الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحقوق المرأة

بقلم الدكتورة أمل الشنفري*

على الرغم من فترة حكمه غير الطويلة نسبياً، (2005 – 2015)، فقد إستطاع العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز القيام بإنجازات عدة في مجال دعم قضايا وحقوق الإنسان داخلياً وخارجياً تركت بصمات خيِّرة في كل مكان، وكان من أهمها مؤسسة للأعمال الخيرية تحمل إسمه لدعم المحتاجين والمتضررين في المملكة وخارجها. كذلك كانت له جهود واضحة للتقريب بين الحضارات من طريق الحوار بين الأديان، والعمل على إنبثاق مؤسسه عالمية للسلام والحوار الإنساني من الأمم المتحدة. ولكن من أهم ما ميّز جهود الملك الراحل هو الدعم الكبير الذي أولاه لقضايا المرأة في المملكة العربية السعودية. ففي عهده توسّع نطاق مشاركة المرأة في الحياة العامة وفي مراكز إتخاذ القرار. وتم ّ أيضاً تفعيل القوانين التي تحفظ حقوقها الخاصة، ومنع الأذى عنها من ولي أمرها أو محارمها. كما فُتحت الأبواب أمام مشاركتها في الأسواق التجارية لتتولى مهمات البيع والشراء بعدما كانت مشاركتها محظورة في هذا المجال. وفي عهده تحقق حلمٌ غالٍ على المرأة السعودية تجسّد بإعتلائها ولأول مرة في تاريخ البلاد منبر مجلس الشورى لتجلس تحت قبته 30 أمرأة بأمر ملكي.
وإمتدت هذه الإصلاحات إلى تعليم المرأة وتوسيع نطاقه، فتأُسست في عهده جامعة الأميرة نورا، وهي أول جامعة نسائية خاصة ومجهّزة بأعلى التقنيات العلمية. وكان للمرأة أيضاً كرسي في أحدث جامعة تقنية للدراسات العليا في المملكة، حيث شاركت وأيضاً لأول مرة الرجل من دون فصل بين الجنسين في الجامعة التي تأسست في عهد الراحل الكبير. ولم ينسَ العاهل السعودي الراحل ونصير المرأة أن يدعمها في الإبتعاث للخارج، وخصوصاً للدراسات العليا، وكان ذلك من طريق زيادة فرص إبتعاثها وتخفيف القيود عليها في هذا المجال.
ولم تكن هذه الخطوات التي أقدم عليها المللك عبدالله في مجال حقوق المرأة تمرّ من دون أن تلقى معارضة من فئات مختلفة من المجتمع وبخاصة الدينية منها. فالمملكة العربية السعودية هي بلد متمسك بأصوله البدوية المحافظة، والتي تحدّ من مشاركة المرأة في الحياة العامة، وتفرض الوصاية عليها من قبل ولي أمرها، وهي عادات موروثة ومتأصّلة في أغلب أطياف المجتمع من رجال ونساء، لذلك فإن الملك الراحل، وهو إبن مجتمعه، كان مُدركاً لأهمية مراعاة هذه الخصوصية، فجاءت هذه التغييرات بتدرّج مقبول من المجتمع السعودي. فعلى سبيل المثال لم يفرض قانوناً يجيز للمرأة قيادة السيارة، على الرغم من تركيز الكثير من وسائل الإعلام العالمية على هذا الموضوع، التي إعتبرته دلالة على قمع وإضطهاد المرأة السعودية، على الرغم من أن الكثير من النساء في المجتمع السعودي بمختلف شرائحه، بمن فيهن المثقفات، يعارضن قيادة المرأة السعودية للسيارة. حيث يعتبرن أن قيادة السيارة ليست إضافة ذات قيمة لحقوقهن، وهي ليست معياراً لنيل حقوقهن من عدم نيلها. وأن هناك حقوقاً أهم من ذلك بكثير إستطعن أن يحزنَ عليها، بالمقابل لم تستطع كثيرات من نساء العالم أن تنالها حتى في أكثر دول العالم حرية، مثل حق المساواة في الرواتب بين الذكور والإناث. فالمجتمع السعودي يعتزّ بموروثاته الثقافية، ويرى أنه ينبغي على الآخرين إحترام هذه الثقافة. فعندما يحين الوقت وتتواجد القناعة من داخل المجتمع بضرورة التغيير، فإن التغيير حاصل لا محالة. لذلك فإن كل الإصلاحات التي قام بها الملك عبدالله، وإن لاقت بعض المعارضة من بعض الأطياف، فهي كانت مقبوله من غالبية المجتمع السعودي لأنها أتت في التوقيت المناسب الذي أصبح فيه الجميع مهيأً لهذه التطورات.
• باحثة عُمانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى