لم يكن الطريق إلى حلِّ الدولتين للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي سهلًا على الإطلاق. فالحربُ الدائرة في غزة، والصدمةُ النفسية التي أعقبتها، والشعورُ المتزايد بالتطرُّف، كلّها تشيرُ إلى أوقاتٍ عصيبة ومضطربة آتية.
الدكتور عزيز الغشيان*
مرَّ أكثر من عامٍ على هجمات “حماس” التي أودت بحياة 1200 مواطن إسرائيلي في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وهو يومٌ مُدَمِّرٌ أدّى إلى أشهرٍ مُدمِّرة أخرى في قطاع غزة، حيث قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء وعانى عددٌ لا يُحصى من أهل القطاع بشكلٍ كبير. كلُّ الآمال التي كانت معقودةً في أن تنتهي الحربُ قريبًا تلاشت، حيث توسّعَ الصراعُ إقليميًا ودوليًا وتحوَّلَ الانتباه إلى وقفِ إطلاق النار الساخن في لبنان والأحداث الدرامية التي تتكشّفُ في سوريا.
لقد أوضحت هذه الحرب الحالة الهشّة وغير الصحّية للعلاقات العربية-الإسرائيلية. كما أظهرت أنه لا يوجدُ زعيمٌ واحدٌ لديه القوة والقدرة أو يستطيعُ حَشدَ الإرادة السياسية اللازمة لتحقيق السلام. سيتطلّبُ حلُّ هذا الصراع ديناميكيةً جديدةً من القيادةِ الجماعية التي يُمكنها أن تنظرَ إلى ما هو أبعد من اللحظة الحالية لتحويل هذا الوضع الكارثي إلى فُرصةٍ لتعزيز السلام والاستقرار والأمن. إنَّ المملكة العربية السعودية هي جهةٌ فاعلةٌ رئيسة يُمكنها المساعدة على دعمِ مسارٍ موثوقٍ للسلام، لكنها لا تستطيعُ أن تفعلَ ذلك بمفردها. ومن أجل سدِّ الفجوة بين الواقع الحالي على الأرض وتنفيذِ حلِّ الدولتين، يتعيّنُ على جميع أصحاب المصلحة القيام بدورهم. وقد اتّخذت السعودية خطوةً مهمّة من خلالِ إنشاءِ وقيادةِ تحالُفٍ عالمي مُكَرَّس لتنفيذِ حَلِّ الدولتَين.
إنَّ ما فعلته المملكة العربية السعودية هو خلقُ نقطةٍ محوريةٍ جديدة وتوليدُ الزخم الذي يُمكنُ للدول الأخرى البناء عليه تدريجًا. ومن الجدير بالذكر أنَّ التحالُفَ عقد اجتماعه الأول في الرياض، ما أعطى قدرًا كبيرًا من السلطة الرمزية لهذا الدفع من أجل السلام. ومع ذلك، فإنَّ العالم كان هنا من قبل. كانت هناكَ مبادراتُ سلام و”دفعاتٌ” نحو الحلِّ من قبل، ولكن لم يصل أيٌّ منها إلى الهدف النهائي المرجو. وفي حين أنَّ هناكَ العديدَ من الأسباب وراء ذلك، فإنَّ أحدها هو الافتقار إلى الجهود المُستدامة للحفاظ على الزخم المتحرّك في اتجاهِ حلِّ الدولتين. وهذا يُثيرُ السؤال حول كيفية استدامة التحالف الذي يدعم إنشاءَ حلِّ الدولتين أو أي عملية سلام أخرى – ما هو المفقود؟ أحد العناصر الذي قد يكون غائبًا هو التنوّع داخل العمليات المؤدّية إلى حلِّ الدولتَين.
إنّ إحدى السمات الرئيسة للفكر السعودي بشأن التنمية الاقتصادية والسياسة الخارجية هي التنوُّع المدروس. وتماشيًا مع هذا النهج الأوسع، يجب أن يكون هناك عنصران لعمليةِ سلامٍ مُتنوّعة: إعادةُ تَسَلسُل السلام قبل التطبيع والتحرّكُ نحو التكامُل الإقليمي.
دَمجُ السلام والتطبيع
إنَّ الدعمَ الأكثر أهمّية الذي يُقدّمه السعوديون للفلسطينيين حاليًا يتعلّقُ بما لا يفعلونه، وهو تطبيع العلاقات مع إسرائيل. فقبلَ أحداثِ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) مباشرةً، بدا أنَّ الحكومة السعودية على وشكِ الدخول في اتفاقيةِ تطبيعٍ مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة. في مقابل هذا التغيير الجذري المُحتَمَل في السياسة، يمتنعُ السعوديون عن التعامل مع المنافسين الاستراتيجيين لأميركا (وخصوصًا الصين)، وتساعد واشنطن على تطوير برنامج سعودي محلّي للطاقة النووية، ولا تُنكِر إسرائيل أو تمنع إمكانية إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف ــ وهو بناءٌ مُعَقَّد لم يكن شائعًا بشكلٍ خاص بين الفلسطينيين. لكن هجمات “حماس” في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) والانتقام الإسرائيلي الذي أعقب ذلك على غزة أوقفت المناقشات، وزاد السعوديون من مطالبهم لقبول التطبيع من “مسارٍ موثوق” نحو حلٍّ الدولتين إلى مطالب واضحة بـ”خطوات لا رجعة فيها” من شأنها أن تؤدّي إلى “الاعتراف بدولةٍ فلسطينية على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
ومع تكثيف الهجمات الإسرائيلية على غزة، وانخراط اليمن وإيران ولبنان في الصراع، مما هدّدَ باندلاعِ حربٍ إقليمية، تصلّبَ موقف السعودية. ومع ذلك، ظلّت لغة المطالب السعودية قابلة للتغيير إلى حد ما، بما يتماشى مع نهجها الأوسع نطاقًا في التعامل مع العلاقات مع إسرائيل، والذي مكّن المملكة من الاقتراب من اتفاقٍ يُحقّقُ أولوياتها المحلية مع إبعاد نفسها أيضًا عن التحالف غير الشعبي مع حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية. وفي سياق الانتخابات الأميركية والحرب الإقليمية المتوسِّعة، واصل السعوديون الإصرار على أنه لن يكونَ هناكَ تطبيعٌ مع إسرائيل حتى تكون هناك دولة فلسطينية.
في مقال رأي نشره في صحيفة “فايننشال تايمز” في تشرين الأول (أكتوبر) 2024، كرّرَ وزيرُ الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود دَعمَ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العلني للفلسطينيين، حيث دعا إلى وقفِ إطلاقِ نارٍ فوري، وإنهاءِ انعدام الأمن والمعاناة على الجانبين، والعودة إلى الجهود الجادة لتحقيق حلٍّ عادلٍ للصراع. وأكد رئيس الديبلوماسية السعودية التزامَ المملكة بالمقترح القائل بأنَّ “الدولةَ الفلسطينية شرطٌ أساس للسلام، وليس نتيجةً ثانويةً له. هذا هو المسار الوحيد الذي يمكن أن يقودنا للخروج من دائرة العنف هذه وإلى مستقبلٍ حيث يُمكنُ للإسرائيليين والفلسطينيين العيش في سلامٍ وأمنٍ واحترامٍ مُتبادَل”.
قبل أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كانت مفاهيم السلام والتطبيع التي يتبنّاها كلُّ جانبٍ مُتباعدة للغاية، وكانت المحاولة السعودية للوقوف على جانبي الانقسام في ملاحقةِ أجندتها الخاصة بدون تأمين ضمانات كافية للموقف الفلسطيني سببًا في إحباط المفاوضات. وقد حظيت عودة الرياض اللاحقة إلى المبدَإِ والالتزام المُتجدِّد بالدولة الفلسطينية بإشادةٍ وطنية وإقليمية. ولقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية وسومٌ مثل “لا علاقات بدون دولة” و”السعودية تنتصر لفلسطين”. ونظرًا للدعم الشعبي القوي للفلسطينيين في الداخل وفي مختلف أنحاء المنطقة، فمن غير المرجح أن يُغيِّرَ المسؤولون السعوديون موقفهم بشأن هذه القضية في أيِّ وقتٍ قريب.
