درسان للبنان من أزمة اليونان

إن التداعيات الإقتصادية وغيرها من الآثار للإستفتاء الذي جرى يوم الأحد، في الخامس من الشهر الجاري، في اليونان تتطلب بعض الوقت لمعرفتها، ولكن في هذه الأثناء ينبغي على اللبنانيين أن يفكّروا ويتأمّلوا بما حدث في تلك البلاد لعلّهم يأخذون بعض العِبَر.
السياسيون في لبنان مُغرَمون بالتباهي بالمبادئ والممارسة الديموقراطية، ولكن قلة من الناس تأخذ ذلك على محمل الجدّ. والمشكلة هي أن هؤلاء الساسة أنفسهم مستعدّون دائماً لوضع خطابهم فجأة جانباً ودعم الحلول غير الديموقراطية إذا إستدعت المناسبة ذلك.
في تناقضٍ حاد، أدلى الناخب العادي اليوناني بصوته وجعل رأيه معروفاً وكلمته مسموعة بالنسبة إلى أزمة وطنية بالغة الأهمية تعصف ببلاده. وجاء مؤشر آخر جدّي ومهم عندما أقدم زعيم حملة “نعم” الخاسرة على تقديم إستقالته بسبب أدائه السيىء في الإستفتاء. وعضو رئيسي في فريق “لا” – وزير المالية المثير للجدل يانيس فاروفاكيس– إستقال بدوره، لمصلحة تسهيل جهود زملائه لإبرام إتفاق مع الإتحاد الأوروبي ومن أجل المصلحة الوطنية العليا، حيث أوضح سبب استقالته على مدوّنته الإلكترونية بالآتي: “بعيد إعلان نتائج الإستفتاء تبلغت بأن بعض أعضاء مجموعة اليورو والشركاء … يفضّلون غيابي عن الإجتماعات، وهي فكرة رأى رئيس الوزراء (ألكسيس تسيبراس) أنها قد تكون مفيدة من أجل التوصل إلى إتفاق. ولهذا السبب أغادر وزارة المالية اليوم”.
في المقابل، يتمتع العديد من السياسيين اللبنانيين بعلاقة متكلّفة ومتوتّرة مع الإنتخابات، والشعب، وآخر همومه المصلحة الوطنية العليا.
عندما يتعلّق الأمر بالإنتخابات، فإنهم يفعلون كل ما هو ممكن لضمان النتيجة في وقت مبكر. وعلاوة على ذلك، فإن البعض يدعم فكرة السماح لشركة إستطلاعات بإجراء إستطلاع للرأي لقياس جدارة المرشَّحين لرئاسة الجمهورية، بدلاً من الإلتزام بالتشريعات الحالية أو تعديلها. علماً أن إستطلاعات الرأي الأخيرة التي جرت في بريطانيا بالنسبة إلى الإنتخابات العامة وفي اليونان بالنسبة إلى الإستفتاء الأخير كانت كلها على خطأ.
الواقع هناك درسان يمكن إستخلاصهما من أزمة اليونان. أولهما: ينبغي على المشرّعين اللبنانيين أن يراعوا ويمارسوا ديموقراطية حقيقية عملية ويخفّفوا تبجّحهم وتفاخرهم بالنظام السياسي في لبنان، حيث تفوز القبلية والطائفية وغيرهما من الإعتبارات الضيِّقة – إذا جرت إنتخابات فعلية أم لا.
الدرس الثاني هو للناس العاديين. لا يهمّ من حصل على أكثر الأصوات في ذلك الأحد اليوناني. الشيء المهم هو أن الناس كان لهم رأي حقيقي وكلمة في تقرير مصير بلادهم، مع إستعدادهم لتحمل العواقب المترتبة على ذلك في العالم الحقيقي. لذا يجب على المواطنين اللبنانيين المطالبة بهذا الحق لأنفسهم وبأنفسهم، لأن لا أحد سيساعدهم على تحقيق ذلك.
إستيقظوا أيها اللبنانيون قبل فوات الأوان!!!
كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى