إستثمار المليارات في البنية التحتية وسيلة للغرب لتنشيط إقتصاداته

يبدو الإنفاق العام على البنية التحتية الذي يدعو إليه الرئيس الأميركي باراك اوباما في الولايات المتحدة ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في أوروبا، وكأنه السبيل الأخير لتنشيط الاقتصاد في الغرب الذي تنقصه الإستثمارات، إلا أن هذا الخيار يثير تحفظات كبيرة.
وتشبه خطة أوباما التي تنص على إنفاق 478 مليار دولار من الإستثمارات في البنية التحتية في السنوات الست المقبلة، خطة يونكر التي تدعو الى ضخ 315 مليار يورو خلال ثلاث سنوات.
ومع تباطؤ النمو العالمي، خصوصاً في الصين، “بات الوقت مناسباً لتسريع النشاط في البنية التحتية”، وفق ما أعلن صندوق النقد الدولي في أيلول (سبتمبر) الماضي. وهذه النصيحة يمكن أن تطبّق في أوروبا التي تـشهد نمواً ضعيـفاً وفي الولايات المتحدة التي لا تزال في طور إستعادة النشاط.
وتحتاج الولايات المتحدة إلى تطوير شبكتها للنقل العام، فثلث الطرق في “حالة سيئة” وجسر من أصل تسعة “يعاني من عيوب”، وفقاً للجمعية الأميركية للهندسة المدنية، كما أن القطار السريع الذي يربط بوسطن بواشنطن يتأخر مرة من أصل ثلاث مرات.
وقال المحلل في مصرف “إيفركور” الأميركي تيري هينز إن “خطة اوباما في العام الماضي لإنفاق 300 مليار دولار خلال أربع سنوات حصلت على موافقة جزء من الجمهوريين، وقد يكون المبلغ النهائي قريباً من هذا الرقم”.
وقال مدير التحليل الاقتصادي لدى “كزيرفي” أوليفييه باسيه: “يبدو الأمر ممتازاً على الورق”، ولكنه لا يزال غير واثق بقدرة أوباما على فرض هذا النوع من الإنفاق على الكونغرس الذي تسيطر عليه المعارضة. وحتى لو نجح في ذلك، فإن الضريبة “الإستثنائية” التي ستفرض على الأرباح الدولية للشركات الأميركية من أجل تمويل الخطة لن تؤثر في الإستثمار أو نشاط الولايات المتحدة، كما أكد الخبير في جمعية “تاكس جاستيس نتوورك” غير الحكومية جيمس هنري، مذكراً بأن “ضريبة مشابهة فرضت في العام 2004 لم تؤد إلى إيجاد وظائف”.
وفي أوروبا، يعاني الصندوق الأوروبي المقبل للاستثمارات الإستراتيجية في وسائل النقل والطاقة والمجال الرقمي والتعليم والأبحاث والابتكار من “عدم إعطائه حجماً ولا نفوذاً كافيين”، وفق باسيه.
وتأمل المفوضية الأوروبية بزيادة الضمانات العامة البالغة 21 مليار يورو والناجمة عن موازنة الإتحاد الأوروبي والمصرف الأوروبي للإستثمار، 15 ضعفاً من خلال جذب جهات إستثمار خاصة، و”لكن لا أحد يريد تحمل الأخطار”، وفق ما أعلن الخبير في المرصد الفرنسي للأوضاع الإقتصادية إريك هيير.
وأكد باسيه أن “هذا التغيير في السياسة المالية التي تلتزمها بروكسيل حتى الآن، إشارة أكثر أهمية من الخطة نفسها، وعلى الدول البدء بالاستثمار، فهو السلاح الأخير المتبقي لديها”. وأشار إلى أن “برنامج إعادة شراء الديون الذي أعلنه المصرف المركزي الأوروبي في أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، لا يتيح الخروج من الحلقة المفرغة، فمهما صرفنا من السيولة وخفّضنا نسب الفوائد، فإن الشركات ليس لديها إقبال في غياب آفاق للنمو”.
وفي فرنسا، توقع الاتحاد الوطني للأشغال العامة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تراجعاً في النشاط نسبته ثمانية في المئة بعد تراجعه خمسة في المئة في العام 2014.
واعتبر هيير أن “على المفوضية الأوروبية أن تقرر وجهة توجيــه الصــــندوق الأوروبــــي للاستــــثمارات الإستراتـــيجيـــة ومنـــطقته، خصوصاً أنها في حاجة ماسة للإستثمارات”. وختم بالقول: “الإنفاق يمكن أن يغـطي النـقـص بسبـب التأخر في البنية التحتية لدى الدول، على غرار ألمانيا، أو دعم إستعادة النـشاط في دول تشهد تأخراً في دورتها الاقتصادية، مثل اليونان والبرتغال وايطاليا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى