لبنان أمام خيارين في 2016

بقلم الدكتور غسان الشلوق*

في بداية العام 2016 يقف لبنان أمام مفترق صعب يضعه أمام خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الاول: ان تؤدي الجهود السياسية المستمرة الى نتيجة إيجابية عبر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. ومن شأن هذه الخطوة أن تخلق اذا ترافقت مع برنامج إقتصادي إجتماعي الى صدمة إيجابية كبيرة قد تبلغ، اذا كان البرنامج المطروح إيجابياً فعلاً، حدود الفورة الكبيرة.
الخيار الثاني: أن يستمر حال الشلل السياسي والتهديد الأمني فترة اخرى بما يعكس بالتأكيد سلبيات واسعة يمكن ان تجاور حدود الإنهيار ولو الجزئي.
ويجد هذا الإعتقاد ما يبرره في مجموعة المؤشرات الإجتماعية الإقتصادية السلبية التي تجمّعت خلال العام الماضي، ومن أبرز وجوهها النمو شبه العديم (0.5%)، العجز الكبير في ميزان المدفوعات (نحو 2.2 ملياري دولار)، الإرتفاع المستمر في حجم الدين العام (نحو 145% من الناتج)، الإنخفاض المستمر في الإستثمار، وفي إستهلاك الأسر، وفي تحويلات المغتربين…
واذا صحّ أن المؤشرات النقدية – او بعضها على الأقل – إيجابية، وهذا أمر جيد خصوصاً لجهة مسائل أساسية منها إستمرار الإستقرار النقدي الإسمي والنظري وإرتفاع إحتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية الى مستوى قياسي (نحو 39 مليار دولار او 77% من الكتلة النقدية م2 أو نحو 25 شهراً من الإستيراد) – إذا صحّ ذلك، فالصحيح أيضاً ان المؤشرات النقدية لا يمكن ان تكون وتبقى لفترة غير قصيرة، حائط الدفاع الوحيد عن إهتراء سياسي وشلل وهزال إقتصاديين بإعتبار أن ما يحمي الإقتصاد – والدولة والوطن – هو المؤشرات والوقائع الحقيقية الإقتصادية الإجتماعية والسياسية الإستراتيجية طبعاً.
وثمة تناقض آخر يبرز هنا: حالة من عدم الوعي لدى الجهاز السياسي، او غالبه الفاعل على الأقل، لمدى خطورة التحدّي السياسي الإقتصادي كإنما المشكلة الحاصلة مجرد أزمة عابرة. وقد بدأت حالة من اليقظة المحدودة تظهر ولو ببطء على مستوى بعض هيئات المجتمع المدني لحجم الخطر الماثل أمامنا تدعو، طبعاً، الى معالجات حقيقية سريعة.
ونحن كمواطنين، وكإقتصاديين، ما زلنا نراهن على عقلانية ولو مفقودة على نطاق واسع حتى الآن تنقذ لبنان وشعبه.

• عميد كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الاعمال في الجامعة اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى