رفع الحظر عن دور السينما في السعودية خطوة على الطريق الصحيح

بقلم هاني مكارم

بعد عقود من فرض حظر شامل على دور السينما، ستسمح المملكة العربية السعودية لسكانها بالدخول إلى المسارح والقاعات السينمائية إبتداء من العام المقبل. فقد أصدر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قراراً يسمح بمنح التراخيص لدور السينما التجارية. وتُعتبر هذه الخطوة الأخيرة جزءاً من الإصلاحات التي من المتوقع أن تؤدي إلى تخفيف العديد من القيود (بما فيها السماح للنساء بقيادة السيارة) في العام المقبل. يبدو أن السلطات السعودية واثقة من أن الإقتصاد، الذي أصيب بضربة شديدة جرّاء إنخفاض أسعار النفط، سوف يستفيد بشكل كبير من نمو صناعة الترفيه. وتقول وزارة الثقافة والإعلام أن صناعة الفن السابع سوف تخلق أكثر من 30,000 وظيفة وتُسهم ب24 مليار دولار في الإقتصاد بحلول العام 2030، حيث من المأمول أن تكون هناك حوالي 2,000 شاشة مفتوحة في أكثر من 300 دار سينما. إن الشركات السينمائية، مثل “إيماكس” (IMAX) و”إي أم سي للترفيه القابضة” (AMC Entertainment Holdings)، تتطلع فعلياً إلى فرصٍ لفتح دور سينما متعددة الصالات والشاشات في آذار (مارس) المقبل. كما يأمل المنتجون الثقافيون مثل صناع الأفلام أن يجلب هذا الإفتتاح عمولات وأموالاً لمشاريعهم. وبدورهم فإن عشاق السينما الذين سيتوافدون إلى مراكز التسوّق (المولات) لمشاهدة الأفلام سينفقون المال بطبيعة الأحوال على وسائل أخرى، مما يعطي دفعة لصناعات متعددة. وكما يقول وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد، فإن افتتاح دور السينما “سيعمل كمحفز للنمو الإقتصادي والتنويع”. وبصرف النظر عن ذلك، كانت المملكة منطقةَ تَوسُّعٍ رئيسية للتلفزيون والأفلام السينمائية في السنوات الأخيرة: تتمتع البلاد بأعلى نسبة إستهلاك “يوتيوب” في العالم. ووفقاً لمجلة “فاريتي”، فإن أحدث الأفلام التي تصدر مُتاحة بالفعل عبر عروض “الدفع لكل عرض” من محطات فضائية، وقد أثبتت خدمات البث أيضاً أنها شعبية بشكل كبير- وكل ذلك يشير إلى أن المشهد كان يتغير لبعض الوقت، حتى لو بدا أن الرأي لا يزال هو نفسه.
غير أن الشاشة الفضية ليست جديدة في المملكة العربية السعودية. كانت دور السينما منتشرة في جميع مدنها الرئيسية قبل حوالي نصف قرن، ولكن تحت ضغط من العناصر المحافظة، إضطرت الحكومة إلى إغلاقها خلال ثمانينات القرن الفائت. ومع ذلك، لقد وضعت كل الخطوات للتغيير في إطار خطة جديدة، والتي تهدف إلى التبشير بنهضة ثقافية جديدة في المملكة العربية السعودية. ومن خلال التطوير الكامل للقطاع الثقافي الأوسع، تسعى المملكة إلى خلق فرص عمل وتدريب جديدة لشعبها. وإعتباراً من العام 2018، سيتم إعادة الحفلات الموسيقية وغيرها من أشكال الترفيه إلى شباب البلاد الذين يشكلون غالبية السكان.
لا شك أن هناك منتقدين ومعارضينً لهذه الخطوات بين العناصر المحافظة في المجتمع، الذين يخشون من أن تهدد الإصلاحات الهوية الدينية السعودية، ولكن ولي العهد إعترف وأكد على أن التقدم مستحيل من دون تغيير. وكانت هذه هي القوة الدافعة وراء القرارات الأخرى التي إتخذها الأمير محمد هذا العام، ولا سيما الإعلان عن خطط لبناء مدينة ضخمة ومنتجع سياحي فاخر على البحر الأحمر كجزء من إنفتاح أوسع للاقتصاد.
وكما تصف هيفاء المنصور، أول مخرجة سينمائية سعودية مرشحة لنيل جائزة الأوسكار، الأمر ببساطة: “السينما هي فرح”، ويبدو أن جيلاً جديداً كلياً على وشك الدخول إلى تجربة هذا الفرح للمرة الأولى في عقر داره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى