عبدالله السمطي يُضيءُ على 40 شاعرة عربيّة في كتاب

في كتابه الصادر في شباط (فبراير) الفائت تحت عنوان “جاذبية الشعر النسوي: 40 شاعرة في الأفق النقدي” يُسلّط الشاعر والناقد المصري عبدالله السمطي الضوء على أربعين شاعرة عربية، ويجدلُ الظلَّ الرخيم والضوءَ على تخوم قراءته النقدية القيّمة السبّاقة في قصيدة النثر النسوية.

عبدالله السمطي: كأنما يحتفي بالمعنى الفردوسيّ والكونيّ للشعر عبر احتضانه تجارب الشاعرات وتلافيف أصواتهنّ الشعرية.

هالة نهرا*

في كتابه “جاذبية الشعر النسوي- 40 شاعرة في الأفق النقدي” (الطبعة الأولى 2022 – الرياض- فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر) يَجدُلُ الشاعر والناقد المصري عبدالله السمطي الظلَّ الرخيم والضوءَ على تخوم قراءته النقدية القيّمة السبّاقة في قصيدة النثر النسوية، مُستثمرًا أدواته النقدية بتمكُّنٍ وتميُّزٍ وآليات وإواليات التأويل، ليخدم قصائد الشاعرات والشعر العربيّ الحديث بتجرُّدٍ ونزاهةٍ وتَمَلٍّ، باعتناءٍ تلقُّفيٍّ شفيفٍ بكل شاعرة في نتاجها الشعريّ، على حدة.

يستهلّ السمطي كتابه بجملةٍ معبّرة ومُوحِية للفرنسية الشهيرة سيمون دو بوفوار: “لم أتصوّر أنّ بإمكاننا أن نخدُمَ الإنسانية خدمةً أجدى من أن ننشُرَ عليها النور والجمال”. لقد أهدى السمطي كتابه “إلى المُبدعة العربية التي تقرأ العالم وتكتب الإنسان في قصيدةٍ تنقشها حدقات المخيّلة”. استهلالًا، دوّنَ المؤلّف الذي اجترح خلال مسيرته فتوحاته الوازنة في الشعر والجمالية والنقد، أنّ “سؤال اللغة في القصيدة هو سؤالٌ قلقٌ ومثيرٌ للأسئلة دائمًا، يرهص باستشعار الاسترابة وعدم اليقين، فيما يؤكّد على ديمومة متوتّرة تُهاجِسُ اللغة والقصيدة وما بينهما من توتّرات”.

ويُعوِّلُ السمطي هنا على اللغة “لأنّ ارتباطَ القصيدة العربية الراهنة باللغة لم يعد هو ذلك الارتباط المأثور الذي يحرص على الانتقاء والتمييز بين مفردات المعجم من وجهةٍ جماليةٍ” على حدّ تعبيره، بل “كل مفردة، كل دالٍّ يصلح لأن يكون شعريًا (…) وفي قصيدة المرأة تتحقّق هذه الرؤية بجلاءٍ، لا سيما ما يحيل إلى الأفقِ التداوليّ للغة”.

يُشكّل هذا الكتاب الجُزءَ الثاني في مشروعٍ نقديّ يتوخّى تقديم مروحة واسعة من التجارب والرؤى الشعرية المتميزة التي تطرحها قصيدة النثر النسوية، في قراءاتٍ نقدية مكثّفة. وقد حقق الجُزءُ الأول “حواس الأنوثة” أصداءه الطيبة إعلاميًا وثقافيًا. يضمّ الكتاب 40 قراءة نقدية لـ40 شاعرة: أدال حوراني (لبنان)، أريج حسن (سوريا)، أليسار الحكيم (سوريا)، أماني غيث (لبنان)، إيمان إمبابي (مصر)، إينانا الصالح (سوريا)، إبتسام أبو سعدة (فلسطين)، بسمة شيخو (سوريا)، حنين الصايغ (لبنان)، دلشان أنقلي (سوريا)، راشيل الشدياق (لبنان)، رانيا كرباج (سوريا)، رقية مهدي (السعودية)، ريتا يمين (لبنان)، ريف حوماني (لبنان)، زكية المرموق (المغرب)، سمر دياب (لبنان)، سميحة المصري (فلسطين)، صبا قاسم (سوريا)، عائشة المؤدب (تونس)، عبرة المزروعي (الإمارات)، فاطمة محمود سعدالله (تونس)، فاطمة المرواني (السعودية)، فاطمة نزال (فلسطين)، فضيلة مسعى (تونس)، كريستين حبيب (لبنان)، لينا شكور (سوريا)، ماجدة داري (سوريا)، مريم مشتاوي (لبنان)، ميثاق الركابي (العراق)، ميرنا الداقور (لبنان)، ناريمان علوش (لبنان)، ندى حطيط (لبنان)، نسرين كمال (لبنان)، نغم نصار (لبنان)، هالة نهرا (لبنان)، نور طلال نصرة (سوريا)، هدى الدغاري (تونس)، يسر بن جمعة ( تونس)…

عبدالله السمطي كأنما يحتفي بالمعنى الفردوسيّ والكونيّ للشعر عبر احتضانه تجارب الشاعرات وتلافيف أصواتهنّ الشعرية. يعرّج بتركيزٍ على أفضية وعوالم وأفلاك كلّ شاعرة من وجهةٍ سيميولوجية. يشفّ كتابه عن تحدٍّ نقديّ رؤيويّ في السعي الحثيث إلى قياس غور غير المطروق نقديًا في العام 2022 على المستوى هذا وبالرصانة هذه، ما لا يتأخّر في الوصول إلى المتلقّي والقارىء اللمّاحَين. في هذا الكتاب تحتشد اعتراشات الذاكرة، والتقنيات والتأثيرات المُكتَنزة التي يمكن اقتفاؤها، والحفر النقديّ الدؤوب، والتقييم الضمنيّ لكلّ شاعرة، الذي رجحت كفّته وجنح إلى الإنصاف. إنه فتحٌ نقديٌّ مُحبّ متصالح مع النتاج الإبداعيّ النسويّ في المشهد الشعري العربي الراهن. يمكن اعتبار السمطي بهذا المعنى عرّاب القصيدة النسوية نقديًا في هذه المرحلة، بنبرةٍ هادئة تبقى موضع بحثٍ وتحليلٍ واستعادة، وتتوسّل بالفوران واللمعان في إضاءاتٍ متفرّقةٍ موضوعية.

  • هالة نهرا هي شاعرة، كاتبة، ناقدة موسيقية وفنية لبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى