لماذا خطوة “تداول” السعودية ستلقى ترحيب المستثمرين الأجانب

الرياض – راغب الشيباني

“لماذا ستكون الأسهم السعودية هي الإستثمار الأفضل لهذا العام”، يقول عنوان لاهث في مطبوعة بريطانية بارزة في الشهر الفائت. إن إعلان الرياض في تموز (يوليو) الماضي بأنها سوف تفتح أخيراً مؤشّر جميع الأسهم في “تداول” (البورصة السعودية) أمام المستثمرين الأجانب هو أحد الأخبار الجيدة النادرة منذ بضعة أشهر صعبة للأسهم الخليجية، لكن ليست هناك حاجة ولا داعٍ إلى الإسترسال بعيداً حتى الآن.
بالنسبة إلى المبتدئين، إن التوقيت لا يزال غير مؤكّد. إن موافقة الحكومة – أكبر عقبة أمام هذه الخطوة – قد تكون أُعطيت، لكن هيئة سوق المال لا تزال بحاجة إلى وضع قواعد للتوجه الجديد، وهناك القليل من الشك بأن يتم وضعها وإطلاق الخطوة هذا العام. في البداية سوف يُسمح فقط إلى عدد قليل من كبار مديري الأصول للمشاركة، وهناك، بطبيعة الحال، لا يوجد جدول زمني بالنسبة إلى السرعة التي ستوسّع البورصة مؤشّرها إلى أبعد من ذلك.
ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أسواق الأوراق المالية في الإمارات وقطر؟ الواقع إن أيّ شيء يجلب تركيزاً أوسع على الخليج من جانب المؤسسات الإستثمارية الكبرى يجب أن يكون خبراً ساراً. ومع ذلك، هناك أيضاً قلق من أن هؤلاء المستثمرين قد يحبّذون ويفضّلون سوقاً أكبر بكثير وأكثر تنوعاً – لا سيما بالنظر إلى المتاعب الأخيرة لسوق دبي المالية. إن القيمة السوقية ل”تداول” السعودية هي أكبر من قيمة بورصات الإمارات وقطر ومصر مجتمعة. في حين كانت بورصات دبي وأبوظبي وقطر بين العشر بورصات الأولى الأكثر تقلباً في العالم خلال النصف الأول من هذا العام، فإن الحجم الهائل ل”تداول” يجعلها أكثر إستقراراً.
بالإضافة إلى كبر حجمها يتمتع منظّمو “تداول” أيضاً بسمعة أفضل بكثير من منظمي سائر البورصات الخليجية العربية. إن هيئة السوق المالية، المدعومة صراحة من الملك عبد الله، عملت بجد لسنوات عدة لمواجهة المضاربة، على الرغم من أن التهديد لا يزال هناك. في العام 2009، فرضت الهيئة على أحد أقوى المستثمرين الأفراد في “تداول”، محمد بن إبراهيم بن محمد العيسى، غرامة لتداوله من الداخل، وهي حالة نادرة التي يُعلن فيها عن أسماء أفراد بارزين “وفضحهم” في الخليج. كما تمّ تغريم عضو مجلس إدارة الشركة السعودية للإتصالات، صالح الحجاج، بالمثل في 2010. ثم، في العام 2012، ذكرت وسائل الاعلام المحلية ان العاهل السعودي الملك عبد الله قد طلب من هيئة السوق المالية على وجه التحديد التحقيق في إنتهاكات التداول في سوق الأسهم والأوراق المالية حتى لو كان الذين يشاركون فيها من أفراد الأسرة المالكة.
مع ذلك، هناك بعض كلمات التحذير. إن المؤشر ككل قد يكون مستقراً إلى حد كبير، ولكن بعض الأسهم الفردية – وخصوصاً تلك التي تطفو حرة من 10 في المئة أو أقل – لا تزال عرضة للتلاعب بشكل إستثنائي. وقصة تحذيرية أخرى تأتي في شكل الشركة السعودية للإتصالات المتكاملة، التي طرحت أسهمها في العام 2011، وشهدت على الفور إرتفاعاً كبيراً وسريعاً في قيمة أسهم الإكتتاب الأساسي من 10 ريالات إلى 50 ريالاً للسهم الواحد، مدفوعاً بالإندفاع المحموم للمستثمرين الأفراد. ومع ذلك، فقد أوقفت هيئة السوق المالية التعامل بأسهم هذه الشركة في شباط (فبراير) 2013، حيث كان سعر السهم 24 ريالاً، حتى من دون أن تبدأ الشركة عملياتها. وقد تمت تصفيتها بمرسوم ملكي بعد ثلاثة أشهر فقط، تاركة العديد من المستثمرين يتلوّع من بعض الخسائر.
لكن ليس هناك شك في أن العديد من أسهم الشركات الكبرى في المملكة العربية السعودية سوف تكون جذابة للمستثمرين الدوليين. وكما أشار معظم المحللين بالفعل، فإن “سابك” – أكبر شركة مدرجة في الخليج والآن واحدة من أكبر الشركات في العالم – ستشهد إقبالاً وإهتماماُ كبيرين. علماً أن الشركة هي العمود الفقري للإستراتيجية السعودية لاستخراج المزيد من القيمة من النفط الخام من خلال معالجته وإستخراج المواد الكيميائية بدلاً من مجرد تصديره. ونظراً إلى موازنة الإنفاق الثقيلة للمملكة على الإسكان والبنية التحتية والمطوّرين فإن شركات مثل “دار الأركان” قد تكون تحت المجهر. كما أن قرار البنك الأهلي التجاري، أكبر بنوك المملكة، لإدراج 15 في المئة من أسهمه في الربع الثالث يمثّل توقيتاً جيداً. ثم هناك “معادن”، شركة التعدين المدعومة من الحكومة وهي المسؤولة عن تطوير جميع الرواسب المعدنية الضخمة في المملكة العربية السعودية – والتي هي غير معلنة نسبياً.
لذا في حين أن مديري الأصول الدوليين من دون شك سوف يلعقون شفاههم بالنسبة إلى آفاق أخذ شريحة من “تداول”، فقد يكون عليهم الإنتظار لبعض الوقت. ولكن على الأقل العجلات هي أخيراً، رسمياً، بدأت تتحرك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى