“مركز التراث” يستعيد الذاكرة المفقودة

خصص “مركز التراث اللبناني” LAU ندوته لهذا الشهر عن استعادة الذاكرة الأَدبية المفقودة في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأَول من القرن العشرين، في لقاء مع الكاتبة والناشرة هالة البزري.

أَدار الندوةَ مديرُ “المركز” الشاعر هنري زغيب محاوِرًا البزري حول نشاطها في “صنوبر بيروت”، دار النشر التي أَسَّستْها سنة 2014 وتديرها، مُصدِرةً فيها، أَو معيدةً نشْر مؤَلفات أَدبية نافدة منذ فترة طويلة، مواصلةً عمَلَها الرساليَّ بإِعادة نَشْر مؤَلفاتٍ لروَّادٍ من عصر النهضة الأَدبية في لبنان.

متابعة وتدقيق

تَوَازيًا مع صُوَرٍ على الشاشة ذات علاقة بأَحمد فارس الشدياق، ضريحًا ومخطوطات، فصَّلَت البزري نشاطَها النشْريّ المتميِّز بالدقة في التحقيق، ومتابعةِ النص الأَصلي في طبعته الأُولى، مع ما في ذلك من ضنى في البحث عن كلمات ممحوَّة أَو صفحات مفقودة، بسبب تَرَهُّل الورق مع مرور الزمن منذ صدور الكتاب في تلك الحقبة الماضية.

رسول العُري

بدأَتْ بالحديث عن كتاب “رسول العري” لفؤَاد حبيش، وما كان له من صدمة، لِجُرأَة موضوعه، بين أَوساط المجتمع اللبناني في أَربعينات القرن الماضي. سوى أَن حبيش واصل نشاطه الأَدبي الجريء، حتى أَنه أَصدر سنة 1935 جريدةً أُسبوعية سمَّاها “المكشوف”، أَتْبَعها بدار نشر تحمل الاسم ذاته، فكانت الجريدة والدار منبرًا أَولَ لرواد الأَدب في لبنان طيلة الأَربعينات والخمسينات من القرن العشرين، إِذ أَصدر معظم أُدباء تلك الفترة مؤَلفاتهم في “المكشوف” فكانت هذه منصة شهرتهم.

“رُسُوم” أَبو شبكة

ثم انتقلت إِلى الكتاب الثاني: “الرسوم” للشاعر الياس أَبو شبكة، وهو سلسلة مقالات كان نشرها أَبو شبكة في “المعرض” ورسم فيها بالكلمات شخصيات أَدبية وسياسية واجتماعية في أُسلوبٍ بعضُه ساخر وبعضُه الآخَر مُنصِف. وفصَّلَت في الحديث ما عانتْه من صعوبةٍ في التدقيق بين صفحات الكتاب في طبعته الأُولى، المنخور معظم صفحاتها بالعث الآكل.

فروخ في الأَندلس

وتحدثت البزري عن إِعادة نشرها كتاب “رحلة إِلى بلاد المجد المفقود” للرسام الكبير مصطفى فرُّوخ، وهو ملخص رحلته إِلى بلاد الأَندلُس، سردَ فيه بالنص والرسوم تفاصيل الرحلة ومشاهداته والتقاطه مناظر ومشاهد ومعالم من بلاد الأَندلس.

البستاني والشدياق

ختمت البزري حديثها بأَحدث ما أَصدرت في منشورات “صنوبر بيروت”: سلسلةَ “مَنْسيَّات”، وهي كتيِّباتٌ ضئيلةُ الحجم قَطْعًا صغيرًا، ذاتُ عددٍ موحَّدٍ من الصفحات (دائمًا 64 صفحة)، تُذكِّر بحجم سلسلة “الروائع” التي أَصدرَها فؤَاد افرام البستاني في 57 جُزءًا. وأَحسنَتْ هالة البزري بتسميتِها السلسلةَ الجديدة “مَنسيَّات”، لأَنها تُحيي مؤَلفاتٍ غارقةً في عتمة النسيان، فتُعيد تنضيدَها إِلكترونيًا، مع نشْرِ غلافِها القديم، وبضْعِ صفحاتٍ من الطبعة الأُولى المفقودة، بإِخراجٍ أَنيقٍ، ليَخرُجَ الكتاب من منشُورات “صنَوبَر بيروت” أَثَرًا أَدبيًّا لائقًا بصاحبه، وأَمينًا للعصر الذي وُلدَ فيه الكتاب.

الجزءُ الأَول من سلسلة “المنسيات” كان نصَّ “بيروت” للمعلِّم بطرس البستاني، مُسْتَلًّا من مدخل حرف “الباء” في المجلَّدِ الخامس من “دائرة المعارف” (عن الطبعة الأُولى الصادرة في 20 أَيلول/سبتمبر 1881 على مطبعة المعارف – بيروت).

بعدَه أَصدَرَت الجُزءَين 2 و 3 من سلسلة “المنسيَّات”، بعنوان “الشدياق في المكشوف”، يضُمَّان نصوصَ عدد خاص أَصدَره الشيخ فؤَاد حبيش في جريدته “المكشوف” (العدد 170، تاريخ 17 تشرين الأَول/أُكتوبر 1938) احتفاءً باليوبيل الذهبي الخمسيني لوفاة أَحمد فارس الشدياق (1804-1887)، وأَوكل تحريرَه كاملًا إِلى الأَديب الكبير مارون عبود.

لبنان طوابعَ ونقودًا

في نهاية اللقاء كانت أَسئلة استيضاحية من الحضور أَجابت عنها الـمُحاضرة بالتفصيل، ومن مشاريعها المقبلة إِعدادُها للنشر حاليًّا الطبعة الجديدة من كتاب “السجينات” للشيخ فؤَاد حبيش.

وختامًا أَعلن زغيب عن ندوة كانون الأَول/ديسمبر، في الثامن منه، مع الباحث وسام اللحام حول لبنان من خلال الرسوم على طوابعه ونقده الورقي والمعدني.

Exit mobile version