هل تعرف ماذا تأكل ؟

عندما وقعت فضيحة لحم الخيول في بريطانيا وإيرلندا وفرنسا في شباط (فبراير) الماضي، بدأت أسئلة كثيرة تطرح من خبراء وجمعيات حماية المستهلك وأهمها: ماذا يوجد في الطعام الذي نأكله؟ التقرير التالي يحاول الإجابة عن هذا السؤال.

بيروت – كريستل بدروسيان*

بدأت فضيحة لحوم الخيل في إيرلندا، بعد إكتشاف إستخدامها في “الهمبرغر” المجمَّد، وطالت عدداً متزايداً من الدول ومتاجر التجزئة، وسببت صدمة للمستهلكين، كما كشفت عيوب القيود على سلامة الغذاء. وزاد القلق عندما بدأت مجموعة “فيندوس” البريطانية للأطعمة المجمّدة في 14 شباط (فبراير) الفائت سحب “لازانيا” محشوة بلحم البقر بناء على نصيحة المورّد الفرنسي شركة “كوميجيل” بعدما أظهرت الإختبارات أن نسبة لحم الخيول فيها تتراوح بين 60 و100 في المئة.
تثبت فضيحة لحم الخيل الأخيرة أننا لا نعرف دائماً ماذا يوجد في طعامنا، و ما يدعو أكثر الى القلق هو ما تضع الشركات عن سابق علم وتخطيط في نظامنا الغذائي. كل فضيحة جديدة تلقي ضوءاً على أحد الجوانب المقلقة حول هذا الموضوع وما نُدخل الى أجسامنا من مواد مضرة للصحة.
نعتمد على الآخرين لتزويدنا بما نحتاجه من أغذية مختلفة، فنحن نشتري كل شيء نأكله ونشربه بدءاً بالماء الذي أصبح يُورَّد الى المنازل لأن الماء الواصل عبر الأنابيب غير صالح للشرب، فنشتري الخبز والخضروات واللحوم والأرز، ونشتري أحياناً بأغلى الأسعار لنضمن جودة الطعام. نشتري وكلنا ثقة أن لا أحد يغشّنا!!!
إن كنت تهتم بما تأكله ، فمن البديهي قراءة العلامات الغذائية على العبوات عند التسوق. ومن الطبيعي التوقع بأن المعلومات على الملصق، بما في ذلك قائمة المكوّنات، دقيقة وصحيحة.

هل تثق بالمعلومات الموجودة على الملصق الغذائي؟

أصبح الإعلان على غلاف المواد الغذائية مهماً أكثر من أي وقت مضى، لأن عددا” أكبر من الأشخاص ينظر الى الملصقات الغذائية ويقرأها في هذه الأيام. وقد أفادت دراسة حديثة أنه في العام ٢٠٠٨، كانت نسبة الأميركيين الذين يقرأون المعلومات الغذائية عند شراء منتج معيّن للمرة الأولى 44 في المئة، وإرتفعت في العام 2012 إلى 54 في المئة . غير أن أكثر الأفراد لا يثقون بالضرورة بمصداقية هذه المعلومات. في الواقع، أكثر الأميركيين يشكّون بها إذ وجدت الدراسة أن 56 في المئة من الأميركيين لا يثقون في دقة جميع أو معظم المعلومات الواردة على المواد الغذائية مثل تلك القائلة ب “غني بالألياف” أو “قليل الدسم”.
الواقع أن الباحثين وجدوا أن المعلومات الصحية الموجودة على المنتجات الغذائية هي”حيلة تسويقية” للشركات المصنّعة والمعلومات الغذائية غير موجودة في بعض الأحيان. علاوة على ذلك، إن عبارات مثل “خالية من الدهون” و “لايت” غالباً ما تكون مضلّلة للمستهلك.
مثال على ذلك، يجب إستخدام عبارة “قليل الدسم” عندما يحتوي المنتج على أقل من ٣ غرامات من الدهون لكل حصة، أما عبارة “خالي من الدسم” حين يحتوي المنتج على أقل من ٠٫٥ غرام من الدهون لكل حصة، وكلمة” لايت” (خفيف) عندما يكون المنتج فيه ٥٠ في المئة أقل من الدهون من المنتج العادي.
ولكن السؤال الذي يطرح هنا هل يوجد رقابة على هذه المعلومات الغذائية وهل من قانون لتنظيمها ؟

ما هو دليل بطاقات الأغذية؟

إدارة الأدوية والأغذية الأميركية [Food and Drug Administration] هي مسؤولة عن ضمان سلامة الأغذية المباعة في الولايات المتحدة وصحتها وحسن التعريف بها. وهذا يسري على الأغذية المنتجة محلياً، وكذلك الأغذية من البلدان الأجنبية. وكما في أميركا كذلك في أوروبا ومعظم دول العالم، هناك مؤسسات مسؤولة عن ضمان الأغذية المباعة وصحتها وحسن التعريف بها.
تقوم إدارات هذه المؤسسات بتوجيه الصناعة عبر وضع دليل لبطاقات الأغذية. يحتوي هذا الدليل على توصيات ولكن غير ملزمة… ولا تعطي هذه الإدارات موافقة مسبقة على بطاقات المنتجات الغذائية. وفي ما يلي دليل الإدارة الأميركية الذي يتشابه الى حد كبير مع دليل الإدارات الغربية عامة:
يجب أن تحمل معظم الأغذية بطاقات غذائية تشير الى المحتويات وبعض الرسائل الصحية، ولكن على المصنع التقيد بشروط محددة. تحدّد هذه التوصيات بعض النقاط التالية :
– أين يجب وضع بيانات البطاقة، ما هي البيانات التي يجب أن تظهر على الواجهة الرئيسية، أية واجهة هي واجهة المعلومات؛
– البيانات الضرورية:إسم وعنوان الشركة الصانعة أو المعبّئة أو الموزّعة، وقائمة بالمكونات، وبيانات التغذية، وأي بيانات متعلقة بالحساسية؛
– حجم الحروف ومدى بروزها ووضوحها :يستعمل حجم حروف طباعية يكون بارزاً وواضحاً وسهل القراءة. ويجب عدم زحم البيانات المطلوبة برسوم أو بيانات غير مطلوبة؛
– القيود على رسوم البطاقات: يجب عدم إستعمال الرسوم التي تخفي أو تحط من بروز ورؤية بيانات البطاقة المطلوبة أو التي تسيء الى تمثيل الغذاء؛
– البطاقات باللغات الأجنبية: في حال إستخدام لغة أجنبية في أي مكان على البطاقة، يجب أن تظهركافة بيانات البطاقة المطلوبة بلغتين (إحداها لغة البلاد الرسمية)؛
– مشروبات العصير: المشروبات التي تدّعي بأنها تحتوي على عصيرفاكهة أو خضار يجب أن تبيّن النسبة المئوية للعصير.كما ينبغي أن توضع على العصير المكوّن من خلاصة مركزة عبارات مثل من خلاصة مركزة أو معاد تكوينه؛
– المكوّنات :إدراج المكوّنات حسب الترتيب النزولي لوزنها؛
– المواد الكيميائية الحافظة :عندما تضاف مادة كيميائية حافظة إلى غذاء، يجب أن تشمل قائمة المكونات كلاً من التسمية للمادة الحافظة ودور المادة الحافظة من خلال شمل عبارات مثل حافظة” أو مؤخّرة للفساد” أو مانعة للعفن” أو “مساعدة على الحفاظ على النكهة” أو “حافظة للون.”
– النكهات: يجوز الإعلان عن النكهات الطبيعية و النكهات الاصطناعية على قوائم المكونات؛
– بيانات الأغذية المتعلقة بالمواد الباعثة للحساسية وحماية المستهلك :تعني عبارة “مادة باعثة لحساسية كبيرة من الأغذية” مكوناً من الأغذية أومجموعات الأغذية الثمانية التالية أو مكوناً يحتوي على بروتين مشتق من أحدها: الحليب- البيض- السمك-الأسماك الصدفية القشرية- بذور الأشجار-القمح-الفول السوداني الفستق-فول الصويا
– وقائع التغذية: إن المؤسسات هي المسؤولة عن صحة وقائع التغذية .Nutrition facts والمغذيات التي يجب الإعلان عنها على بطاقة التغذية :السعيرات الحرارية من الدهن المشبع، الدهن المتعدد غير المشبع، الدهن الأحادي غير المشبع، البوتاسيوم،الألياف الذوابة وغير الذوابة، كحول السكر، الكربوهيدرات ، الفيتامينات والمعادن التي تم تحديد لها المدخول اليومي المرجعي [Reference Daily Intake].
يشير الرسم أدناه إلى مثال عن الرسوم التي تستعملها إدارة الأدوية والأغذية الأميركية لعرض بطاقة وقائع التغذية”. والحجم المطلوب للمساعدة على ضمان إمكانية القراءة والوضوح:

222

الواجهة الرئيسية

– إدعاءات محتويات المغذيات ( Nutrient Content Claim)
– يجب ألّا يكون الإدعاء مضللاً؛
– يجوز تقديم إدعاء “مصدر جيد” عندما يحتوي المنتج على ١٠-١٩٪ من القيمة اليومية الموصى بها يوميا” (Daily Value ) ؛
– يجوز تقديم إدعاء “نسبة عالية” عندما يحتوي المنتج على ما لا يقل عن %20 من القيمة اليومية؛
– يجوز إستعمال عبارة ” طازج ” عندما يكون المنتج في حالة نيئة، غير خاضع لمعالجة، غير خاضع للتجميد أو التثليج أو لأي نوع من المعالجة الحرارية أو الحفظ.

الإدعاءات الصحية

أقرت الإدارة الأميركية (كما الغربية عامة) بأن بيانات الإرشاد الغذائي السليمة المتفقة علمياً وغير المضللة قد تكون مفيدة للمستهلكين عند وضعها على بطاقات الأغذية.
– تشمل الإدعاءات الصحية البيانات أو الرموز أو النقوش أو غيرها من أشكال التواصل التي لها صلة قائمة بين وجود مادة في الغذاء ومرض أو حالة متعلقة بالصحة؛
– تكون الإدعاءات الصحية مقتصرة على الإدعاءات المتعلّقة بتخفيض خطر المرض، ولا يمكن أن تكون متعلقة بتشخيص مرض أو الشفاء منه أو التخفيف منه أو علاجه؛
– يجب أن تخضع الإدعاءات الصحية لمعاينة إدارة الأدوية والأغذية الأميركية وتقييمها قبل الإستعمال. ومثال عن إدعاء صحي معتمد هو: “ثلاثة غرامات من الألياف الذوابة للشوفان يومياً في نظام غذائي قليل الدهن المشبع والكوليسترول، وقد يخفف من خطر مرض القلب. يحتوي هذا المنتج على غرامين لكل حصة.”
– أما إدعاءات التأثير على الجسم، فهي تصف التأثير الذي تخلفه مادة على هيكل أو عمل الجسم ولا تشير إلى مرض. مثال عن إدعاء التأثير هو “الكالسيوم يبني عظاماً قوية.” يجب أن تكون إدعاءات التأثير صادقة وغير مضللة.

بعض التوضيحات الأساسية لعدم تضليل المستهلك

– لعبارتي “لا ملح مضاف” و”غير مملح”، يجب الإعلان “هذا غذاء غيرخالٍ من الصوديوم” على لوحة المعلومات إذا لم يكن الغذاء خاليا” من الصوديوم لعدم تضليل المستهلك؛
– “إن الكالسيوم الكافي طوال الحياة كجزء من نظام غذائي متزن، قد يخفف من خطر تخلخل العظم”. إن هذا الإدعاء مسموح لأنه لا يلمح إلى أن المدخول الكافي من الكالسيوم هو عامل الخطر المعترف به الوحيد لنشوء تخلخل العظم .غير أن محتوى الفوسفور في هذا المنتج يجب ألا يتجاوز محتوى الكالسيوم لكي لا يكون مضللاً للمستهلك.
هذه كانت بعض التوصيات الموجهة من إدارة الأدوية والأغذية الأميركية، ولكن السؤال الذي يطرح هو هل هناك من يعاين المنتجات الغذائية للتأكد من مصداقية المعلومات الغذائية المذكورة على البطاقات الغذائية؟ هل من يراقب الإدعاءت الصحية لضمانة معلومات غير مضللة؟ هل الأرقام الموجودة على المنتجات تمثل حقاً ما في داخل الطعام؟
لنفترض أن المعلومات الغذائية صحيحة، فهل المكونات هي صحية؟
الملح والسكر والدهون: الركائز الثلاث من المواد الغذائية المصنعة. ليس لديك أدنى فكرة عن الأساليب المتطورة المستخدمة من قبل عمالقة الصناعة الغذائية وتسويق الأطعمة الخاصة بها لجعلنا مدمنين. نعم أستخدم كلمة إدمان رغم أن أصحاب صناعة الأغذية لا يعترفون بذلك إذ بالنسبة إليهم لا تلبّي الأغذية بعض التعاريف الفنية التي تعود إلى المخدرات. لقد إكتشف العلماء أنه عندما تستخدم كمية مثالية من الملح والسكر، والدهون في المنتج نصل إلى المعروف في الصناعة باسم “نقطة النعيم” . يجادل عمالقة الصناعة الغذائية أنهم لم يهدفوا إلى جعل الناس مدمنين على الدهون ويتهمونهم بإفتقارهم إلى الإرادة غير أنهم يعلمون أن صياغة مثالية من السكر والملح والدهون يعني زيادة المبيعات؛ وكسب المزيد من المال وللأسف هذا يعني أيضاً أننا سوف نأكل أكثر من منتجاتهم.
ولكن كيف بإمكاننا أن نحارب عمالقة الصناعة الغذائية؟
علينا قراءة المعلومات الغذائية، و نوضح هنا أننا نقوم بإعتبار المعلومات صحيحة!!!! قراءة لوحة الحقائق بعناية مهم جداً وليس فقط النظر الى العبارات الموجودة على الواجهة الرئيسية للمنتج. لأنه على سبيل المثال، منتج “قليل الدهون” غالباً ما يتم إضافة السكر بكميات كبيرة اليه. منتج يحتوي “على الفاكهة الطازجة ” عادة ما يخبئ جرعة كبيرة من السكر المضاف. وعبارات مثل “يحتوي على الكالسيوم المضاف” غالبا” ما يكون لغض النظر عن محتوى المنتج من السكر والدهون. عبارة “متعدد الحبات” (MULTIGRAIN)، لا تفسر إن كانت الحبات المستخدمة هي كاملة . فالعبارة التي عليك أن تبحث عنها إن كنت تريد زيادة الألياف في طعامك هي “حبة كاملة” (Whole Grain).
بالإضافة إلى ذلك، من السهل القيام بقضاء المزيد من الوقت في الممرات الخارجية للسوبرماركت، حيث يتم بيع الفواكه الطازجة والخضروات ومنتجات الألبان واللحوم الأقل تصنيعاً. وإذا كنت في الممرات الداخلية، إعتبر أن المنتجات الأفضل للصحة مخبأة بعيدا” من نظرك، على الرفوف العالية والمنخفضة، أما المنتجات الموجودة على مستوى العين فهي الأكثر إغراء وعليك الإبتعاد منها.
وعلى أمل أن تكون الصناعة مراقبة عن كثب، كلما نظرت إلى منتج غذائي ، إسأل نفسك دائماً: “هل تضع هذه الشركة للمواد الغذائية صحتي في المرتبة الأولى؟”.

• إختصاصية تغذية

للمزيد من المعلومات:
www.facebook.com/christellebedrossian،
www.christellebedrossian.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى