أقتلوا هواوي قبل أن تقتلكم!

بقلم البروفسور بيار الخوري*

على هامش النزاع التجاري العابر للقارات الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضد الصين وروسيا والإتحاد الاوروبي، وفي الإطار الصيني الذي بدأ بالنزاع حول ادّعاء إدارة ترامب بأن العملاق الآسيوي يسرق التراكمات التكنولوجية الأميركية من خلال الشراكة المحمية بالقوانين الصينية التي تُلزم المستثمر الأجنبي بالشراكة مع المؤسسات الصينية، إنتهى في آخر تداعياته إلى الإعتبار بأن إطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس الرائدة من شركة “هواوي تيكنولوجيز” (Huawei Technologies Co. Ltd) الصينية يستدعي إعلان حالة الطوارئ الأميركية ورفع الرسوم الجمركية إلى حدها الأقصى بالإضافة إلى محاولة خنق صانع الشبكات والهواتف الصينية الذكية “هواوي”.
بدت البنية التكنولوجية الأميركية مذعورة، واصطف الرواد الجدد في “غوغل” (Google) الذين طالما مثّلوا النموذج لعالم مشترك تلتقي حوله ومن خلاله أمم الأرض، وبدوا كقطاع طرق ينهلون من موروث الكاوبوي بعيداً من وعود اقتصاد المستقبل وريادة المشتركات العالمية.
شُلَّت شركة “ماكنتوش” (Macintosh) الأميركية الحائرة بين سَيَلان لعابها في أحلام الضربة التي ستُوجَّه إلى الخصم الذي وضعها تدريجاً في ذيل قائمة جبابرة الهواتف الذكية الثلاثة، وبين رعبها من خسارة السوق الصينية بعدما تحوّلت “هواوي” إلى أيقونة وطنية في بلد المليار ونصف المليار مستهلك. فحين تكلّم مؤسس “هواوي”، رين زنغفي، عن اعتقال ابنته المستمر في كندا واحتمال تسليمها إلى الولايات المتحدة، لم يتكلّم بمنطق قِيَم عالم الشركات بل تحدّث بلغة القائد الوطني الصلب تماماً كما نظر بطرس الأكبر إلى فلذة كبده وهو يموت تدريجاً أمامه، وكما استقبل جوزيف ستالين خبر أسر الألمان لابنه سائلاً عن أحوال الجبهة.
وحدها مجموعة “سامسونغ” (Samsung Group) الكورية تنام اليوم على حرير المصلحة قصيرة الأجل باستعادة السيطرة العالمية على سوق “أندرويد”.
اقول قصيرة الأجل لأن الصينيين هم شعب المسيرة الطويلة، ومن حقّق السبق العالمي في إطلاق تقنية الجيل الخامس، والذي يُسيطر على كافة الشبكات في العالم والذي حضّر طويلاً لأنظمته البديلة من أنظمة “غوغل”.
“سبايس إكس” (Space X) الأميركية تفرح بإطلاق أقمارها الإصطناعية المُصمَّمة لخدمة الإنترنت فائقة السرعة وتستعد “أمازون” (Amazon) لذلك، ولكن أي تكنولوجيا ستقوم بذلك؟ الجيل الرابع ام أكذوبة موتورولا؟
الرئيس دونالد ترامب يُحب “سامسونغ” لأن ٥٥٪ من اسهمها العامة و٨٩٪ من اسهمها التفضيلية هي ملك الطغمة المالية الأميركية: “بيري كابيتال”، “ياكتمتان لإدارة الأصول”، “أرتيزان بارتنارز” وغيرها.
أما “هواوي” فلها حكاية أخرى يكرهها جداً ترامب، فهي الشركة العملاقة الوحيدة في العالم المملوكة بنسبة ٩٩٪ لموظفيها ومن يخرج من الشركة يبيع أسهمه للشركة لتُعيد تخصيصها للموظفين الجدد. يحتفظ المؤسس زنغفي بواحد في المئة فقط من الأسهم. نموذج أخطر على الرئيس التاجر من شاروق المعلومات في الجيل الخامس. نموذج يمكن أن يكون إشارة كبيرة لمستقبل إقتصادات العالم، وضربة أخلاقية كبيرة لقدرة رأسمالية الواحد في المئة والشركات العابرة التي تتحكم باقتصاد الولايات المتحدة والعالم.
لسان حال التاجر يقول: “لنقتل “هواوي” لدينا أسباب وجيهة لذلك.”

• البروفسور بيار الخوري باحث وخبير إقتصادي، نائب رئيس الجمعية العربية – الصينية للتعاون والتنمية، وأمين سرّ الجمعية الإقتصادية اللبنانية.
• الآراء الواردة في هذا المقال تُمثل آاراء كاتبه وليس بالضرورة آراء “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى