العراق: البصرة لا تدفع التعرفة الجمركية إلّا إذا دفع الأكراد

مع بدء العد التنازلي لتطبيق قانون التعرفة الجمركية الجديد في العراق والمحدد في الأول من آب (أغسطس) المقبل، بعد أن أجل ولأكثر من مرة، انتقد مجلس محافظة البصرة (صاحبة أكبر عدد منافذ حدودية في العراق) القرار، منتفضة بذلك على قرارات الحكومة الاتحادية في بغداد واعدة بعدم تنفيذ القرار إلا بشروط معينة.
وفيما طالب مجلس البصرة بشروط حتى تسمح بتطبيقه وخصوصاً شمول منافذ إقليم كردستان العراق بإجراءات القرار، كشف خبراء إقتصاد عن أن التعرفة الجمركية ستلحق ضرراً بالمواطن البسيط من دون التجار وفي محافظة البصرة بشكل خاص، الأمر الذي قد يستغله بعض الجهات الحزبية للترويج عن وقوفه مع المواطن في حال إلغاء تطبيق القانون لاحقاً كما حصل في وقت سابق.
وقال رئيس لجنة الرقابة المالية ومتابعة التخصيصات في مجلس محافظة البصرة أحمد السليطي في حديث صحافي إن: “مجلس محافظة البصرة يرفض تطبيق قانون التعرفة الجمركية الجديد”.
وأضاف أن “العمل بذلك القانون يتطلب حصول شرطين أساسيين، حيث يكمن الشرط الأول في ضرورة إلتزام الحكومة بالموعد الذي حددته لتطبيق القانون في الأول من آب (أغسطس) المقبل، أما الشرط الثاني والأهم فيكمن في ضرورة أن يطبق ذلك القرار في جميع منافذ العراق بما فيها منافذ إقليم كردستان”.
وبيَّن أن “تطبيق المحافظات الوسطى والجنوبية في العراق لقانون التعرفة الجمركية بمعزل عن محافظات إقليم كردستان سيكون مجحفاً بحقها ولصالح المحافظات غير المنفذة لذلك القانون والتي ستستقطب التجار والمستوردين لإدخال بضائعهم بأسعار أقل وهذا ما سيؤدي إلى إفراغ القانون من محتواه”، منوّهاً أنه “وعلى الرغم من أن قانون التعرفة الجمركية قانون إتحادي إلا أن الأموال التي سيتم جبايتها يجب ألّا تعود إلى خزينة الحكومة الإتحادية بل يجب إعطاؤها إلى الحكومات المحلية التي تحوي منافذ حدودية”.
وكانت وسائل إعلام محلية في البصرة قد رصدت وجود بعض الملصقات في عدد من منافذ محافظة البصرة الحدودية تدعو فيه التجار ووكلاء الإخراج الجمركي إلى الالتزام بقرار مجلس الوزراء الذي صدر في الثاني من حزيران (يونيو) الماضي والذي يلزم المنافذ الحدودية بالعمل بقانون التعرفة الجمركية إعتباراً من الأول من آب (أغسطس) المقبل.
من جهتهم، حذّر خبراء إقتصاد من إستغلال القانون لمكاسب حزبية عند تأجيل تطبيقه مجدداً أو إنهيار السوق العراقية بسبب تطبيقه، وذلك لعدم توفير مناخ جيد في الإقتصاد العراقي الذي يعتمد بالأساس على دخل أحادي من خلال بيع النفط وتدهور واضح في القطاعين الزراعي والصناعي والإعتماد على دول الجوار في سد حاجة المواطن من المواد الاستهلاكية اليومية، الأمر الذي شهد غلاء بالأسعار عند كل مرة أريد بها تطبيق القانون.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور فياض الغالبي إن: “هذا القانون الذي أُقرّ ولم يطبق منذ العام 2010 سيؤثر كثيراً في السوق العراقية، ولن تستفيد منه خزانة الدولة ولن ترفد الموازنة الإتحادية سوى بأقل من واحد في المئة وأن المتضرر منه هو المواطن العراقي البسيط”.
وأضاف أن “موازنة الدولة العراقية تعتمد بالأساس على النفط فقط، وعائدات القانون لا تساوي أكثر من واحد في المئة أي ملياري دولار، وهذا الرقم لا يضيف الشيء الكبير للدولة”.
وتابع أن “القانون تم تأجيل العمل به ولأكثر من مرة لكن مع كل إعلان عن تطبيقه تقفز أسعار المواد الإستهلاكية في السوق العراقية ويكون المستفيد الأول هو التاجر”.
إلى ذلك، قال الخبير الإقتصادي فلاح حسن، إن “السوق العراقية تفقد مقومات تنفيذ هذا القانون، فالعراق اليوم بلا زراعة وبلا صناعة وقد تنهار السوق بأي لحظة جرّاء تنفيذ قوانين قد تكون غير مدروسة بشكل جيد”.
وأضاف أن “القانون الذي أُقرّ في العام 2010 لم يرَ النور من حيث التطبيق وذلك بسبب عدم القدرة على تنفيذه في بلد لا يوجد فيه إنتاج محلي، وتجاره لا يهمهم المواطن، فضلاً عن إنتشار الفساد، وإرتفاع الأسعار الذي أثر في القدرة الشرائية للمواطن”.
وأشار إلى أن “القانون أقر وسيبقى يراوح في مكانه، فمن وجهة نظري هو خير دعاية وترويج للجهات الحزبية المتنفذة في الحكومة العراقية فالكل سيقول أنا أخاف على المواطن وقد أجلت تطبيقه”.
وكان مجلس النواب العراقي السابق، أقر قانون التعرفة الجمركية في العام 2010، وكانت أبرز مبررات إصداره وضع تعريفة تتماشى مع إصلاح الاقتصاد العراقي والتعديلات الكثيرة التي طرأت على القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى