هل هناك مسرح عربي؟

على الرغم من إنتشار المهرجانات والحفلات الغنائية والمسلسلات التلفزيونية والسينما في العالم العربي، فإن المسرح بمعناه الحقيقي لم يعرف رواجاً ولا إزدهاراً على الرغم من بعض المحاولات التي لم تنتعش كثيراً، علماً أن تاريخه في منطقة الشرق الأوسط يعود إلى القرن التاسع عشر. فهل هناك من أسباب تمنع ذلك؟ التقرير التالي الذي كتبه مدير التحرير في بيروت جوزف قرداحي يحاول العودة إلى الجذور.

مسرحية "مريم وتعود الحكاية": من الأعمال السعودية
مسرحية “مريم وتعود الحكاية”: من الأعمال السعودية

بيروت – جوزف قرداحي

هل عندنا مسرح حقيقي في العالم العربي؟

سؤال كثيراً ما يتبادر إلى أذهان متابعي الحركة المسرحية وخصوصاً المهتمين بالمسرح من الطلاب العرب في معاهد الفنون والتمثيل؟!
الواقع أن لا مسرح حقيقياً في عالمنا العربي، على الرغم من وفرة الأعمال المسرحية في كل من سوريا ومصر والعراق والمغرب وتونس والجزائر بإستثناء لبنان الذي سنخصص حلقة كاملة عنه نتناول فيها مسرح الأخوين رحباني ومدى تأثيرهما في الحركة المسرحية في لبنان والعالم العربي، ومساهمتهما بشكل خاص في تطوير مفهوم الأوبريت الغنائية المشرقية.
أما سبب غياب المسرح الحقيقي في الوطن العربي، فيعود إلى أمرين:
الأمر الأول هو الثقافة العربية التي غاب عنها هذا النوع من الفنون الراقية، لفتاوى دينية حرّمت الفن التشخيصي وإعتبرته عبادة وثنية كافرة. أما الأمر الثاني فهو أن معظم ما تم تقديمه كان أعمالاً مقتبسة لمسرحيين عالميين مثل موليير وجان راسين وبيار كورني وشكسبير وغيرهم، علماً أن رقابة الأنظمة العربية كانت دائماً بالمرصاد لأي نص أو مشهد قد يتهيّأ لها أنه تحريض على النظام أو قد يتجاوز الخطوط الحمر من الحرية المسموح بها.
على الرغم من أن الحركة المسرحية في العالم العربي قد بدأت أولاً توجهها نحو الأدب الشعبي، إلا أن رواد هذه الحركة كانوا في معظمهم ينتمون إلى الطبقة البورجوازية ذات الخلفية الثقافية الفرنسية، الأمر الذي جعلهم يفشلون في تأسيس مسرح أصيل ينتمي إلى الطبقات الشعبية، فبقيت مساهماتهم عبارة عن تعريب لأعمال عالمية مثل مسرحية “البخيل” لموليير التي قدّمها مارون النقاش في العام 1848على خشبة أقامها في بيته.
ومارون النقاش الذي سنتوسع في مسرحه في الحلقة المقبلة كما ذكرنا، يعتبره النقاد أب المسرح العربي، كان من أغنياء بيروت، يعمل في التجارة، وعاش مرحلة من شبابه في إيطاليا التي اكتشف فيها سحرين، سحر القماش الإيطالي فصدّره إلى بيروت وتاجر به، وسحر الفن المسرحي الذي شغف به وكرّس نفسه ووقته لتعريب وتأليف الأعمال المسرحية مثل مسرحية “أبو الحسن المغفّل وهارون الرشيد” التي أخرجها في العام 1850 مستلهماً أحداثها من قصص “ألف ليلة وليلة”.
أما في سوريا فقد بدأ المسرح إنطلاقاً مما كان يُعرف بفن “الكراكوز” الذي كان يُقدَّم في المقاهي الشعبية مع وصلات راقصة يطلق عليها إسم “رقص السماح”، وهي بحسب معجم “محيط المحيط” للمعلم بطرس البستاني: “إنه رقص للمشايخ يستعملونه في العبادات، ويؤدَّى في تشكيلات ونغمات وإيقاعات وخطوات متعددة على شكل وصلات تُغنَّى فيها الموشَّحات والقدود”. وقد كان من أشهر ممثلي “الكراكوز” الفنان محمد حبيب، الذي ساهم في إنتشار هذا النوع من الفنون في دمشق قبل الإنتداب الفرنسي.
يذكر المؤرخون أن مقاهي دمشق القديمة كانت مسرحاً لأنواع عديدة من الفنون الإستعراضية التي تنافس عليها ما كان يُعرف بمسرح “الحكواتي” ومسرح “الكراكوز” وحلبات المصارعة ومبارزة “السيف والترس” وتقديم فنون الرقص، إضافة إلى إستضافة بعض الأعمال المسرحية المُعّرَّبة لمارون النقاش، التي إستمر جمهور النخبة من أهالي دمشق يُقبل عليها بشغف حتى وفاته في العام 1855، الأمر الذي تسبب بشل وركود الحركة المسرحية نحو عشرين عاماً.
لم تستمر حالة الركود هذه حتى جاء سليم النقاش إبن شقيق المخرج الراحل، وأسس فرقة مسرحية بالتعاون مع الصحافي والشاعر السوري الأرمني الأصل أديب إسحق، وسافرا بها إلى الإسكندرية في مصر، وقدما مسرحيات عدة على مسرح “زيزينيا” كان عرّب معظمها المخرج الراحل مارون النقاش، مثل مسرحية “أندروماك” للفرنسي جان راسين، وأوبرا “عايدة” التي كان قد عرّبها سليم النقاش عن الإيطالية، ثم دراما “الطاغية” وهي من خمسة فصول كتبها سليم النقاش وقدمها على مسرح ” الأوبرا” في القاهرة في العام 1878، ومن ثم توالت أعمالهما المسرحية ليقدما مسرحية “شارلمان” المستوحاة من حياة ملك الفرنجة أو إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة (742 – 814). كما قدّما مسرحية “الباريسية الحسناء” من تأليف أديب إسحق.
وعلى الرغم من شغف الثنائي سليم النقاش وأديب إسحق الكبير بالمسرح، فإن إقتصار أعمالهما على جمهور النخبة من دون الوصول إلى الشريحة العريضة من الطبقة الشعبية، أصابهما بنوع من الإحباط جعلهما يتراجعان عن الإستمرار في المسرح، ليتفرغا نهائياً للصحافة، وأسسا سوياً جريدة “مصر” في العام 1877، ثم جريدة “التجارة” في العام 1878 وهي تُعتبر أول صحيفة متخصصة بعالم الإقتصاد والمال والأعمال، ثم جريدة “المحروسة” في العام 1880 والتي تم دمجها مع جريدة مصر في وقت لاحق، فباتت تصدر بإسم “مصر المحروسة”.
لعبت الإرساليات المسيحية في تلك الفترة دوراً بارزاً في نشر ثقافة المسرح داخل المعاهد التربوية والمدارس والأديرة التي كانت ناشطة بشكل كثيف في مدينة الموصل العراقية، فساهم دير الآباء الدومينيكان في العام 1893 بإصدار أول مسرحية مطبوعة قام بتعريبها المسرحي العراقي نعوم فتح الله سحار تحت عنوان: “لطيف وخوشابا” وهي مسرحية مقتبسة عن الاوبرا الكوميدية الفرنسية “Fanfan et colas”.
يؤكد الروائي العراقي الراحل الدكتورسعدي المالح في مؤلفاته، أن الفضل الأول لنهضة المسرح العراقي يعود إلى الأشوريين العراقيين، الذين حافظوا على حضارتهم القديمة والتي تمتد إلى أكثر من ستة آلاف سنة وذلك بفضل الأدباء الكلدان السريان الآشوريين. وتشير الدراسات المتخصصة بتاريخ المسرح العراقي إلى أن رجال الدين المسيحيين وقدامى المعلمين في المدارس الملحقة بالكنائس كانوا من أوائل الذين ألّفوا أو عرّبوا الأعمال المسرحية الكوميدية والدرامية، ثم مثّلوها على المسارح في الكنائس والمدارس، وبالتالي أدخلوا هذا الفن الجديد إلى العراق ونبّهوا الجمهور إليه. ولهذا نرى الطابع الديني، لا سيما المسيحي منه، يغلب على معظم الأعمال المسرحية العربية الأولى في العراق.
