الأردن يحدّد رؤيته الإقتصادية

عَمّان – ليلى الشامي

إن المسودة النهائية للبرنامج الإقتصادي الجديد، التي أُعدَّت أخيراً، تضع مساراً جديداً للتنمية الإجتماعية والإقتصادية في الأردن، كجزء من خطة أوسع لمدة عشر سنين أُطلقت في أيار (مايو) الفائت. “الأردن 2025” (المعروفة أيضاً برؤية 2025) – التي قدّمها الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء عبد الله النسور – تهدف إلى إنعاش إقتصاد المملكة من خلال إستهداف الفقر والبطالة والعجز المالي، وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
سيتم تنفيذ “الأردن 2025” عبر ثلاثة برامج تنمية تنفيذية متتالية، الأول سوف ينطلق في أواخر 2015 حتى نهاية العام 2018. وسيتم تقييم كل برنامج في نهاية كل ثلاث سنوات التي يستغرقها من أجل تحسين المعرفة لتنفيذ المرحلة التالية.
في أيار (مايو) 2015، ترأس وزير التخطيط والتعاون الدولي، عماد فاخوري، إجتماع لجنة التنسيق لإعداد برنامج التنمية التنفيذية لفترة 2016 – 2018، والتي سوف تشمل المرحلة الأولى من رؤية الأردن 2025 والإستراتيجية الوطنية. وأشار فاخوري يومها إلى أن المسودة النهائية للبرنامج من المتوقع أن تنتهي في نهاية آب (أغسطس).
تراوح نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الأردن بين 2.3٪ و 2.8٪ من العام 2009 إلى العام 2013. ورغم أن هذا المعدل عرف تحسناً طفيفاً في العام الماضي – مع تسجيل توسّع بنسبة 3.1٪ في 2014 – فإن الضغوط الإقتصادية، الناجمة جزئياً عن إضطراب إمدادات الغاز من مصر وتدفق اللاجئين من سوريا، قد حافظت على معدل نمو سنوي للبلاد دون المستوى المُستهدف السبعة في المئة الذي أوصى به صندوق النقد الدولي لمحاربة الفقر والبطالة على نحو فعّال.
إن تنفيذ “الأردن 2025″، من المؤمل، أنه سوف يساعد على زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي والحدّ من العجز في موازنة الدولة، جالباً معه التحسينات اللازمة لحياة الكثيرين من الأردنيين وزيادة نصيب الفرد من الثروة لديهم.
في نهاية تموز (يوليو)، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن ضبط أوضاع المالية العامة من المتوقع أن يساعد على إستقرار الدين العام هذه السنة، وذلك بفضل إنخفاض أسعار النفط، في حين أن العجز في الحساب الجاري سيضيق. على الرغم من التحديات الكبيرة المتبقية، فإن الخطة الإقتصادية الجديدة سوف تساعد على معالجة هذه القضايا. “هناك أيضا حاجة إلى التحرك بالنسبة إلى الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى خلق فرص العمل، والتركيز على إصلاح سوق العمل، فضلاً عن التحسينات في مناخ الأعمال ونوعية المؤسسات العامة”، قال صندوق النقد الدولي في تقريه عن البلد. “رؤية 2025 … هي فرصة لمواجهة هذه التحديات، وسوف تكون خطوة مهمة لترسيخ ذلك في إطار ماكرو مالي متوسط الأجل”.
حسب السيناريو المُستهدف في الخطة، تهدف السلطات إلى تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي تدريجاً من 3.1٪ في العام 2014 إلى 4.9٪ بعد ثلاث سنوات، و6.9٪ بحلول العام 2021 و7.5٪ بحلول العام 2025. وتسعى الخطة أيضاً إلى تخفيض العجز في الموازنة إلى الصفر بحلول العام 2025، من عجز قدره 3.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بعد المنح في العام 2014، وبالتالي الحد التدريجي للدين العام من 82.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 إلى 47،4٪ بحلول العام 2025.
لتحقيق هذه الأهداف، تسعى “الأردن 2025” إلى عكس ما تصفه بأنه التدهور الأخير في قدرة الدولة على المنافسة بالنسبة إلى بلدان أخرى. إنها تتطلع إلى مواصلة إستراتيجية إقتصادية موجَّهة للتصدير، في المقام الأول من خلال تعزيز التجارة مع الدول الأخرى في المنطقة، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي. وسيتحقق ذلك من خلال مختلف الجهود الرامية إلى خلق بيئة أعمال أكثر جاذبية، بما في ذلك تحسين سيادة القانون والشفافية في الشؤون الحكومية، والإستفادة من الإستقرار السياسي في المملكة.
سيتم تطبيق إستخدام الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتقديم إعفاءات ضريبية للشركات التي تحقق شهادات دولية للمساعدة في رفع المعايير في القطاعين الحكومي والخاص، وكلها من أجل دعم البلد في تحقيق هدفه لنقل تصنيفه من 114 إلى 75 في ترتيب البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال التجارية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تطوير مصادر الطاقة النووية للمساعدة على تقليل إعتماد البلاد على واردات الطاقة، علماً أن هدف الحكومة يكمن في تعزيز مساهمة الطاقة النووية في مزيج الطاقة من 2٪ في العام 2014 إلى 39٪ بحلول العام 2025.
لدعم التنمية الصناعية، تتبنى “الأردن 2025” نهجاً يركز على الكتلة التي تسعى إلى توسيع الصناعات القائمة التي تتميز بأداء جيد، في حين يتم تطوير التجمعات ذات الصلة أو الداعمة والمكمّلة لتلك الصناعات. وتحدّد الخطة ثماني مجموعات لديها إمكانات كبيرة من أجل التنمية: البناء والهندسة، والنقل والخدمات اللوجستية، والسياحة والأحداث، والرعاية الصحية، وعلوم الحياة، والخدمات الرقمية والأعمال التجارية، والخدمات التعليمية، والخدمات المالية.
من جهتها سوف تنشىء لجنة المنافسة والإبتكار الأردنية لجان تنسيق عنقودية لدعم تطوير قطاعات مختارة؛ هذه اللجان ستؤدي مهمات مثل تنسيق التواصل بين المجموعات وذلك لضمان تلقي التجمعات الصناعية إرشادات كافية من التدريب المختلف والمؤسسات التعليمية.
من خلال التركيز على مجموعات صناعية محددة، تهدف “الأردن 2025” إلى تعديل تكوين الناتج الإقتصادي للبلاد من خلال تعزيز الزراعة (من 2.9٪ إلى 3.4٪) والصناعة (من 22.4٪ إلى 27.4٪) والبناء (من 4.2٪ إلى 5.8٪).
والسؤال: هل ستنجح؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى