“نهار” الإِمارات… ولْـتَـتَـوَالَ صيحاتُ “الديك”

هنري زغيب*

مُفْرحًا كان صدورُ “النهار” صباح الإِثنين من هذا الأُسبوع (السنة 91 – العدد 28291) وعلى تاج صفحتها الأُولى أَنَّ هذا العدد هو “أَول طبعة عربية تَصدر في الإِمارات”، مع وعدٍ من نايلة تويني أَنَّ هذه الطبعة هي “أَولُ حلقة من التوسُّع في العالم العربي، لتطبع أَعدادها تباعًا في عواصم عدة”..

مُفْرحٌ طبعًا هذا الحدَث، يكرِّس رسالة “النهار” منذ مؤَسسها جبران تويني (1890-1947) أَصدر عددها الأَول (الجمعة 4 آب/أغسطس 1933) من مكتبها الموَقَّت (شارع اللنبي-وكالة اسكندر الحداد) ثم من “سوق أَياس-قرب البرْكة”، ليُطلق منها صيحات لبنان الاستقلال بجرأَةٍ جعلَت قلمه نموذجًا ومثالًا، تطبيقًا كلَّ ما كتَبَه في صدر الصفحة الأُولى من ذاك العدد الأَول أَنَّ “النهار” هي “جريدةٌ جديدةُ الاسم لكنها ليست جديدةَ الروح”، إِذ كانت روحُهُ نابضة فيها كما أَيام كان ركنًا من جريدة “الأَحرار”…

مُفْرحٌ طبعًا هذا الحدَث، يكمل رسالة راعي نهضتها الكبرى غسان تويني (1926-2012) ومُطْلق انتفاضتها التكنولوجية العصرية الشهيد جبران تويني (1957-2005).. ومنذ تولَّت ابنتُه نايلة مسؤُولية قيادة الجريدة ومجموعتِها الإِعلامية بفروعها المتعدِّدة النجاحات، وهي تَطيرُ من فضاء صحافي، إِلى فضاء إِعلامي، إِلى منصَّات إِلكترونية، إِلى اتفاقات عربية تُقَوِّي “النهار” وتجعلُها دائمًا أُولى ورائدة كما كانت أُولى ورائدة طيلة مسيرتها منذ 91 سنة حتى اليوم. ذلك أَنَّ الغالية نايلة لا تتعاطى مع “النهار” جريدةً بل إِدمانًا…

وإِنها فعلًا “إِدمان”، هذه “النهار” الإِبداعبة… هكذا أَعرفُها مني قبل السوى.. فأَنا في أُسرتها منذ 51 سنة (1973) ولا أَزال في أُسرتها باعتزاز… حين خطَفني سعيد فريحة إِلى “الصيَّاد” فترة قصيرة (1975) لم أَنقطع عن “النهار” ولو باسمٍ مُستَعار (“هاني وردية”)… وحين سَحبَني سليم اللوزي إِلى “الحوادث” ثلاث سنوات (1976-1979) لم أَنقطع عن “النهار” (ولو بالاسم المستعار ذاته)… وحين نهائيًّا عُدتُ إِليها وحدها من كُتَّابها (1979) باستعادة توقيعي الصريح، ما عدتُ فارقتُها، ولا أَزال هانئًا فيها حتى اليوم… كنتُ من كُتَّابها وأَنا في الولايات المتحدة فكتبتُ سلسلة مقالاتي “من المنأَى الموَقَّت – بحيرة الليمون – فلوريدا”. وكنتُ من كُتَّابها حين أَطلق الحبيب جبران تويني “النهار العربي والدولي” من باريس (1980) جريدة تابْلْود أُسبوعية ثم مجلة أُسبوعية من بيروت، فكتبتُ صفحتي الأُسبوعية “مفكِّرة للسلْم في زمن الحرب”… وكنتُ من كُتَّابها حين أَطلقَ الحبيب جبران ملحق “نهار الشباب” (1996) فكتبْتُ زاويتي الأُسبوعية “كومباكْتْ”… وبعد عودتي من الولايات المتحدة (1994) كانت “النهار” أُولى زياراتي النوستالجية فأَطلقتُ فيها لاحقًا زاويتي الأُسبوعية “أَزرار” ولا تزال، وتَبلغ اليوم بالذات 1316 مقالًا… وحين أَطلقَتْ العزيزة نايلة موقع “النهار العربي” الإِلكتروني، كنتُ فيه ولا أَزال، ويصدر اليوم الجمعة مقالي فيه رقم 372…

كلُّ هذا لأَنها جريدة؟ لا… طبعًا لا… كلُّ هذا لأَنَّ “النهار” إِدمان… والغالية نايلة تعرف ذلك، وتشعر بذلك، وتُنفِّذ ذلك متعاونةً لأَجله مع فريقٍ في “النهار” عالي الخبرة والأَفكار الإِبداعية. وها بلغَت “النهار” أَن تَصدر اليوم في بيروت الأُمّ، وتَوَازيًا في الإِمارات (حاليًّا) وفي دول أُخرى (لاحقًا)، حتى يَصيحَ في تلك المدن والبلدان “ديكُ النهار” الأَزرق، هو الذي لم تعرفْهُ “النهار” شعارًا لها لدى صدورها (1933) بل عند رأْس زاوية “صباح الخير” التي كان يكتبُها، على الصفحة الأُولى من “النهار”، فؤَاد سليمان بتوقيع “تموز”… ولاحقًا انتقل “الديك” من زاوية “صباح الخير” ليكون شعار “النهار”…

كلُّ هذا لأَنها جريدة؟ لا… كلُّ هذا لأَن “النهار” إِدمان… ويا طيبَه لنايلة تويني ورفاقها المبدعين ولنا جميعًا هذا “الإِدمان”.

Exit mobile version