مع ذلك، يُمكننا أن نتوقّعَ أن تكونَ هناكَ جهودٌ خطابية قوية لإثبات العكس. على سبيل المثال، انتشرت أخيرًا تقارير عن “اختراقٍ” سعودي-إسرائيلي. لذا، سعى المسؤولون السعوديون ضمنًا على الفور إلى إسقاط وتكذيب القصة، التي نفاها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضًا، وخصوصًا بسبب تلميحات التقرير إلى اتفاقٍ ظاهري غامضٍ بشأن حلّ الدولتين. ومن المرجح أن نشهدَ المزيدَ من مثل هذه الخطابات والروايات المثيرة في السنوات المقبلة. وهذا يشير إلى الحاجة إلى أن يكونَ أولئك الذين يدفعون من أجل حلّ الدولتين أكثر صراحةً وأن يستثمروا في جُهدٍ مُستدام للحفاظ على الخطابِ بنّاءً وهادفًا إلى إيجادِ حَلّ.
من الضروري الآن للمجتمع التحليلي السعودي أن يُبلوِرَ الخطوات “الموثوقة” و”غير القابلة للتراجع” نحو حلّ الدولتين. وعلى نحوٍ مُماثل، لا ينبغي للخبراء السعوديين أن يتحدّثوا فقط عن إسرائيل، بل يجب أن يتحدّثوا مباشرة إلى الإسرائيليين، وأن ينقلوا بوضوح رسالة الرياض حول الرابط غير القابل للكسر بين السلام والدولة الفلسطينية.
التكامُل الإقليمي الفلسطيني
إن المملكة العربية السعودية في وَضعٍ يسمحُ لها بتسهيل ليس فقط إنشاء إطارٍ للسلام ولكن أيضًا تنفيذه. وهذا من شأنه أن ينطوي على عمليةِ رَبطِ المُتطلّبات الفلسطينية بالمبادرات الإقليمية التي من شأنها أن تُساعدَ على دمجِ فلسطين في المجتمع العالمي الأوسع.
يُدركُ السعوديون أنَّ الافتقارَ إلى حلِّ الدولتين الذي يؤدّي إلى دولةٍ فلسطينية حيث يمكن للفلسطينيين العيش بكرامة يضرُّ بأمن المنطقة. ويرى السعوديون أنَّ الدولة الفلسطينية ليس فقط حقًّا بل ضرورة، والافتقارُ إليها من شأنه أن يضرَّ بالاستقرار الإقليمي الحقيقي والازدهار – وهي الظروف التي تُشكّلُ أهمّيةً حاسمة بالنسبة إلى المملكة لتحقيق طموحاتها الخاصة بعملية التنويع. وكما قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان قبل عامٍ تقريبًا: “نحن بحاجة إلى الاستقرار، ولن يأتي الاستقرارُ إلّا من خلالِ حَلِّ القضية الفلسطينية”.
وهنا يُمكنُ الاستفادة من تنويع الاقتصاد السعودي ورغبته في الاستقرار الإقليمي في خدمة تنويع عملية السلام لدعم حلّ الدولتين. لقد تمَّ إيلاءُ قدرٍ كبيرٍ من الاهتمام لإمكانيةِ دَمجِ إسرائيل في المنطقة، ولكن لم يتم إيلاءُ القدر نفسه من الاهتمام لدمج الفلسطينيين.
