من أَجمل مكتبات العالَم (1)

مكتبة دير آدمونت – النمسا

هنري زغيب*

في السائد عادةً أَنَّ المكتبة العامة مكانٌ للقراءة. لكنه في الواقع فضاءٌ مُؤَاتٍ للفسحة الذهنية والتفكير الهادئ الهانئ بين رفوف المكتبة، ومَنْظر الكتب، وصمت القراء على مقاعدهم. صحيح أَن الوسائط الإِلكترونية اليوم خفَّفَت، إِلى حد كبير، من ارتياد المكتبات العامة، وبات سهلًا وعمليًّا عليهم تناوُلُ حاجاتهم القِرَائية من شاشة الهاتف المحمول أَو اللوح الذكي أَو الكومبيوتر، لكنَّ هذا لا يلغي الحاجة، بل المتعة، في ارتياد مكتبة عامة تفرض هيبتها على شغف الاطَّلاع.

هنا، في لمحة وجيزة، عرضٌ لبعض أَجمل المكتبات في العالم، تتهادى بجمالها الهندسي، أَو بموقعها (قصر تاريخي قديم، بناء فخم مُهدًى إِلى الحكومة أَو البلدية، …)، وتكون الرحلةُ في كُتُبها صفحاتٍ من لقاء الثقافات وأَهمية تُراثها. وفي أُوروبا مكتبات كانت أَصلًا قُصُورًا من العصور الوسطى.

  1. مكتبة ولاية فيكتوريا – ملبورن – أستراليا

يعود بناؤُها إِلى القرن السابع عشر. وهي ليست فقط أَقدم مكتبة عامة في أُستراليا، بل إِحدى أَوائل المكتبات في العالم فتحَت أَبوابها مجانًا لجميع المرتادين الذين سرعان ما تقاطروا بالآلاف من جميع الدول وفودًا تنهل من منابع التربية والأَدب.

تتَّخذ هذه المكتبة بناءً ضخمًا كاملًا حتى ليُمكن قضاء يوم كامل فيه قبل الدخول إِلى المطالعة، لِما في المبنى من جمالِ هندسةٍ، وَهَيْبة في التقطيع الداخلي. ومن أَبرز الأَمكنة للمطالعة: قاعة “لا تُرُوب” La Trobe الكُبرى المصمَّمَة لاستيعاب نحو مليون كتاب على الرفوف، وبضع مئات من القراء على المقاعد. وهي مثمَّنة الأَضلاع، ذاتُ ست طبقات من الكُتُب، تستوعب نحو 32 أَلف كتاب، ونحو 320 قارئ في آن واحد. تمَّ افتتاحها سنة 1913، واستهلكَ البناءُ أَكبر حجمٍ من الإِسمنت في العالم. لها قبَّة عالية جدًا تجعل التنقُّل فيها، أَو القراءة، أَو التأمُّل، متعة في ذاتها. بعد إِغلاقها فترةً لبعض ترميمٍ وإِصلاحات، أُعيد افتتاحُها سنة 2003.

  1. مكتبة دير آدمونْت – النمسا

هي داخلَ حرم دير آدمونت الشهير في النمسا. تأَسَّس سنة 1074، وهو أَقدم دير في المنطقة ما زال موجودًا. مكتَبَتُهُ تضمُّ أَكبر مخزون رهبانيٍّ في العالم، وأَكبر مجموعة كتُب علْمية من التاريخ الوسيط. هندستُها من الطراز الباروكي العائد إِلى القرون الوسطى. تتميز بسبعة نقوش جدارية في سقفها حول مراحل الوعي الإِنساني: الفكْر، الخطابة، العلْم، الفنون، والتجلِّي الإِلهي.

تضم هذه المكتبة نحو 70 أَلف كتاب من عصور متعاقبة، بينها نحو أَلف مخطوطة، أَقدمُها ترقى إِلى القرن الثامن.

مكتبة معهد الثالوث – إِيرلندا
  1. مكتبة معهد الثالوث – إِيرلندا

هي داخل معهد الثالوث في دَبْلِن. تُعَدُّ هندسيًّا أَجمل مكتبة في إِيرلندا. قاعتها الكبرى تمتدُّ 65 مترًا وتتسع لنحو 200 أَلف كتاب، فيها عدد كبير من التماثيل النصفية لكبار الكُتَّاب والفلاسفة. يرتادها الطلَّاب والزوار والسيَّاح. وبين أَشهر ما فيها من آثار: مخطوطةٌ باللاتينية للأَناجيل الأَربعة، تعود إِلى القرن الثامن. وفي المخطوطة زخرفاتٌ ملوَّنة تضمُّ صفحاتها شروحًا وجداول. يرجَّحُ أَصلُها أَن يكون كُتِبَ بأقلام رهبانٍ من ديرٍ كولومبيٍّ في إِيرلندا أَو سْكوتلندا، وقد تكون ساهمت في كتابتها مجموعة مؤَسسات كولومبية معًا إِبان القرن الثامن. وأَيًّا يكُن المصدر، فهذه المخطوطة رائعةُ خطٍّ غربي، يتهافت المعنيُّون والمهتمُّون على ارتياد الدير للاطلاع عليها.

مكتبة ليلُّو في البرتغال
  1. مكتبة ليلُّو في بورتو – البرتغال

يعتبرها النقاد والمؤَرخون “أَيقونة المدينة”، لِما في تفاصيل هندستها من جمال أَخَّاذ، بسُلَّمها الفريد، وزجاجيات سقفها، وشكلها الخارجي ذي الطراز النيوقوطي. تضمُّ نتاج كبار الكتَّاب البرتغاليين. أَسسها سنة 1869 الفرنسي إِرنستو شاردرون (1840-1885) باسم “مكتبة شاردرون الدولية”. وبعد وفاته المبكِّرة تولَّاها سنة 1881 خوسيه ليلُّو وجعلها باسمه.

المقال التالي: مكتبات جميلة أُخرى.

Exit mobile version