ومن الأسباب التي ساهمت في نشر ثقافة المسرح (يقول الدكتور المالح) هي البعثات التبشيرية والجمعيات والمدارس المسيحية التي أدخلت اللغات الأجنبية الحية كالفرنسية والإيطالية والإنكليزية والألمانية إلى مناهج التعليم، فضلاً عن التواصل مع الغرب والإطلاع على ثقافته، ومن ثم محاولة تقليد الأجناس الأدبية الغربية وبخاصة فن القص في إطاره التمثيلي لتوجيه طلاب المدارس إلى المثل العليا الدينية والتربوية.
من رواد المسرح العراقي الذين كانت لهم بصمات واضحة في تأسيس مداميك هذا الفن الراقي في بلاد الرافدين، القس حنا حبش (1820 -1882) إبن قرية قره قوش في لواء الموصل، والذي دخل منذ نشأته سلك الكهنوت متدرجاً حتى اصبح قساً يخدم في كنيسة الموصل الكلدانية.
كتب حنا حبش مسرحيات مستوحاة من العهدين القديم والجديد من الإنجيل، وقد ظهر أول عمل مسرحي له في العام 1880، تحت عنوان “آدم وحواء” ثم تباعاً مسرحية “يوسف الحسن” ومسرحية “طوبيا”. وقد قامت المطبعة الكلدانية في لبنان بطبع المسرحيات الثلاث ضمن كتاب.
تميّزت مسرحيات حنا حبش (كما يروي د. المالح) بالإتقان نصاً ومعالجة، كما تضمنت رسماً بارعاً لشخصيات أبطالها بمنهجية أكاديمية واضحة. ففي مسرحية “آدم وحواء” مثلاً يلتبس فعل القتل المتحقق على شخصية قايين كفاعل، وبالتالي يلتبس أثر القتل في هابيل الضحية كمفعول به. حيث نلاحظ أن القاسم المشترك في معظم مسرحياته هو طابع التراجيديا، كما نرى في مسرحية “يوسف الحسن” الذي يقع هو الآخر ضحية أطماع إخوته الذين يقدمون على قتله إفتراضياً. فيبرع حنا حبش في نقل نبض الحركة الملتبسة بالعنف إلى المسرح، فنلاحظ أيضاً في مسرحية “طوبيا” أن فعل القتل المؤجل يتجسّد في إصدار قرار الحكم بالقتل على طوبيا وأسرته. وبهذا نكتشف أن الكاتب يبرع في إستخدام أسلوب التشويق، حيث يكون فعل القتل التراجيدي في المسرحيات الثلاث القوة الجاذبة لإلتقاط أنفاس المتفرج.
الحديث عن القس حبش يجرنا بالتالي إلى الإضاءة على الأب هرمز نرسو الكلداني (1820-1892) الذي كتب مسرحية تاريخية بعنوان “نبوخذ نصّر” وتدور أحداثها حول فتح أورشليم وأسر اليهود وسبيهم إلى بابل.
وكأن التاريخ يعيد نفسه، فما يجري اليوم في العراق من تحطيم للحضارة الأشورية على أيدي تنظيم “داعش”، وتهجير المسيحيين من الموصل ومصادرة ممتلكاتهم وسبي نسائهم، ما هو إلا ترجمة لأحداث تلك المسرحية التي قُدمت على مسرح مدرسة الآباء الدومينيكان في الموصل في العام 1889، وبالتالي التي تعيد إلى الأذهان صراع الحضارات منذ نشأتها.