إذا كانت النخبةُ الحاكمة السعودية قادرةً على تنويع اقتصاد المملكة، والعلاقات الاستراتيجية، والتعاون العسكري، فلا ينبغي أن يكون هناك سببٌ يمنعُ تنويعَ الدَعمِ السعودي للقضية الفلسطينية على نحوٍ مماثل. في الرياض، يُشكّلُ التنويعُ أهمّيةً مركزيةً لرؤية السعودية 2030، وهو إطارٌ شاملٌ مُصَمَّمٌ لتحويل البلاد من اقتصادٍ يعتمدُ على النفط إلى قوةٍ اقتصادية مُتعدّدة الأوجه ومُتنوِّعة ومُكتَفية ذاتيًا. يعرفُ السعوديون وجيرانهم الخليجيون من أصحاب العقلية الإصلاحية أنهم لا يستطيعون تحقيقَ هذه الأهداف الطموحة بدون استقرارٍ إقليمي. في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024 في الرياض، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان: “في نظري، ربما تكون المخاطر الجيوسياسية هي الخطر الأوّل عندما تنظر إلى الاقتصاد العالمي … سيحتاج صنّاع السياسات إلى أن يكونوا سريعين للغاية في التعامل مع هذا”، مضيفًا: “المنطقة بحاجة إلى الاستقرار”.
لهذه الغاية، فإنَّ استثمارَ المملكة العربية السعودية في منطقةٍ أكثر استقرارًا وتكامُلًا هو على وجهِ التحديد الفُرصة التي تتطلّبها الرؤية الاقتصادية الفلسطينية المستقبلية. إنَّ النخبةَ السعودية الحاكمة قادرةٌ على المساعدة في بناءِ رؤيةٍ اقتصادية فلسطينية ــ”رؤية 2035″ على سبيل المثال ــ تعملُ كأُفُقٍ اقتصادي ضمن إطارٍ سياسي أوسع يربطُ الأهداف المحلّية السعودية بأهدافِ التنمية الفلسطينية الواقعية والتنازُلات الإسرائيلية بمساراتٍ موثوقة للنجاح. وهذا من شأنه أن يبني الثقة داخل النخبة السعودية الحاكمة في أنَّ المشاريع الفلسطينية تتطلّعُ إلى المستقبل. والواقع أنَّ القيادة السعودية الحالية تنتمي إلى جيلٍ حيث أصبحت مفاهيم الاستثمار في الأعمال والتكنولوجيا أكثر جاذبية من الشعارات التقليدية. ولهذا السبب ينبغي أن تكونَ هناك إعادةُ صياغةٍ للدعم للأهداف الفلسطينية يتردّدُ صداها لدى المسؤولين السعوديين وغيرهم في المنطقة.
وإذا نجحت هذه الجهود في إعادةِ صياغة إطارها، فإنَّ المساعدات السعودية الناتجة عن ذلك قد تكون مفيدة في تعزيز المؤسسات اللازمة لبناء الدولة الفلسطينية، وتوفير التدريب على المهارات، وتبنّي تدابير مكافحة الفساد، وربط المشاريع الفلسطينية بالمبادرات الإقليمية والدولية. في المقابل، فإنَّ هذا التنويع في الدعم للتطلُّعات الفلسطينية من شأنه أن يُسهِمَ في بناءِ لُبناتِ حَلّ الدولتين. وفي مقابلة أُجرِيت معه حديثًا، أشار الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودي السابق الذي يعكس غالبًا الخطاب الرسمي للمملكة، إلى أنَّ مثل هذا النهج ليس مُستَبعَدًا. وعندما سُئل عمّا يُمكنُ أن تُساهمَ به السعودية في تعزيز القضية الفلسطينية، أجاب الأمير: “ليس المال [السعودي] فحسب، بل والمعرفة التقنية أيضًا”.
إنَّ تنويعَ الدعم السعودي لفلسطين لا ينبغي أن يقتصرَ على ربط الشركات السعودية بنظيراتها الفلسطينية فحسب، بل وأيضًا ربط المؤسّسات بالمؤسّسات، والمُبادرات بالمبادرات، والشعب بالشعب. وهذا من شأنه أن يُساعدَ الفلسطينيين على الاندماجِ في المنطقة والقيام بالعمل الشاق المُتمثّل في تبنّي نهجٍ إقليمي لحلِّ الدولتين. والأمرُ المُهمّ أنَّ هذه الخطوة لا ينبغي أن تنتظرَ النخبة السياسية الفلسطينية “المقبولة”؛ إنَّ هذه الخطوة لا تعني بالضرورة أن يكونَ هناكَ حلٌّ سياسي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. بل إنَّ الأمرَ يستلزمُ عمليةَ استثمارٍ في المجتمع المدني الفلسطيني ونخبة رجال الأعمال، وهو ما قد يؤدّي إلى إنتاجِ حقائق سياسية جديدة للمستقبل والاستفادة من تنويع المحاورين داخل فلسطين. ويُمكنُ للسعوديين أن يعملوا على تضخيم هذا التنويع وتدويل العملية من خلال قيادةِ مؤتمرٍ للمانحين العرب والمسلمين حيث يمكن للمستثمرين المُحتَملين دعم المبادرات الحالية والمستقبلية لتعزيز الوكالة الاقتصادية الفلسطينية. والواقع أنَّ هذا قد يكون بمثابة خطوة طبيعية تالية، في أعقاب مؤتمر التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين الذي استضافته الحكومة السعودية في الرياض في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الفائت.
الخلاصة
لم يَكُن الطريقُ إلى حلِّ الدولتين سهلًا على الإطلاق. فالحربُ الدائرة في غزة، والصدمة النفسية التي أعقبتها، والشعور المتزايد بالتطرُّف، كلها تشير إلى أوقاتٍ عصيبة ومضطربة آتية. وحتى التعيينات المُعلنة للسفيرين الإسرائيلي والأميركي الجديدين في عاصمتَي كلٍّ منهما تشير إلى أنَّ ضمَّ الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل قد يكون في الأفق. وعلى الرُغم من العقبات التي تنتظرنا، يتعيّن على ممثلي مجتمع مؤيدي حل الدولتين ــسواء كانوا عربًا أو إسرائيليين أو غيرهم ــ أن يرفعوا أصواتهم ويُوَحِّدوا صفوفهم.
إننا نحتاجُ إلى خطابٍ جديد لتشجيع جميع أصحاب المصلحة على الانخراط في عملية السلام هذه من خلال معالجة مخاوفهم وتوضيح الحوافز. ويتعيّن على المدافعين عن فلسطين المستقلة أن يسلّطوا الضوءَ على العواقب المُدمّرة التي قد يجلبها الفشل في تحقيق السلام، بما في ذلك التداعيات والأضرار التي لا رجعة فيها التي قد يُخلّفها مثل هذا السيناريو على المنطقة. في الوقت نفسه، ينبغي للخطاب أن يؤكّدَ على أنَّ تنويعَ عملية السلام ودَمجَ الفلسطينيين في الشرق الأوسط الأوسع من شأنه أن يُوَلِّدَ فُرَصًا مهمّة لجميع الأطراف. في حين قد تحظى إدارة دونالد ترامب المقبلة بالترحيب من جانب حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرّفة، فإنَّ الرئيس الأميركي المُنتَخب منشغلٌ بالسلام للقيام بأعمال تجارية من خلاله. وبالتالي، فإنَّ تنويعَ عملية السلام والتكامل الإقليمي الفلسطيني لن يكونا مُناقضَين لرؤية ترامب المُفضّلة للشرق الأوسط. وهذا هو السبب على وجه التحديد وراء حاجة المملكة العربية السعودية وغيرها من أنصارِ حلّ الدولتين إلى أن تكونَ أكثر استباقية في التأثير بشكلٍ بنّاءٍ وتوجيه الخطاب لتحفيز جميع أصحاب المصلحة على متابعة هذا الحل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
- الدكتور عزيز الغشيان هو باحث سعودي يُركز على سياسة المملكة العربية السعودية تجاه إسرائيل والعلاقات العربية-الإسرائيلية على نطاقٍ أوسع.