تونس تستعد لاختيار مُستقبلها

بقلم عبد اللطيف الفراتي*

لن تتضح صورة السلطة الجديدة في تونس إلّا مساء يوم الأحد في 13 تشرين الأول (أكتوبر)، عندما تخرج تكهنات إستطلاعات الرأي بشأن الرئيس المقبل للبلاد، وإن كان يبدو أن حظوظ قيس سعيد في الفوز بقصر قرطاج، أكبر من حظوظ منافسه، نبيل القروي.

وعلى أهمية المنـــصب الرئاسي، في المخيلة الــــشعبية، فإن دستور 2014 قد ” قص” جناحيه، ودفع به إلى دور ثانوي في الحكم، وخصّه بالشأن الخارجي والأمن القومي، الذي يمكن التوسع فيه أو تضييقه، بحسب طبيعة العلاقة التي ستقوم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

وإذ كان الإنسجام طال صلاحيات رئيس الدولة بعلاقته برئيس الحكومة خلال عامين ونصف العام من العهدة الرئاسية المُنقضية، فإن ذلك كان بسبب إنتمائهما للحزب نفسه، أو على الأقل فإن رئيس الحكومة كان مُعيَّناً من رئيس الدولة ويحمل إتجاهه، وحتى عندما ساءت العلاقة بين الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد ، وتنكّر الأخير لصاحب الفضل عليه بدفع من نجل الرئيس المدلل حافظ قائد السبسي، فإن الأمر تواصل على وفاق بسبب طبيعة التوجهات في السياسة الخارجية وفي مجال الدفاع الوطني والأمن القومي .

ولعلّ الدلائل إذا كانت تُشير إلى أن الحزب الأول الذي سينبثق عن الإنتخابات التشريعية في 6 تشرين الأول (أكتوبر)، سيكون من حزب “قلب  تونس ” أي نبيل القروي، وإذا فاز قيس سعيد بالرئاسة في 13 تشرين الأول (أكتوبر) كما تشير دلالات أخرى، فإن البلاد قد تشهد خريفاً وشتاء عاصفاً مليئاً بالرعد والبرق، وهناك ثلاثة من السيناريوهات المُتداولة، إذا كانت نتيجة الإنتخابات الأولى والثانية كما ذكرنا.

وفي ما عدا إذا كانت نتيجة الإنتخابات ستقود قيس سعيد إلى الفوز هو والحزام المحيط به اليوم، على ما فيه من جهات متطرفة في الإنتخابات التشريعية، يعسر أن نراها مُنسجمة لاحقاً، ثم الإنتخابات الرئاسية، فيكون الحزب الأول من محيط رئيس الجمهورية المُنتخَب، وهو أمر مستبعد وفقاً لللأرقام المُتاحة، وفي ما عدا إذا فاز نبيل القروي وحزبه ” قلب تونس” بالإستشارتين الإنتخابيتين وهو أمر مستبعد أيضاً.

فإن السيناريو  الأول يتمثل في فوز قيس سعيد بالإنتخابات الرئاسية وحزب نبيل القروي بالتشريعية من دون أن تتعدى كتلته 30 إلى 40 مقعداً في أحسن الأحوال.

وفي هذه الحالة فإن رئيس الجمهورية يدعو ” قلب تونس ” لتشكيل الحكومة ويُعطيه مهلة 30 يوماً قابلة للتجديد مرة واحدة، فإن تحقق تشكيل الحكومة خلالها، وندخل وقتها في الشد والجذب بين رئيسي الجمهورية والحكومة. ولكن إذا لم ينجح ” قلب تونس”  في توفير 109 أصوات في البرلمان، تفشل المساعي ويضطر رئيس الحكومة المعين إلى إعلام رئيس الدولة بعدم قدرته على تشكيل الحكومة، وهو أمرٌ مُستبعَد ولكن قابل للتصوّر.

نعبر إلى السيناريو الثاني، في هذه الحالة تُصبح أيدي رئيس الجمهورية مُحرَّرة، وله أن يختار من يراه الأفضل لتشكيل الحكومة، فيختار من خارج الحزب الأول المنبثق عن الانتخابات التشريعية، وفي هذه الحالة، فإن رئيس الحكومة المعين يتمتع بمهلة شهر قابلة للتمديد لشهر آخر، ولعله يكون عاجزا خلال هذه المهلة عن تشكيل الحكومة بالنظر إلى التشتت الذي سيشهده المجلس النيابي، والتجاذب واختلافات المؤيدين اليوم لسعيّد.

عندها نمر للسيناريو الثالث المُتمثّل في تعيين رئيس الجمهورية لشخصية أخرى من اختياره، تتمتع بفترة شهرين هي الأخرى لتشكيل الحكومة، والغالب أنه إذا فشلت شخصيتان قبله فستكون حظوظ نجاحه في تشكيل حكومة بأغلبية 109 أصوات في البرلمان محدودة جداً إن لم تكن مُنعدمة.

عندها للمرء أن يتوقف عند أمرين:

تلك سيناريوهات مُحتملة، ولكن لعل الجهتين الفائزتين في الإنتخابات الرئاسية والتشريعية تقدمان  مصلحة البلاد على خلافاتهما وللحديث بقية.

Exit mobile version