لم يقتصر المسرح في العراق على المسرحيات الدينية أو المترجمة، بل تطور نحو المسرح الغنائي أو ما يُعرف بمسرح الأوبريت على يد إسكندر زغبي (1838 – 1912) الحلبي الأصل والمولود في الموصل، والذي شغف بالموسيقى والزجل نتيجة فقدانه البصر منذ طفولته بسبب إصابته بمرض الجدري. وقد صنّف النقاد وأساتذة الفنون الدرامية، مسرحيات إسكندر زغبي الغنائية بـ”الأوبريت”، بفضل ما تتميز به من حوارات غنائية زجلية كان يؤدّيها طلبة مدرسة الدومينيكان. ولكن المؤسف في الأمر أن أكثر هذه المسرحيات ضاع ولم يحفظ منها إلا عدد نادر من المسرحيات القصيرة مثل: “بزونتي” و” البناء” و”ببالي وزوجها” التي تم تجسيدها على خشبتي مسرح الكلدان والدومينيكان، باللهجة العامية الموصلية.
وفي العام 1905 طور إسكندر زغبي مسرحه وقدم مسرحية طويلة بعنوان “بائع الخردوات” وتدور أحداثها حول تاجر يُدعى عمو إبراهيم يبيع الخردوات القديمة ويسخر منه الزبائن، بسبب خوفه الدائم من زوجته التي كانت تقسو في معاملته ولا تتوانى عن ضربه وتعنيفه أمام بناته. كتبها المؤلف باللهجة المحلية الموصلية أيضاً، وأدّاها أبطالها بمصاحبة فرقة موسيقية حيّة، كانت بمثابة خطوة متقدمة جدا في الإنتاج المسرحي قياساً إلى ذلك الزمان.
مع مطلع القرن العشرين شهد العالم العربي بداية نهضة مسرحية شملت معظم العواصم العربية ولا سيما بلدان الخليج العربي مثل الكويت والبحرين وقطر والأمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى كل من الأردن وفلسطين والمغرب وتونس والجزائر وغيرها.
تأثرت فلسطين بنهضة الثقافة المسرحية منذ العام 1914 بفضل الفرق المصرية التي كانت تزورها وتقدم عروضها على مسارحها، مثل فرقتي جورج أبيض وسلامة حجازي، حيث تعاونت كلٌّ من الفرقتين على تقديم عشرات المسرحيات المقتبسىة مثل مسرحية “لويس الحادي عشر” للروائي الفرنسي بوانسون دو ترايل، و”تاجر البندقية” لشكسبير و”أوديب الملك” للمسرحي اليوناني سوفوكليس وغيرها من الأعمال المقتبسة ولكن بنهج مسرحي متطور برع به اللبناني المقيم في مصر جورج أبيض، حيث إستخدم أوركسترا ضخمة في مسرحياته، تتولّى عزف المقدمات الموسيقية بين فصول المسرحية، فضلاً عن بعض الجمل الموسيقية المصاحبة لأهم الأحداث الدرامية.
هذه الأعمال الضخمة التي قدّمها جورج أبيض بمعاونة سلامة حجازي في فلسطين كانت المحفّز الأكبر لنخبة من الشباب الفلسطيني المثقّف للقيام بتأسيس أول معهد للتمثيل الدرامي في القدس أطلقت عليه إسم “نادي الإخاء الأرثوذكسي”، الذي أنتج أول مسرحية معرّبة شاركت في تقديمها الفنانة الإستعراضية اللبنانية المقيمة في مصر بديعة مصابني. الأمر الذي ساهم على أثرها في تأسيس العديد من الفرق المسرحية مثل “المنتدى الأدبي” الذي كان من مؤسسيه فخري النشاشيبي وحسن صدقي الدجاني وبندلي قرط وغيرهم. حيث قدموا عدداً من المسرحيات التاريخية مثل: “صلاح الدين الأيوبي” و”طارق بن زياد”. ثم توالت منذ العام 1920 حتى العام 1947 أي قبل عام واحد من النكبة، عشرات المعاهد والأندية التي قدمت للجمهور الفلسطيني أهم المسرحيات المحلية والمُعرّبة.
أما حركة المسرح في دول الخليج العربي، فعلى ندرتها، إلا أنها بدأت ترى النور منذ العام 1919 في البحرين، وذلك من خلال المناهج التربوية التي إقتصرت بداية على طلاب المدارس الأجنبية وبعض الأندية الرياضية الخاصة مثل “نادي الجزيرة” قبل أن يتم دمجه في العام 1973 مع “نادي الحالة”. ويشير المخرج البحريني خليفة العريفي أنه “لا يوجد ما يشير إلى أن الحضارات الكبرى التي مرّت على جزر البحرين، قد عرفت شيئاً من المسرح بدءاً من العصر الدلموني ومروراً بالعصور الإسلامية وانتهاءً ببداية القرن العشرين. ويؤكد أن المدارس الحكومية في البحرين لعبت دوراً مهماً في ظهور المسرح في المملكة، ومن هذه المدارس مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق، حيث تم عرض أول عمل مسرحي فيها سنة 1925 بعنوان “القاضي بأمر الله”.
ساهم الأساتذة والمعلمون الذين إستقدمتهم حكومة البحرين من سوريا ولبنان وفلسطين ومصر في تنشيط الحركة الثقافية المسرحية في المملكة، وذلك من خلال تقديم العروض المسرحية عن تاريخ الإسلام للمساهمة في إيصال معاني التاريخ الإسلامي إلى الطلاب بأسلوب سهل وممتع، وكانت مسرحية “وفود العرب على كسرى” أول مسرحية تتناول التاريخ الإسلامي، عرضتها مدرسة الهداية الخليفية على خشبتها في العام 1928. ثم مسرحية “ثعلبة” التي قدمتها المدرسة في العام نفسه، ولكن المؤسف في الأمر أنها كانت المسرحية الأخيرة التي تُقدَّم على خشبة تلك المدرسة بعدما إنتقل النشاط المسرحي إلى الأندية الخاصة والمسارح التي بدأ تأسيسها منذ مطلع أربعينات القرن المنصرم مثل “مسرح جلجامش” و”المسرح البحريني الوطني” ومسرح “أوال” وغيرها.
وفي دولة الكويت أيضاً كانت بداية المسرح من المدارس، حيث تأسست أول فرقة مسرحية في العام 1938 وهي “فرقة المباركية” ثم “فرقة الاحمدي” في العام 1940. ومن رواد المسرح الكويتي حمد الرجيب (1922 – 1998) الذي يعتبر صانع المسرح في الكويت، وهو إلى ذلك شغل منصب وزير وسفير، بالإضافة إلى مساهماته الكثيرة في نهضة الحركة المسرحية، وقد أخرج عدداً كبيراً من المسرحيات مثل: “أبو محجن الثقفي” و”تاجر البندقية” و”صلاح الدين الأيوبي” وقيس وليلى” وغيرها. كما ساهم في تشجيع زملاء عديدين له على الإتجاه إلى فن التمثيل والإخراج، ومنهم الممثل الكويتي المعروف محمد النشمي (1940 – 1984) الذي قدم أكثر من عشرين مسرحية.
يبقى أن نشير إلى أن المسرح في باقي دول الخليج العربي، مثل قطر، المملكة العربية السعودية، والإمارات ليس أفضل حالاً من سائر الدول العربية التي ذكرناها في هذا التحقيق. ولا سيما أن معظم تلك النشاطات لم تخرج عن إطارها المدرسي وبقيت ضمن نطاق مبادرات المدارس الأجنبية التي تضم طلاباً هم أبناء الموظفين والعمال الأجانب الذين ينتمون إلى ثقافات غربية أو ثقافات لا تتعارض دينياً مع فنون المسرح مثل لبنان ومصر وسوريا وتونس والمغرب والعراق وغيرها.
ونعود بالتالي إلى السؤال الأول الذي افتتحنا به هذا التحقيق: هل عندنا مسرح حقيقي في العالم العربي؟
إستناداً إلى ما تقدم، لا يمكن إبتداع ثقافة غير موجودة في الأصل، ولا تمتلك التربة الصالحة لنموها. فباستثناء مصر ولبنان وبعض المحاولات في كل من سوريا والعراق وتونس، نؤكد أن ثقافة المسرح ستبقى غائبة عن صحراء لا تنبت فيها إلا العقائد الدينية المتطرفة، التي تبيد كل الحضارات ومعها الإنسان المختلف، وما شهدناه أخيراً من أعمال همجية في متحف الموصل، الذي تم فيه تدمير الآثار التاريخية التي تعود إلى ستة آلاف سنة، خير دليل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى