التصنيعُ أساسيٌّ للنمو الإقتصادي في سلطنة عُمان
من المتوقع أن تساعد إستثمارات جديدة حدثت أخيراً سلطنة عُمان على تعزيز توسّع قطاع الصناعات التحويلية، الذي رسّخ مكانته كأحد المكوّنات الرئيسة للإقتصاد على خلفية النمو القوي الأخير.
مسقط – سمير الحسيني
نما التصنيع في سلطنة عُمان بنسبة 17.8 ٪ على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2018، وفقاً للبيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في 30 آب (أغسطس) الفائت.
وقد تفوّق القطاع على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي البالغ 6.5٪ خلال هذه الفترة وساعد على دفع القطاع الصناعي الأوسع نطاقاً والذي نما بنسبة 2.6٪.
ويعتمد هذا الأداء القوي على التوسّع بنسبة 9.2٪ في العام 2017، وفقًا للبنك المركزي العُماني، حيث تم رفع حصة القطاع من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي من 45.3٪ في العام 2016 إلى 48.6٪ في العام الماضي.
وشهدت نتائج العام 2017 أن التصنيع مثّل 9.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بانخفاض طفيف عن معدل 10.2٪ المُسجَّل على مدار العامين السابقين، والذي قال البنك إنه يرجع إلى زيادة المساهمات في الإقتصاد من القطاعات الأخرى.
إستثمارات جديدة تتوافق مع أهداف “رؤية 2020”
يأتي تسارع النمو وسط الجهود الرامية إلى توسيع قاعدة التصنيع وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 15٪ بحلول نهاية العقد، كجزء من “رؤية عُمان 2020” ، وهي إستراتيجية التنمية الإقتصادية في السلطنة.
ويبدو أن سلسلة الاستثمارات الجديدة التي أُعلِن عنها ستُعزّز الإنتاج الصناعي في السنوات المقبلة. في منتصف آب (أغسطس) الفائت، أعلنت شركة “صحار ألمنيوم” المحلية أنها عقدت إتفاق شراكة مع الشركة الهندية لإنتاج قطاع غيار السيارات “سينيرجييس كاستينغز” (Synergies Castings) لبناء مصنع تبلغ كلفته 100 مليون دولار لإنتاج عجلات معدنية لسوق المركبات في الخارج.
والمصنع، الذي سيقع في مدينة صحار الشمالية، سوف يُنتج 2.5 مليوني وحدة سنوياً بمجرد تشغيله بشكل كامل. ومن المتوقع أن تبدأ عملية البناء فيه قبل نهاية العام، مع تحديد بدء الإنتاج الأولي في العام 2020.
من خلال توفير 24,000 طن من الألمنيوم المُعالَج كل عام كمواد وسيطة، فإن الإستثمار الجديد يتماشى مع إستراتيجية “صحار ألمنيوم” لتعزيز ودعم تطوير القدرة التصنيعية النهائية وتقديم قيمة مُستدامة داخل البلاد، وفقاً لما قاله سعيد المسعودي، الرئيس التنفيذي للشركة، الذي تحدث إلى وسائل الإعلام المحلية في منتصف آب (أغسطس) الفائت.
تبعت ذلك تقارير إعلامية محلية في أواخر آب (أغسطس) تُفيد بأن مستثمرين صينيين بأوا التخطيط لتطوير مصنع سجاد وبطانيات بقيمة 98 مليون دولار في مدينة الدقم الساحلية الشرقية. وستستخدم الشركة الصينية، حسب هذه التقارير، مواد إصطناعية مصدرها من معالجة البتروكيماويات.
إن المصنع المُقترَح هو جزءٌ من منطقة صناعية صينية -عُمانية أوسع، حيث تستهدف السلطات إستثمار 3.2 مليارات دولار للمرحلة الأولى. وسوف تشمل مرافق لتصنيع الألواح الشمسية والأنابيب ومواد البناء، وكذلك البتروكيماويات وغيرها من المنتجات. كما تم إختيار الدقم كموقع لمجمع مواد بناء كبير، الذي يتم تطويره من قبل مجموعة السرين المحلية.
مع االكشف عن المشروع في أواخر آب (أغسطس)، فقد أُعلِن أنه سيتم بناؤه على قطعة أرض تبلغ مساحتها 60,000 متر مربع بالقرب من ميناء المدينة، وسينتج كتلاً خرسانية لصناعة البناء، إلى جانب البلاط العادي، وبلاط الرصف وأحجار الرصيف، لاستخدامها في سلسلة من مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء المنطقة، على حد قول مسؤولي الشركة.
إستراتيجية الخصخصة تدعم خطط التنويع
يفيد الخبراء بأن الدفع لزيادة الاستثمار في الصناعات التحويلية من قبل خطط الحكومة يهدف إلى تسريع وتيرة الخصخصة.
في تموز (يوليو) الفائت تم الإنتهاء من وضع خططٍ لبيع ما يصل إلى 700 مليون ريال عُماني (1.8 مليار دولار) من قيمة الشركات الحكومية بحلول العام 2021، وفقاً لوحدة دعم التنفيذ والمتابعة التابعة للحكومة، وهي الهيئة المُكلَّفة بالإشراف على تحقيق السياسة الإقتصادية.
ومن بين الشركات التي تسعى إلى الخصخصة الشركة العُمانية للإستثمار الغذائي القابضة، التي لديها حصص في عدد من مشاريع إنتاج الأغذية وتجهيزها، إلى جانب خدمات دعم التصنيع مثل الخدمات اللوجستية والمرافق.
وتتماشى هذه التحركات مع التوصيات الواردة في أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن عُمان الصادر في 6 تموز (يوليو) الفائت، والذي دعا الحكومة إلى تشجيع مشاركة أكبر للقطاع الخاص في الإقتصاد لدعم النمو والتنويع، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تعزيز الزخم لتحقيق أهداف “رؤية 2020”.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.