البحرين تتكيّف مع حالة عدم اليقين التي تخيّم على النفط

المنامة – بسام رحال

من المرجح أن يؤدّي إنخفاض أسعار النفط إلى تقلص النمو الإقتصادي في البحرين هذا العام، على الرغم من أن القطاع غير النفطي القوي، الذي يدعمه برنامج مستدام من إستثمارات الدولة، ينبغي أن يدعم توسع الناتج المحلي الإجمالي في 2016 فيما أسواق النفط تنتظر تجدّد الطلب عليها.
من المتوقع أن يتوسّع الإقتصاد بنسبة 3.6٪ هذا العام قبل أن يتراجع إلى نمو بنسبة 3.3٪ في العام 2016، وفقاً للتقرير “الفصلي الإقتصادي للبحرين”، الصادر في حزيران (يونيو) عن مجلس التنمية الاقتصادية. فيما يشكل النفط حوالي 80٪ من إيرادات الدولة، فإن النمو سيكون مدفوعاً إلى حد كبير بالنشاط في القطاع غير النفطي، يشير مجلس التنمية الاقتصادية، والذي إرتفع بنسبة 5٪ في العام على أساس سنوي في الربع الأول.
“نحن نتوقع أن يبقى النمو في قطاع النفط … ومع ذلك، ينبغي أن يظل النشاط في الاقتصاد غير النفطي قوياً، بمتوسط ​​قدره 4.5٪ [من النمو] في العام”، قال تقرير مجلس التنمية الاقتصادية. “وتجدر الإشارة، مع ذلك، إلى أن هذا الرقم قد تم تجاوزه بالفعل بشكل واضح في الربع الأول، وسرعة تنفيذ مشروع خط الأنابيب يمكنه أن يدفع الإجمالي إرتفاعاً”.
في الوقت عينه، قال عدنان أحمد يوسف، الرئيس والمدير العام لمجموعة البركة المصرفية، للصحافة المحلية في أواخر تموز (يوليو) الفائت بأنه يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4٪ على الأقل خلال هذا العام، وذلك بفضل زيادة الإستثمارات العامة في البنية التحتية والطاقة والخدمات. ” نحن نؤمن بقوة في الأسس التي يتمتع بها إقتصاد البحرين والتي جعلت منه إقتصاداً مرناً قادراً على التعامل مع التقلبات في أسواق النفط”، قال.
على الرغم من هذه المرونة، لا تزال المخاوف تخيّم بشأن تأثير إنخفاض أسعار النفط على خزينة الدولة. في حزيران (يونيو) خفّضت وكالة التصنيف فيتش تصنيفات إصدارات العملة الأجنبية والمحلية على المدى الطويل في البحرين إلى BBB- و BBB على التوالي، مع نظرة مستقبلية مستقرة. الإنخفاض في عائدات النفط والغاز أضاف الضغط على الوضع المالي في البحرين، أشارت فيتش، حيث من المتوقع أن يرتفع عجز الموازنة إلى 10.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، أي ما يقرب من ضعف المستوى المسجّل في العام 2014.
مع ذلك، من المتوقع أن يعود العجز إلى رقم واحد (تحت 10%) في 2016 و2017، فيما كسب القطاع غير النفطي موقعاً وذلك بفضل المشاريع الإنمائية الممولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وتدفق السياح من المملكة العربية السعودية المجاورة، ونمو الصناعة التحويلية.
على جانب الإنفاق، تعمل المملكة على ترشيد الإنفاق، نظراً إلى أن الإحتياطات الأجنبية متواضعة نسبياً والتي كانت نحو 6 مليارات دولار، أو ثلاثة أشهر من الواردات، في أواخر العام 2014.
لقد تمّت الموافقة على موازنة الدولة لعامي 2015 و2016 من قبل البرلمان في أوائل تموز (يوليو) بعد تأخير لمدة ستة أشهر مع وجود عجز متوقع يبلغ نحو 1.5 مليار دينار بحريني (4 مليارات دولار) لكلا الفترتين، وهذا المبلغ يتجاوز ال914 مليون دينار بحريني (2.4 ملياري دولار) المسجل في العام 2014. وفي حين كان مجلس الوزراء إقترح موازنة مع عجز مالي أقل، حوالي 1.47 مليار دينار بحريني (3.9 مليارات دولار)، فقد إختار البرلمان الحفاظ على برامج إنفاق عدة حالية، بما في ذلك الإعانات.
لقد إختارت الحكومة بدلاً من ذلك الحد من نفقاتها الخاصة، حيث أصدرت توجيهات إلى الوزارات تطلب بموجبها تحديد وفورات إضافية. وقال عيسى الحمادي، المتحدث باسم الحكومة ووزير شؤون الإعلام، للصحافة المحلية في منتصف تموز (يوليو) الفائت، أنه في حين أن القيود المالية قد إقتضت تخفيضات في الوزارات، فإن الشعب لن يتأثر مباشرة.
“علينا تقييد الإنفاق لأن لدينا موازنة ضيقة للتعامل” قال. مضيفاً: “إن أسعار النفط ليست مستقرة، ونحن لا نريد أن يستمر الإنفاق بشكل غير صحيح، حيث لا نعرف ما يخبئه المستقبل بالنسبة إلينا”.
في حين يتوقع مجلس التنمية الإقتصادية إنتعاشاً في أسعار النفط، مع متوسط سعر متوقع هذا العام يبلغ 65 دولاراً للبرميل و80 دولاراً في العام 2016، فإن العودة المحتملة لإيران إلى سوق الطاقة الدولية يمكن أن تضع المزيد من الضغوط على الأسعار. لقد إنخفض سعر خام برنت إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل في منتصف تموز (يوليو) على خبر الإتفاق المبدئي النووي.
على الرغم من إنخفاض أسعار النفط، فإن زيادة في الإنتاج المحلي يجب أن تعزز عائدات الهيدروكربونات في المدى القريب، حيث أن حقل أبو صفا البحري – الذي تتشارك فيه البحرين مع المملكة العربية السعودية – عاد إلى الإنتاج الكامل مرة أخرى. وقد شهدت حصة البحرين من هذا الحقل الذي تبلغ طاقته 150،000 برميل يومياً، إنخفاضاً بنسبة 7٪ في الإنتاج في الربع الأول بسبب أعمال الصيانة الموسمية. وقبل الإصلاحات، مثل أبو الصفا ما يقرب من 80٪ من صافي عائدات النفط و 90٪ من إجمالي مبيعات النفط الخام، وفقاً لشركة البحرين للأوراق المالية والاستثمار.
والسؤال الذي يُطرح هنا: ماذا لو إستمرت أسعار النفط والغاز بالإنخفاض؟ هل يستطيع إقتصاد البحرين الصمود؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى