لماذا لا تُشرّع زراعة الحشيشة في لبنان ؟

تحقيق العدد

بيروت – مازن مجوز

لبنان واحد من أكبر خمس مصادر للحشيشة في العالم، هذا ما توصّل إليه تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات ومكافحة الجريمة، الصادر في العام 2011 .
في الآونة الأخيرة، وفي خضمّ إنشغال الدولة اللبنانية في البحث عن موارد لتمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظّفي القطاع العام، أُطلقت دعوات لتشريع زراعة نبتة الحشيشة والإستفادة منها إقتصادياً، الأمر الذي ولد أصواتاً معارضة وشغل الأوساط المحلية والدولية….
وفيما شرّع العديد من بلدان العالم زراعة الحشيشة والاتجار بها لاسباب طبية وإقتصادية و.. ترفيهية، حيث يستفاد منها بمبالغ طائلة لا تزال هذه الزراعة الممنوعة المسموحةتزرع في لبنان على مرأى من الجميع وفي المناطق المحرومة تحديداً، حتى أن البعض أطلق عليها بترول البقاع حالياً ومستقبلاُ.

m03_RTR2N9JN[1]

المسألة ليست جديدة في لبنان، لكن طرح تشريع زراعة الحشيشة اليوميبدو أنه يميل نحو دراسة علمية موضوعية وجدية. فبعد مضي نحو 94 عاماً على زراعتها في بلاد الارز أي منذ العام 1920، لا تزال هذه النبتة تُزرع وتُباع في السر في غياب القوانين المشرّعة حيث تصل عقوبة الإتجار بها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.

وفي الوقت الذي سارت تظاهرات في باريس ومدن فرنسية أخرى، بدعوة من جمعيات مؤيدة، منها جمعية حشيشة بلا حدود، في 10 أيار (مايو) الفائت، للمطالبة بتشريع هذا النوع من المخدرات الخفيفة، إقتصرت هذه المطالبة في لبنان على أصوات فردية سياسية وإقتصادية وإعلامية وفنية، لكن أصحاب بعضها من السياسيين ذوي فعالية في القرار الوطني، ومن شأن ذلك أن يعطي بارقة أمل للساعين – لا سيما المزارعيننحو ترجمة هذه المطالبة على أرض الواقع.

فبين زراعة الحشيشة من جهة وتلْفها من الدولة أو غضّ النظر عنها من جهة أخرىظهرت فكرة كسرت الكلام المحرّم أو التابو
القائم حول هذه النبتة، حيث كان وزير السياحة السابق فادي عبود أول من دعا الى تشريعها وإستخدامها طبيا منذ أربع سنوات ويشرح: “أن قوننة زراعة الحشيش سترفد الخزينة اللبنانية بإيرادات مهمة تصل إلى ملايين الدولارات من الاقتطاعات الضريبية على صادرات الحشيش“. حيث يصبح هناك إمكانية تصدير الحشيش إلى الدول التي تسمح بإستعمالها، كما يمكن تخصيص الحشيش للصناعات الطبية وتنمية مصانع الأدوية في لبنان والتصدير.

ويتابع أن سعر سيجارة الحشيش الواحدة في مقاهي هولندا تصل إلى 10 دولارات، وفي هذا البلد كميات كبيرة من الحشيشة اللبنانية المهرب“.

jomblat1

بدوره يعتبر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من أوائل القيادات السياسية المؤيدة للتشريع، وقال في حديث تلفزيوني في الأول من أيار (مايو)الفائت: “هي لا تشكل خطراً على الصحة ما لم تصبح إدماناًمشيراً إلى أن إيرادات الحشيشة في البقاع كانت تفعل الدورة الإقتصادية في لبنان“. ويسأل: “أليس الأفضل العودة إلى الحشيشة التي لا تؤثر في الصحة بدل الدخول إلى مواد كيميائية مدمرة مثل الكبتاغون؟“.

ويذكّر جنبلاط بالنزوح الهائل للمواطنين من البقاع إلى ضواحي بيروت، مما شكل إكتظاظاً هائلاً، فهؤلاء فقدوا وسيلة إقتصادية للعيش، نتيجة فشل الزراعات البديلة في السنوات الماضية.

ويأتي تأييد جنبلاط بعد أيام على موافقة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وتحديداً في أواخر نيسان (إبريل) الفائت، على وضع دراسة جديّة وموضوعية بشأن تشريع هذه الزراعة للأغراض الطبية فقط.

هذه المواقف تقابلها مواقف معارضة لالتشريع أطلقها عدد من النواب، ينتمون إلى العديد من الكتل النيابية، مشددين فيها على ضرورة مراقبة هذه الزراعة وضبطها، لأسباب طبية بإعتبار أن غالبية الأراضي التي تزرع فيها الحشيشة تقع في منطقة لا قدرة للدولة على الدخول إليها“.

221

على المستوى الإقتصادي تبرز الدعوة التي وجهها الخبير الإقتصادي مروان إسكندر الى تشريع زراعة الحشيشة في البقاع وعكار لدورها في المساعدة على نمو الإقتصاد حيث يرى أن: “مردود هذه الزراعة سيوازي ملياري دولار وهو ما كانت تنتجه في حقبة الوصاية السورية، أي ما يوازي 4 إلى 5 % من الدخل القومي، وستحصل موازنة الدولة على 400 مليون دولار تقريباً في السنة في حال تشريعها“.

في المقابل يؤكد الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة أنه مهما كان مردود تشريعها، فإن الكلفة ستكون أكبر، و تأثيراتها السلبية في إنتاجية الشباب والصحة والأجيال الجديدة أكبر بكثير. ويضيف تشريعها مشروع خاسر، فإنتاج لبنان منها قليل جداً بالنسبة إلى الإنتاج العالمي. وفي حال تسويقها في الداخل فستنخفض أسعارها ويزيد إستعمالها من قبل الشبابعندها سلام على الأجيال“.

ولا تتوقف المعارضة على أصوات إقتصادية حيث أنه ومن الناحية العملية فإن لدى لبنان، وبحسب رئيس جمعية جاد” – شبيبة ضدّ المخدراتجوزيف حواط،مشكلة كبيرة تتمثل بإرتفاع نسبة المدمنين فيه لا سيما صغار السن، ويوضح: “إذا أتينا بمئة شخص يتعاطون هيرويين، سنجد أن  90 في المئة منهم بدأوا بسيجارة الحشيشة، كما وأن 70 % من السجناء لهم علاقة بتجارة وترويج المخدرات، فماذا سنقول لهم؟ نعتذر منكم! كنتم تقومون بعمل قانوني، نأسف على سجنكم؟…  هذا ليس منطقياً“.

أما على المدى المتوسط والطويل فيتوقع الخبير والمهندس الزراعي حسّان مخلوف إنخفاض سعرها ليصبح كسعر البطاطا في حال تشريعها، لأن التشريع يعني أن هذه النبتة ستُزرع في مساحات أكبر، وكلّما زادت الكميات إنخفض السعر، ثم لا يعود بإمكان الدولة تصريف الكميات الكبيرة من هكذا انتاج وفق تعبيره.

على المستوى الزراعي يشدّد رئيس تجمع المزارعين في منطقة البقاع إبراهيم ترشيشي على أن تشريعها أمر يعود إلى الدولة: “أنا مع كل شيء ضمن القانون، ولذلك أنا مع تشريعها، ولا أقول بالاستعجال ومعالجة الموضوع بشكل فوضوي، فالمشروبات التي تحتوي على الكحول ليست أقل خطورة من الحشيشة“.

وعلى الرغم من أن هذه الزراعة لا تزال ممنوعة فإن المواطن البقاعي، وفق ترشيشي، يجد نفسه أمام زراعة هذه النبتة، بفعل الضغوط الإقتصادية المتزايدة عليه، وثقل همومه المعيشية، وغياب البديل الفعلي من هذه الزراعة المُربحة، فالتاجر الذي يبيعها للمصدّرين هو المستفيد الأول، ويتوقف الأمر على مدى قدرته ومعرفته بتسويقها، أما المزارع فمردوده أقل بكثير، حيث يقدر الدونم الواحد بين 600 دولار إلى ألف دولار حسب نوعية الحشيشة.

وفي هذا الصدد يعتبر مخلوف أن المزارع هو الأقل ربحاً، إذ إنّه يبيع النبتة، للتاجر الأوّل بـ1000 دولار، الذي يقوم بإعادة تصنيعها، فيبيع الهقّةلتاجر آخر بـ4000 دولار، ثم تصل إلى بيروت بـ5000 دولار، وإلى الخارج بقيمة 25 ألف دولار. ومن هنا يتبين أن المواطن اللبناني هو المستفيد بكل الخطوات أمام هذه السلسلة التجاريّة، وكل المال يدخل إلى الأراضي اللبنانيّة.

بالنسبة إلى ربيع حسونة، نقيب الصيادلة في لبنان فإن الإقتراح مرفوض بشكل حاسم، أبسط الأمور لا يمكن ضبطها، فكيف بزراعة الحشيش؟، قد يؤدي ذلك إلى مشاكل إجتماعية كبيرة كتشريع تعاطي المخدرات، ملمحاً إلى أن السوق اللبنانية لا تحتاج إلى موارد جديدة لصناعة الأدوية.

من جهتهم، يرى المزارعون أن آلية تشريع الحشيشة تكون بإصدار رخص لزراعتها شبيهة بتلك الخاصة بالتبغ، لتسليمها إلى الدولة التي من الممكن أن تسعى إلى تصديرها وفق إتفاقيات دوليّة، بالإضافة إلى إنشاء مصانع أو معامل للإفادة من ساق النبتة الغنية بالألياف المرنة والقوية، حيث بالإمكان صناعة حبال الليف المتينة بدلاً من إستيرادها فضلاً عن دورها في صناعة الألبسة وبعض أنواع الحقائب والأدوات التي تستخدم للزينة.

ومن المواقف أيضا التعليقات الطريفة وغيرها العشرات في هاشتاغأطلقه ناشطون لبنانيون في 11 نيسان (إبريل)الفائت على مواقع التواصل الإجتماعي تويتر وفايسبوك، ومن بينها :

إذا شرعت الحشيشة: 1- “يجد كل شاب لبناني عمل وتخف الهجرة” . 2- يصبح لدينا النفط الأخضر ولا نحتاج للأسود“.3- يحب اللبنانيون بعضهم بعضاً، وتغيب التظاهرات والشتائم.إلا أن هذه الحملة عادت وإرتدت رداء الهزلية، فخمدت الأصوات من جديد.

وإذا ما عدنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا أن الحشيشة اللبنانية كانت خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990 مزدهرة جداً، وبعدها، قامت الدولة وبضغط أممي، بحملات للقضاء على زراعتها، ووعدت بزراعات بديلة، الأمر الذي لم يتحقق، ومنذ ذلك الحين، تتكرر المواجهة كل عام بين القوى الأمنية والمزارعين الذين يطالبون بتشريع زراعته، خصوصاً في بلدات البقاع الشمالي، مع إنطلاق مسلسل إتلاف الحشيشة كل عام. “إلا أن هذه الحملات تعطي مفعولاً عكسياً، فهي ترفع سعر هذه السلعة أكثر فأكثر، ليستفيد من ذلك قلة من التجاربحسب حسن ف. ( مزارع في إحدى هذه البلدات).

وفي الواقع، تعتبر الحشيشة اللبنانية من أفضل الأنواع عالمياً حيث تتميز بلونها الأخضر اللامع، وبكلفتها المنخفضة، وعدم حاجتها إلى جهد كبير أو إلى مواد كيماوية، فضلاً عن ملاءمة التربة الخصبة والمناخ  القاري (الجاف والبارد شتاء والحار صيفاً، وبربيع لا يخلو من الصقيع) لمنطقة البقاع لزراعتها.

وإنتقالاً إلى بعض تفاصيل زراعة الحشيش فإنهوكما بات معروفاًيُزرع عادة خلال شهري آذار (مارس) ونيسان (إبريل)، ويُحصد في ايلول (سبتمبر)، حسب إرتفاع المنطقة عن سطح البحر، ويتطلب تربة خصبة وعميقة. وتختلف كمية البذار حسب الغرض المراد أي إنتاج الألياف أو البذور. فإنتاج البذور يتطلب من 15 إلى 25 كلغ بذور/ دونم، بينما تزيد هذه الكمية في حال إنتاج الألياف، ويتم نثر البذور خلف سكة الفلاحة أو باستعمال البذارات الآلية، أما خدمة المحصول بعد الزراعة فتتم عبر عمليات الترقيع، والتفريد والري بالإضافة إلى التسميد.

وبعد حصاده يتم تجفيف الأوراق تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة ايام، قبل ان تدخل الى المستودعات (الهنغارات) لتبرد، ثم يتم دقهاأو طحنها.

واللافت أن هناك معامل متخصصة لتصنيع الحشيشة في لبنان، وتسمى مزارع أيضاً، وتستعمل فيها آلات مختلفة على أساسها تصنّف نوعية الحشيشة بين باب أول وباب ثان وثالث.

ففي قرية أبو سامي الواقعة عند سفح جبال جرداء في منطقة بعلبك الهرمل والتي يفضّل مزارعوها عدم كشف إسمهايجري العمل على قدم وساق وفي وضح النهار في الهنغارات، وهي عبارة عن مرائب سيارات يتم فيها فرز القنب وطحنه من خلال الفراكة” (المحلج) والغربالليتحول الى بودرة.

وعلى إمتداد طرق القرية المتعرّجة، يمكن رؤية نساء ورجال يعملون داخل هذه المرائب التي أغلقت ابوابها الحديدية بشكل جزئي، فيما عدد من الأطفال يلهون في الخارج. العمل هنا يتم على مستوى العائلات. وهذا المشهد لا يصدم أحداً. فسكان هذه المنطقة يجاهرون بان الحشيشة هي مصدر رزقهم الأوحد.

ويقول أبو سامي مبتسماً: “هذه السنة، لم تتعرض لنا القوى الامنية، لإنشغالها بأمور اخرى، في اشارة الى التوترات الامنية التي تشهدها المناطق اللبنانية منذ اشهر على خلفية النزاع السوري. وبحسب صاحب المزرعة فإن الحشيشة طُبخت ووُضّبت وتُحفظ اليوم في أماكن آمنة للموسم المقبل.

بالنسبة إلى مزارعي وادي البقاع كانت تلك الأيام ذهبية، كانت الظروف المادية ممتازة والناس بإمكانها أن تفعل كل شيء، ولم يكن هناك ضائقة إقتصادية، الآن الأشياء إختلفت، يكشف علي ح. ( مختار إحدى البلدات البقاعية).

ويباع محصول الحشيش مباشرة إلى منتجي الحشيش المحليين ويُدخّن مع السجائر .ويدرّ حقل مساحته الف متر مربع على صاحبه ألف دولار مقارنة بخمسين دولاراً للمساحة ذاتها المزروعة قمحاً.

وفي مقارنة يجريها مخلوف في أسعار الهقة” – كلمة تُستخدم للإشارة إلى وزن نبتة حشيشة الكيف وهي تعادل 1200 غرام – يوضّح أنه بدلاً من أن يكون 600 دولار، فإنه يرتفع إلى 2000 دولار وأكثر في حال حصول عمليات تلف.

ويفيدمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، بأن لبنان كان خلال فترة الحرب الأهلية المصدر الرئيسي للمخدرات في منطقة الشرق الأوسط، وكان ينتج سنوياً ألف طن من الحشيشة وما بين 30 و50 طناً من الأفيون المكوِّن الأساسي للهيرويين، علماً أن أسباب لجوء أبناء منطقة البقاع، وبشكل خاص في البقاعين الأوسط والشمالي، إلى زراعة الحشيش كثيرة، وأهمها : إهمال إنماء هذه المنطقة والتهميش الإجتماعي ، حيث الغياب التام لأبسط الخدمات، كالنقص في المستوصفات والمدارس والبنى التحتية، وحيث هموم المعيشة تفوق الإحتمال، والظروف الإقتصادية العامة تزداد سوءاً كل يوم.

أما الوضع الزراعي هناك فهو الأسوأ والأشد رداءة، لا سيما أن المزارع البقاعي متروك لرحمة التجار والسماسرة من جهة، وقساوة الظروف المناخية من جهة أخرى، وقد بلغ عدد العاملين في قطاع الزراعة في منطقة البقاع نحو 60 في المئة من السكان، لذلك يتوارث الكثير من العائلات في قرى بعلبك والبقاع زراعة الحشيش عبر الأجيال، كونها الأكثر ملاءمة في ظل الظروف الإقتصادية المذكورة، فزراعة الحشيشة كانت تدرّ في الثمانينات على منطقة بعلبك الهرمل ما يقارب 500 مليون دولار سنوياً.

ومع نهاية الحرب الأهلية في لبنان في العام 1990، أطلقت الحكومة اللبنانية برنامج إستئصال المخدرات بالتعاون مع برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، وبفضل الوعود التي قدمتها برامج المساندة الحكومية والدعم المالي العالمي، توقّف الفلاحون عن زراعة الحشيشة، وبحلول العام 1994 أعلن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة أن سهل البقاع خال من المخدرات، وقدر كلفة عدم العودة إلى إنتاجها بـ300 مليون دولار أميركي، لكن القيمة التي تم تسلمها من هذا المبلغ حتى حلول العام 2001 لم تتخطّ الـ17 مليون دولار، لذا سرعان ما فشل البرنامج، بينما إستمر البحث عن طرق جديدة لإقناع المزارعين بزراعة المحاصيل الشرعية الأخرى البديلة.

ومن البدائل التي طرحت زراعة النباتات ذات الإختصاصات الطبية والتي يمكن بيع منتجاتها إلى شركات الأدوية، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل في ظل غياب الدعم المالي من الدولة أو الأمم المتحدة، وفي ظل غياب إستراتيجية رسمية لزراعات بديلة تؤمن للمزارع الإستقرار الإقتصادي.

وهكذا عادت المبروكةكما يسمّيها المزارعون إلى سابق عهدها، عادت لترتفع منذ بدء الصراع في سوريا، إذ لم تعد مكافحة هذه الزراعة من أولوية القوى الامنية.

وغابت حملات مكافحتها، حيث كانت قوات الأمن تتلف سنوياً ما بين 1000 و6500 هكتار من الحشيشة في مجمل قرى بعلبك الهرمل من أصل 50 ألف هكتار، تبدأ من شمال رياق باتجاه الحدود السورية شمالاً، شرقاً وغرباً. فيما يعتاش من هذه الزراعة بين 25 و50 ألف عائلة وفق مواسم الزراعة.

وفي لغة الأرقام فإن نسبة النمو 8 % بين العامي 2008 و2011، كانت تؤمن فرص العمل للشباب اللبناني، فيما إنخفضت اليوم إلى 1,5% حيث نشهد هجرة نسبة 52% من رعيل الشباب.

ففي العام 2005 زرع نحو 6400 هكتار من الحشيش وإنخفض هذا الرقم في العام 2011 ليصبح نحو1100 هكتار، ومنذ 3 سنوات وحتى الآن يتم زرع حوالي 3500 هكتار سنوياً.

وتشير أرقام مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى أن عدد الذين يستخدمون الحشيش في العالم يصل إلى 180.6 مليون نسمة بما يوازي 3.9 في المئة من السكان في العالم الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و64 عاماً.  في وقت يورد موقع هافوجسكوبالذي يقيس الأعمال غير المشروعة دولياً، في إحدى بياناته بأن تجارة الحشيش العالمية تقدر بحوالي 141 ملياراً و80 مليون دولار سنوياً. وكل غرام حشيشة من إنتاج لبنان يباع بـ 15 دولاراً خارجه، وأن كل دونم (ألف متر مربع) مزروع بالحشيش ينتج حوالى 10 آلاف إلى 15 ألف دولار. وتتراوح تحديدات حجم المساحة المزروعة بالحشيش في لبنان بين 10 آلاف و30 ألف دونم“.

في المقابل، يحدد تقرير صدر أخيراً، بعنوان المخدرات في أوروبا تحليل إستراتيجي، أن أسواق الحشيش المنتجة في لبنان موزعة على عدد كبير من الدول، وخصوصاً الدول الأوروبية وأميركا الشمالية والجنوبية.

وتعتبر زراعة الحشيش (القنب) وإستخدامه أمراً مشروعاً في عدد من الدول، وممنوعاً في دول أخرى. وقد أباح عدد من البلدان حيازة كميات من الحشيش، وفق هافنتون بوست، ذا غارديانو واشنطن بوست، في أميركا الجنوبية والشمالية وفي أوروبا، خصوصاً في هولندا ( للتسلية كالدخان العادي)، وفي ولايات ألاسكا، وكولورادو وواشنطن الأميركية، حيث حصلت كولورادو مثلاً على نحو 60 مليون دولار كنتيجة لتشريع هذه النبتة.

وفي 10 كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013، أصبحت الأروغواي أول بلد في العالم يقنن بيع وزراعة وتوزيع الحشيش، فيما يقوم عدد من البلدان على تسخير زراعة الحشيش لإستخدامات طبية، خصوصاً كندا وجمهورية تشيك وإسرائيل.

وما يجدر التوقف عنده أيضاً المبالغ الطائلة التي تجنيها بعض الدول من الإتجار بها، فافغانستان تبيع محصول الأفيون ب4 ملايين دولار إلى بريطانيا التي تبيعه بدورها ب 140 مليون دولار بذريعة شعار الدواء. ويعتبر الحشيش الدواء الأكثر شعبية والأكثر جدلية في جميع أنحاء العالم.

ووفق أكثر من دراسة أجنبية، فقد إستخدم القنب الهندي أو الحشيش في بلدان إفريقية منذ القرن الخامس عشر على الأقل. واستُخدمت هذه النبتة لمعالجة لدغة الثعبان، ولتسهيل الولادة، والملاريا والحمى وتسمم الدم والجمرة الخبيثة والربو والزحار.

في الكاميرون، يُسمح لمرضى الإيدز ومرضى السرطان باستخدام العقاقير التي تتضمن الحشيش لعلاج أعراض أمراضهم. ويستخدم القنب في أوستراليا في العمليات الطبية، بحيث يُسمح للمريض بأن يحمل 15 غراماً من الحشيش وفق وصفة طبية. إضافة الى إستخدام القنب الصناعي في صناعة الملابس والورق والألياف.

واعتباراً من 8 حزيران (يونيو) 2013، أصبحت مشتقات القنب تستخدم في فرنسا لتصنيع المنتجات الطبية ويضاف إلى هذه الدول عدد كبير من البلدان الأخرى التي جعلت من الحشيش مادة طبية أساسية تدخل ضمن مكونات الأدوية أو تستخدم كمادة مخدرة للأمراض المرهقة والمستعصية.

وفي الخلاصة، فإن فكرة تشريع زراعة الحشيشة لأغراض طبية تحتاج اذاً الى وقت طويل للدراسة والمناقشة، والأكيد أنها ستبقى مادة مثيرة للجدل في بلد تنعدم فيه الضوابط وتتضارب مع المصالح في أحيان كثيرة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى