الكويت: بناء أحجار الزاوية للإستثمار

الكويت – علي الشعلان

على مدى السنوات الثلاث الماضية، شهدت الكويت مجموعة من اللوائح والتشريعات الجديدة التي تهدف إلى جعل ممارسة الأعمال التجارية في البلاد أسهل وشفّافة.
وهذا يعكس تركيز الكويت على تحسين حكم الأعمال وتعزيز الأنظمة والقوانين لتعزيز ثقة المستثمرين. ولم تعرف خطة التنمية للدولة لمدة خمس سنوات 2009-2014 سوى نجاح محدود في أحسن الأحوال، مع تحويل العديد من المشاريع إلى خطة خمسية جديدة 2015-2020.
إن تنفيذ التغيير لن يكون سهلاً. وتشير تقارير وسائل الإعلام إلى أن هيئة سوق المال تواجه مقاومة لجهودها في تشجيع الشركات على الإفصاح عن المعلومات، وتطبيق قواعد ضد المضاربة المفرطة. كانت هناك معارضة لبعض سياسات هيئة سوق المال التي سببت تأخيراً في التنفيذ – على سبيل المثال، تم دفع الموعد النهائي للإصلاحات على جدول أعمال حوكمة الشركات حتى حزيران (يونيو) 2016.
إن قضية الخسارة تجعل الخطوط الجوية الكويتية مثالاً جيداً لصعوبات الخصخصة. تتخذ شركة الطيران خطوات مثل التقشف لخفض التكاليف. مع ذلك، فإن خطط الخصخصة لتحديث شركة الطيران وجعلها أكثر ربحية قد أثارت مقاومة من أصحاب المصلحة بما في ذلك موظفو الشركة وصناع القانون.
الإرتباط الوثيق بالخصخصة هي حاجة عميقة لجعل الكويت مكاناً رائعاً للقيام بأعمال تجارية، حيث يمكنها أن تتحدّى بشكل فعال القادة الإقليميين والعالميين في هذا المجال.
إن قوانين الشركات والتراخيص الجديدة نسبياً هي دفعة كبيرة إلى الأمام؛ ومع ذلك، سوف تحتاج هذه المؤسسات إلى أن تكون مرتبطة مع إصلاحات تعليمية وبنية تحتية كبيرة لكي تشعر الشركات والكيانات الأجنبية بإغراء الاستفادة من مزايا هائلة تقدمها الكويت.
على جبهة الإستثمار الأجنبي المباشر، فإن هيئة تشجيع الإستثمار الأجنبي الكويتية تسيطر بشكل كامل على عملية الموازنة والتوظيف الخاصة بها. وتترأس وزارة المالية هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في الكويت، والتي من المتوقع أن تبسّط وتسهّل إتخاذ القرار بشأن طلبات الإستثمار الأجنبي المباشر. وهناك بالفعل بعض المؤشرات على هذا – الشهر الماضي علقت الكويت برنامج إلتزاماتها الذي يجبر المقاولين الأجانب الذين يفوزون بعقود حكومية كبيرة في البلاد للإستثمار في بعض التصاميم المنصوص عليها في الاقتصاد كجزء من بادرة متبادلة.
هناك أمل أيضاً ان تشهد الكويت تحريراً تدريجياً في الخدمات المالية، والسماح للصناعة لتتناسب مع نظرائها في المنطقة مثل دبي والدوحة. إن قرار بنك الكويت المركزي الذي أصدره في آذار (مارس) الفائت للسماح بفتح فروع متعددة للبنوك الأجنبية – تتم الموافقة على أساس كل حالة على حدة – بدلاً من فتح فرع واحد المسموح به بموجب النظام التنظيمي السابق، ينبغي أن ينظر إليه في هذا الضوء.
لقد أصدرت الكويت قانوناً لمكافحة الفساد في العام 2011، والذي يتضمن بنوداً عن غسل الأموال والإفصاح المالي.
في حزيران (يونيو) 2013، عينت هيئة مكافحة الفساد رسمياً رئيسها، ومنذ ذلك الحين بدأت تتوسع بشكل مطرد من طريق بناء القدرات وأنشطة التنمية الهيكلية. ولما كانت عززت الهياكل التنفيذية والقدرات الإدارية للسلطة حديثاً، فمن السابق لأوانه إصدار رأي حول نجاح الهيئة. ومع ذلك، إن إنشاءها رسمياً يعني أن الحكومة وصناع القانون يأخذان الموضوع بجدية.
التعديل الذي أدخل على قانون (بناء ، تشغيل، نقل) المعروف بال”BOT” الصادر في 2008 يعني أنه يمكن للمستثمرين المحليين والأجانب الآن الاستفادة من مدة ملكية المشروع ل50 عاماً، مقابل 40 عاماً في ظل القواعد السابقة. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تشجيع الاستثمارات في المشاريع الضخمة.
فيما تحاول الكويت تطوير مزيج من الطاقة المحلية أكثر ملاءمة لدعم الإستراتيجية الأكبر لعائدات النفط، من المرجح أن تقدم هذه التطورات التنظيمية دعماً هائلاً. على سبيل المثال، يقوم مكتب الشراكات الفني، بالتعاون مع وزارة الكهرباء والمياه، بتطوير محطة مركبّة للطاقة طاقتها 280 ميغاواط ومتكاملة بالطاقة الشمسية، ويبلغ المكوّن الشمسي منها 60 ميغاواط.
وفي ما يتعلق بالصندوق الوطني لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يحتوي على ملياري دينار كويتي، هناك الكثير من الوعد. فهو لن يوفّر فقط التمويل لأصحاب المشاريع الناشئة المؤهلة، ولكن أيضا سيقدم الدعم في مجال التدريب. أيضا،ً على عكس تجارب تمويل الأعمال الصغيرة السابقة في الكويت التي كانت تركز بشكل مفرط على مشاريع منخفضة المخاطر، فإن الصندوق الجديد لديه ولاية لتلبية نسبة مخاطر محسوبة، والتي من المتوقع أن تشجع رجال الأعمال على الإبتكار.
من المتوقع أن يؤدي الدعم التنظيمي من حيث قانون العمل والشركات لغرس مزيد من الثقة في عقول أصحاب المشاريع الطموحين وموظفيهم. ومن المشجع أن نلاحظ أن الكويت تجهد لبناء المؤسسات لإنعاش أنشطة الأعمال. وهذا بالتأكيد سوف يشكّل الأساس لمزيد من الإستثمارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى