التقدّم إلى الوراء… والتراجع إلى الأمام

بقلم إيلي صليبي*

ليس من الضروري مراجعة “مقدّمة إبن خلدون” لوصف حال العرب كأمة، ولا حاجة للتذكير بوصف هزيمة الخامس من حزيران (يونيو) 1967 بال”نكسة”، فليس أدل على إنتصاراتنا الوهمية وهزائمنا المرفوضة، من مراقبة المشهد العربي من محيطنا الى الخليج، اللَّهم بعين لا عَوَر فيها ولا حَوَل.
بيننا وبين التقدّم عداء، وبيننا وبين التراجع عشق تاريخي.
حملنا مضاربنا الى المدن، وأسّسنا أنظمتنا على قبلية العشائر.
فلا عجب إن تشبّثنا بتراثنا، ولا حرج إن جاهرنا ببداوتنا.
فالعرب أمة من شعوب، وشعوبهم من قبائل، وقبائلهم من طوائف، وطوائفهم من مذاهب. تنوّعٌ لكنه فسيفسائي، سرعان ما يتناثر عند أي ملمة.
خصَّنا الله بالأنبياء فتحاربنا بإسمهم… وبالأولياء فقتلناهم وتقاتلنا على دمهم.
خصَّنا الله بأرض، الخصيب منها أهملنا زراعته، والمكتنز بجوف يدفق ذهباً بذَّرناه.
نشتري الشرور، ونستورد المؤامرات.
كأننا نحمل في “جيّناتنا” أمراضاً لا شفاء منها، من أعراضها التنابذ والثأر، والتقدّم إلى الوراء… والتراجع الى الأمام.
بماذا نفسِّر كلّ ما يجري في كلّ دولة عربية على حدة؟
وكيف نبرّر عار إنسياقنا الى ما حيك لنا من مكائد؟
وهل نستر عوراتنا بتجاهل “أوراق التين”؟
هل نداوي الداء بالداء؟
وماذا يجبرنا على الإنتحار؟
هلّا خطر ببالنا أن “الشرق الاوسط الجديد” هو مجرد إعادتنا الى ما كنا عليه قبل هذا “الشرق الاوسط” الحالي على تخبّطه وضياعه وإهدار دمه وثروته؟
جرعة واحدة من سُمِّ أفعى الغرب كافية لقتل “خير أمة أخرجت للناس”؟
لا تُصدِّقوا أن الترياق أعجمي.
الحل؟
إرموا سلاحكم في أراضي المعارك.
أو صوِّبوه نحو عدو يتفرّج اليوم على فرسانكم وهم يهجمون الى الوراء… ويديرون الى الأمام.

• كاتب، وأديب، وإعلامي لبناني، والمدير العام السابق للأخبار في المؤسسة اللبنانية للإرسال (أل بي سي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى