخٌ طويل من التعاون السرّي مع إسرائيل ضد الأعداء المُشتَرَكين. في الآونة الأخيرة، أعلنت إن الاعتراف العلني بإسرائيل لن يتحقّق إلّا إذا كان هناك تحرّكٌ لحلّ النزاع الفلسطيني وإيجاد حلّ الدولتين. لكن المملكة تسامحت بل وحرّضت على تطوير العلاقات الديبلوماسية والعسكرية بين بعض أقرب حلفائها وإسرائيل.

تُقدِّرُ إسرائيل اتصالاتها السرية مع السعوديين، لكنها تتوق إلى الاعتراف العلني كطريقٍ لإنهاء عزلتها في العالم الإسلامي. ومع ذلك فهي تُبالغُ في تقدير نفوذ الرياض. لن يحذو العديد من الدول الإسلامية حذو السعوديين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل مثل الجزائر (أكبر دولة عربية وأفريقية مساحة)، والعراق (الذي جرّم أخيرًا أي اتصال مع إسرائيل)، وباكستان (الدولة المسلمة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية).  لكن الإسرائيليين ما زالوا يُطاردون السعوديين.

يعود التعاون السرّي بين السعوديين والإسرائيليين إلى أوائل الستينات الفائتة، عندما دعم كلاهما الملكيين في اليمن ضد الحكومة المصرية والجمهورية المدعومة من الاتحاد السوفياتي في صنعاء. نسّقت أجهزتهما الاستخباراتية تسليم الأسلحة والخبرة إلى الملكيين، الذين كانوا مقيمين في المملكة العربية السعودية. وقد التقى رئيسا الموساد والمخابرات السعودية في فندق دورشيستر في لندن في إحدى المناسبات. وسهّلت اتفاقية أوسلو في العام 1993 المزيد من الاتصالات من وراء الكواليس.

إيران وحلفاؤها، مثل “حزب الله” و”الحوثيين”، يشكّلون الآن العدو المشترك. اعترفت البحرين والإمارات العربية المتحدة، حليفتا المملكة العربية السعودية في الخليج، بإسرائيل في العام 2020، إلى حدٍّ كبير للحصول على دعم الإسرائيليين ضد إيران. وسمح السعوديون برحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى المنامة وأبو ظبي ودبي عبر أراضيهم.

البحرين بلد مهم بشكل خاص للمملكة العربية السعودية. ويرتبط البلدان بجسر الملك فهد الذي يبلغ طوله 15 ميلًا، وهو المدخل الوحيد للبحرين إلى البر الرئيس. في العام 2011، عبرت القوات السعودية الجسر لمساعدة الأسرة الحاكمة السنّية في سحق احتجاجات الأغلبية الشيعية في الجزيرة. تتهم الحكومة البحرينية إيران بشكل روتيني بدعم الاضطرابات الشيعية. والشيعة البحرينيون يعارضون الاعتراف بإسرائيل. كما تقع الأقلية الشيعية في السعودية في المنطقة الشرقية عبر الجسر من البحرين.

إذا لم يرغب السعوديون في أن تعترف البحرين بإسرائيل وتتبادل السفراء، لكان بإمكانهم فعل ذلك بسهولة. المنامة لن تتجاوز الرياض. لذا فقد أيّد السعوديون القرار البحريني لصنع السلام مع إسرائيل.

المملكة العربية السعودية لديها عدد كبير من العمال المغتربين الفلسطينيين. كما أنها موطن المدينتين المقدّستين في الإسلام، مكة والمدينة. المؤسسة الدينية الوهّابية من أشد المؤيدين لحقوق الفلسطينيين والمطالبة بعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية. لذلك هناك قيود كبيرة على الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضد اتباع نهج البحرين.

يتفهّم الرئيس الأميركي جو بايدن القيود التي تواجه مضيفيه السعوديين في منتصف هذا الشهر. من غير المحتمل حدوث اختراق كبير خلال زيارته إلى جدة. وسيلتقي بتسعة قادة عرب: ملوك وأمراء الخليج الستة بالإضافة إلى زعماء مصر والأردن والعراق. وفقًا لبعض الروايات، سيتجه السعوديون للسيطرة على جزيرة تيران في خليج العقبة وأخذها من مصر. فهي موطن لبؤرة عسكرية أميركية تراقب اتفاقية السلام لعام 1978 بين مصر وإسرائيل. تيران غير المأهولة هي وجهة شهيرة للغطس والغوص.

لم يُحدّد السعوديون معنى التقدم في القضية الفلسطينية بشكل ملموس. هذا يمنحهم بعض المساحة للمناورة. لسوء الحظ، ليس هناك ما يشير إلى أن واشنطن ستجعل القضية الفلسطينية أولوية، لذلك لن يكون لدى السعوديين ما يشيرون إليه من أجل تبرير المضي قدمًا نحو الاعتراف بإسرائيل.

  • بروس ريدل هو زميل كبير ومدير مشروع بروكينغز الاستخباراتي، وهو جزء من مركز بروكينغز للأمن والاستخبارات في القرن الحادي والعشرين. بالإضافة إلى ذلك، يعمل ريدل كزميل أول في مركز سياسة الشرق الأوسط. وقد تقاعد في العام 2006 بعد 30 عامًا من الخدمة في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه”، بما في ذلك مناصب في الخارج.
  • كُتِبَ هذا المقال بالانكليزية وعرَّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى