تَليقُ به!!

السيّد حسن نصرالله: “حملة شعواء على حاكم مصرف لبنان، فيما يُنشيء “نظاماً” مصرفياً مُوازِياً”.

 

بقلم راشد فايد*

إغتيال لقمان سليم، ووفاة الكبير جان عبيد، وتكالب “الكورونا” على اللبنانيين، من نافذة عجز الحاكمين عن أن يكونوا بمستوى محاربتها، كما فعلت الدول – الدول، تُذكِّرُنا جميعاً بأن لبنان التسامح، والآراء المُتعدِّدة، الذي وعينا عليه، ينقرض، وتسقط أوهامنا الساذجة عن استمراره، لكأن جان عبيد، ويكفيه اسمه بلا ألقاب ومناصب، يقفل وراءه الباب على أناقة الفكر السياسي والرقي الثقافي المُتنوِّع، والدماثة في الإختلاف كما في الود.

صورةٌ يُناقضها، تماماً، قتل لقمان، الذي ليس فيه “إشهار إفلاس” قوى الظلام، كما حاول أن يوحي أحد المنابر السياسية، بل هو إشهار إفلاس مُتأخّر لرهان “14 آذار” 2005، ثم انتفاضة تشرين الأول (أكتوبر) 2019، على انتظار صحوة أعداء الدولة الواحدة، وكارهي السيادة الوطنية، ومستتبعي الهيمنة الإيرانية، وأن يرتدعوا ويؤوبوا تحت مظلة دستور لبنان وقوانينه.

فمنذ الإنقلاب الشعبي العارم على الوصاية الأسدية، واحتلالها القرار الوطني اللبناني، لا يُقصِّر “حزب الله” في ابتزاز حرص اللبنانيين على تعزيز السلم الأهلي، وتجنّب العودة إلى حروبٍ داخلية تُدمّر ما لم تُدمِّره الحروب المُتعاقبة على البلاد، وما لم تَستنزفه الميليشيات المُتناسلة على المسرح الدموي اللبناني: كانت تظاهرة 8 آذار ترهيباً للإنتفاضة الشعبية التي أطلقها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي “أرهبت” دوائر ديبلوماسية غربية وعربية في بيروت، لكنها صلّبت 14 آذار، ولم تُخِفها، وقد تكون أطلقتها. لكن الرد على التحدّي برفع التحدّي سقط بعد ذلك بحجّة لبننة الحزب، التي كانت كذبة ساذجة أدّت إلى تحالفٍ انتخابي أكثر سذاجة، كان فرصة لوَرَثة الهيمنة الأسدية كي يَتَمَسكنوا إلى أن تمكّنوا، وجهروا أكثر فأكثر بدمويتهم وخدمتهم مشروع الهيمنة الفارسي. وما موجة الإغتيالات التي استهدفت قادة 14 آذار، والانقلاب على حكومة سعد الحريري، و”شائنة” 7 أيار (مايو) 2008، في حق السلم الأهلي، والإغتيالات المُتفرّقة، كنحر هاشم السلمان على باب السفارة الإيرانية، والتهديدات المُعلَنة والمُضمرة ضد كل رافض لهيمنة الحزب وما يُمثّل، ليست جميعاً إلّا تأكيداً للسعي إلى قَولبة البلد على ما ليس من بنيته ومداميك وجوده، ولا يغترب عن ذلك فرض رئيسٍ للجمهورية بقوة سلاح الحزب المُهيمن.

قد يعترض قارئ على استعجال اتهام الحزب باغتيال لقمان سليم، لكن في الحياة العامة ما يقرب من البديهيات، من ذلك أن جسم الحزب “لبّيس”، والتهمة تليق به بحكم تاريخه الواضح، والذي يفيد بأنه لا يتورّع عما يخدم استراتيجيته، مهما كان دموياً. فها سامر حنا يتحوّل من شهيد في سجد في آب (أغسطس) 2014 إلى مُخالفٍ لقانون لا يعرفه سوى الحزب. وها الأمين العام، السيّد حسن نصرالله، يُدمّر عيش اللبنانيين في دول الخليج العربي، بحربٍ شنّها خلال أكثر من سنتين على علاقات لبنان بمحيطه. واليوم يرفد هذا الخنق بمحاولة تدمير نظامه المصرفي، التي كان بدأها بمتفجرة بنك لبنان والمهجر سنة 2016، ويُكملها اليوم بحملة شعواء على حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، فيما يُنشيء “نظاماً” مصرفياً مُوازياً، سكت الكلام عليه بلا أصداء!!

  • راشد فايد هو كاتب، صحافي ومُحلّل سياسي لبناني. يُمكن متابعته عبر تويتر على: @RachedFayed
  • يصدر هذا المقال في “أسواق العرب” توازياً مع صدوره في صحيفة “النهار” اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى