الطاقة الشمسية وقطر

الدوحة – هاني مكارم

من المعروف على الصعيد العالمي أن قطر تملك إحتياطات هائلة من الغاز الطبيعي ومكامن واسعة من النفط، حيث تغذّي الإقتصاد في البلاد، فضلاً عن قطاع الكهرباء والمياه. لكن الآن، تعطي الحكومة والشركات الخاصة الوقت لمصدر مختلف – وافر – من الطاقة: أشعة الشمس. في الواقع، مع تمتع الإمارة الخليجية بواحد من أعلى مستويات الإشعاع السنوي في العالم، حوالي 2190 كيلوواط ساعة في كل متر مربع وحوالي 3400 ساعة نهارية، يُنظر إلى الطاقة الشمسية كمصدر محتمل للطاقة في المدى الطويل لمشاريع تحلية المياه وتوليد الكهرباء في قطر. بل هي أيضا حالياً موضع بحث واسع النطاق من قبل كبار معاهد الأبحاث والتكنولوجيا في الدولة.
في كانون الأول (ديسمبر) 2013 أعلن وزير الطاقة والصناعة، محمد بن صالح السادة، أن الدوحة تهدف إلى توليد 2٪ من مزيج الطاقة لديها من الطاقة المتجدّدة بحلول العام 2020. وسيكون التركيز الرئيسي لتحقيق هذا الأمر على الطاقة الشمسية، إذ أن بعض التقارير يشير إلى أن حوالي 1740 ميغاواط من الطاقة المتجدّدة لابد أن تتحقق في السنوات الخمس المقبلة لتلبية إرتفاع إستهلاك الكهرباء، والذي يتوقع أن يصل إلى 8700 ميغاواط. إن الحافز لهذا الأمر يأتي من مجموعة متنوّعة من المصادر، ليس أقلها برنامج “رؤية قطر الوطنية 2030”. وتحدّد هذه الخطة الطموحة أهدافاً للإستثمار في التنمية البشرية والإجتماعية والبيئية والإقتصادية، مع تنمية مستدامة صديقة للبيئة – وبالتالي التنويع بعيداً من التبعية للنفط والغاز – في صميمها. وسوف يحدث هذا التنويع أيضاً في مزيج الطاقة. في الوقت الراهن، تشارك وكالات متعددة في عملية التحضير ونشر الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى وزارة الطاقة والصناعة وشركة الكهرباء في قطر ومؤسسة التوزيع والنقل “كهرماء”. هناك مؤسسة أخرى تشارك أيضاً هي معهد بحوث البيئة والطاقة التابع لمؤسسة قطر. وقد أعطى هذا المعهد الأولوية للطاقة والمياه، مع مشاريع الطاقة التي تشمل الطاقة الشمسية، وخصوصاً أبحاث الطاقة الضوئية. في أواخر العام 2014 شارك المعهد في إختبار عدد من التقنيات الكهروضوئية الحالية مع التطلع إلى تكييفها للإستخدام في قطر. إن درجات الحرارة في النهار في بعض الأحيان هي خارج نطاق قدرة أجهزة الطاقة الشمسية المتاحة، في حين أن الغبار والرمال أيضاً يشكّلان مخاطر في البيئة الصحراوية للدولة.
وقد إتخذت الخطوة أولى نحو هدف ال2٪ في العام 2014، مع الإعلان عن إطلاق مشاريع تجريبية كجزء من برنامج الطاقة الشمسية تصل قدرته إلى 200 ميغاواط. وفي حزيران (يونيو) من ذلك العام، إفتتحت “قطر للطاقة الشمسية” منشأة متكاملة لتصنيع طاقة ضوئية تصل قدرتها إلى 300 ميغاواط في منطقة الدوحة الصناعية.
في الوقت عينه تقريباً، بدأت شركة قطر لتقنيات الطاقة الشمسية – وهي مشروع مشترك بين مؤسسة قطر وقطر للطاقة الشمسية والمجموعة العالمية للطاقة الشمسية وبنك قطر للتنمية – بناء منشأة لتصنيع ال”بولي سيليكون” للوحات الضوئية، جنباً إلى جنب مع منشأة وحدة تصنيع ومزرعة للطاقة الشمسية تصل قدرتها إلى 1.6 ميغاواط. ويقول رئيس مجلس إدارة “قطر لتقنيات الطاقة الشمسية” خالد الهاجري أن “مجموع الإستثمارات للمصنع بلغ حوالي 1.5 مليار دولار”. مضيفاً: “فيما التكامل العمودي يتقدّم، نحن نريد تحقيق 6.5 جيغاواط من إنتاج الطاقة الشمسية. وسيتم تحقيق المرحلة الأولى من التكامل العمودي بحلول العام 2015 وستصل إلى قدرة الإنتاج إلى 300 ميغاواط”.
مع ذلك، تواجه هذه الأهداف الطموحة تحديات، بينها إحدى العقبات غير التقنية المحتملة التي تتمثل بهيكلية التعرفة المنخفضة لكل من الماء والكهرباء. ذلك أن هذا الوضع يجعل فترة الإسترداد المالي واسعة بالنسبة إلى الطاقة الشمسية، والتي تشكّل عنصراً حاسماً في معظم أسواق الطاقة الشمسية، نظراً إلى تكاليف رأس المال الأولية. وهناك أيضاً إمدادات وفيرة من الغاز الطبيعي لإستخدامها في توليد الطاقة والمياه، مع سعر النفط والغاز حالياً في إنخفاض. ومع ذلك، فإذا أرادت قطر التطوير بطريقة مستدامة قائمة على المعرفة بدلاً من الموارد، فعندها سيكون تطوير قطاع الطاقة المتجددة ما زال يحمل الكثير من المعاني.
إذا كانت الدوحة قادرة على تمويل إستثمارات كبيرة في هذه المرحلة في تكنولوجيات جديدة وفي ظروف معيّنة لمنطقة الشرق الأوسط، فيمكن أن تصبح قطر رائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية، وهذا الأمر قد يكون أكثر جاذبية في المدى الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى