سلطنة عُمان تسعى إلى أن تكون مركزاً لوجستياً إقليمياً

تستعد سلطنة عُمان لكي تصبح مركزاً لوجستياً إقليمياً. ومن أجل ذلك إستثمرت، وما زالت، مليارات الريالات في تشييد الموانئ البحرية والبرية وخطوط السكك الحديدية والبنى التحتية الضرورية على طول شواطئها ومعظم أراضيها، إضافة الى انجاز البنية التشريعية والتقنية التي تُسهّل أعمال المستوردين والمصدرين وتستقطب الإستثمارات المحلية والأجنبية.

مصطفى بن محمد الهنائي: توقيع إتفاقات ثنائية للفضاء المفتوح مع الإتحاد الأوروبي ودول أفريقية وآسيوية

مسقط – سمير الحسيني

كجزء من استراتيجية أوسع للتنويع بعيداً من قطاع الطاقة والإستفادة من موقعها كمركز لسلاسل التوريد اللوجستية العالمية المختلفة، تتطلع سلطنة عُمان إلى دمج وتوسيع شبكات الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ.
في 22 نيسان (إبريل) الفائت، أعلنت شركة الطيران العُماني عن خطط لتطوير ممرّ مُخصّص للشحن الجوي.
وفي حديثه عند إطلاق المشروع، قال مصطفى بن محمد الهنائي، الرئيس التنفيذي للمجموعة العُمانية للطيران، إن الممرَّ المُخطَّط له سيُحسّن من كفاءة تدفقات التصدير إلى الخارج، ويُعزّز الإتصال بين مناطق التصدير والمناطق الحرّة في البلاد.
للمساعدة في تسهيل المشروع، تعمل شركة النقل الوطنية مع الهيئة العامة للطيران المدني إلى توقيع إتفاقيات ثنائية للفضاء المفتوح مع الاتحاد الأوروبي ودول في آسيا وإفريقيا، مما يسمح بتخفيض الرقابة الجمركية وتبسيط إجراءات المعالجة.
يتماشى الممرّ الجوي المُقترَح مع استراتيجية وطنية لتحسين قدرة الشحن الجوي. وتهدف المبادرة، التي تم إطلاقها في أواخر العام 2018، إلى تعزيز تواصل النقل وزيادة الحجم السنوي للبضائع المنقولة جواً من 223,000 طن إلى 730,000 طن بحلول العام 2030.
في غضون ذلك، وفي محاولة لتعزيز القدرة اللوجستية لقطاع الشحن، أعلنت وزارة النقل والإتصالات في شباط (فبراير) الفائت أنه سيتم إطلاق خمسة مشاريع تجريبية جديدة في موانئ البلاد.
تشمل هذه المشاريع بناء رصيف طوله 160 متراً للتعامل مع البضائع والمعدات في ميناء السويق، وخططاً شاملة للحدّ من الوقت المستغرَق لتفتيش البضائع بنسبة 10٪.
إن تطوير البنية التحتية الشاملة للنقل والمواصلات في البلاد كوسيلة لتحفيز الابتكار وتحقيق التنوع الاقتصادي هو محور خطة التنمية الخمسية التاسعة في سلطنة عُمان للفترة 2016-2020.
في الواقع، ونتيجة لزيادة الإستثمار في هذه المجالات، حسّنت سلطنة عُمان موقعها على مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي بـ16 مكاناً بين العام 2014 و العام الماضي، وتحتل الآن المرتبة 43 من أصل 160 دولة.

الملاذ الآمن

إن تطوير القدرات اللوجستية في سلطنة عُمان يمكّن الدولة أيضاً من الإستفادة من موقعها الإستراتيجي، وتوفير طريق تجاري بديل من مضيق هرمز المزدحم.
من ناحية أخرى، فإن التوترات الإقليمية المتزايدة في أعقاب الضربات التي استهدفت ناقلات النفط السعودية واحتجاز إيران لناقلة نفط بريطانية في بحر عُمان أخيراً، إلى جانب العداء المتزايد بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، قد أدّت إلى ارتفاع معدلات التأمين على الشحن الذي يمر عبر المضيق إلى أعلى مستوى لها منذ العام 2005.
مع وجود موانئها الرئيسة خارج مضيق هرمز، فإن سلطنة عُمان في وضع قوي لزيادة حجم البضائع المنقولة عبر أراضيها، لا سيما في طريقها إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث تربطها بهما طرق وخطوط سكك حديدية متطورة.
من المقرر تعزيز وتسهيل تواصل عُمان مع جيرانها من خلال افتتاح الطريق السريع الذي طال انتظاره والذي يبلغ طوله 680 كيلومتراً عبر صحراء الربع الخالي إلى المملكة العربية السعودية. ومن المقرر افتتاح هذا الطريق الجديد، الذي من المتوقع أن يُقصّر المسافة بين البلدين بمقدار 800 كلم، في النصف الثاني من هذا العام.

التَعَلُّم بأن تنمو

يوفر توسيع قطاع النقل والخدمات اللوجستية في البلاد أيضاً فرصةً لدفع وتعزيز “التعمين”، وهي سياسة طويلة الأمد تسعى الحكومة من خلالها إلى زيادة حصة المواطنين العُمانيين في القوى العاملة، لا سيما في القطاع الخاص.
والجدير بالذكر أن إجمالي التوظيف في القطاع الخاص قد ارتفع من 30,000 في العام 2014 إلى 84,000 في أواخر العام 2018 ، وفقاً لبيانات المجموعة العُمانية العالمية للوجستيات “أسياد”، الشركة القابضة لاستثمارات الدولة في النقل والخدمات اللوجستية. بينما يبلغ معدل “التعمين” 15٪ بشكل عام، فإن المواطنين العُمانيين يشغلون 40٪ من مناصب الإدارة الوسطى والعليا.
وقد زادت هذه الحصة بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، وأعلنت وزارة التجارة في شباط (فبراير) الفائت أنها تتوقع أن توفّر الصناعة 2500 وظيفة جديدة للمواطنين العُمانيين في العام 2019.
من أجل دعم هذا النمو، أطلقت الحكومة أخيراً حملة لزيادة الوعي بين الطلاب حول المهن في الصناعة.
من جهتها، تعمل مؤسسات التعليم العالي في السلطنة على زيادة عروضها في برامج التدريب المهني. على سبيل المثال، في العام 2017، أطلقت جامعة مسقط أول كلية مخصصة للنقل والخدمات اللوجستية في السلطنة، والتي تشمل برنامجاً للحصول على درجة البكالوريوس لمدة أربع سنوات في مجال الخدمات اللوجستية وإدارة سلسلة التوريد.
وقالت البروفسورة يسرى موزوجي، رئيسة جامعة مسقط: “اللوجستيات هي قطاع نمو رئيس في عُمان، وهي في أمس الحاجة إلى الخرّيجين الشباب”. مضيفةً أن “إمكانات النمو لهذه الصناعة هائلة، وهناك طلب كبير على موظفين جدد لتشغيل المطارات والموانئ.”
وختمت موزوجي أن جامعة مسقط وقّعت أخيراً مذكرة تفاهم مع “أسياد” لتعزيز العلاقات بين الصناعة والأوساط الأكاديمية في هذا القطاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى