الديموقراطيّةُ في لبنان: نظامُ حُكمٍ فاشِل

هناك حاجة ملحة في لبنان إلى اتفاقٍ أساسي على عقدٍ اجتماعي، وصياغة واضحة لما يعنيه العيش معًا في سلام وتحت حكم القانون، وتعليم تاريخ وطني مشترك واحد في كلٍّ من المدارس العامة والخاصة، وعملية تنشئة اجتماعية تُعلّم كل اللبنانيين ما معنى أن يكونوا مواطنين لبنانيين.

مايكل كريغ هدسون: إستنتج في كتابه “الجمهورية الهشّة” أن جمهورية لبنان غير مستقرّة.

الدكتور جوزيف جبرا*

على مرِّ العصور، طوَّرَ الفلاسفة والممارسون الحكوميون المفهوم اليوناني للعقد الاجتماعي، واستخدموه كأداةٍ فعّالة للحُكم الرشيد. ببساطة، العقدُ الاجتماعي هو اتفاقٌ بين مجموعةٍ من الناس للعيش معًا في ظل سيادة القانون حتى يتمكّنوا من الحصول على حياة أفضل من تلك المُتَوَفِّرة في “حالة طبيعية”. يُعهَد بتنفيذ هذا العقد إلى ملك، أو مجموعة من المسؤولين المنتخبين، مع مسؤوليات حُكمٍ مُحَدَّدة لحماية الصالح العام وتوجيهه، من دون إساءة، لصالح الجماعة، خشية أن يُصبِحَ العقدُ الاجتماعي خدعة، أو يتوقّف عن الوجود كلّيًّا.

في أوائل سبعينات القرن الفائت، أُتيحَت لي الفرصة لفحص نظامِ التعليم الابتدائي والثانوي في لبنان. ما وجدته كان يُنذِرُ بالخطر. لم يكن هناك تاريخٌ مُتّفَقٌ عليه للبلاد يُدرَّس في المدارس اللبنانية، ولا مؤشّراتٌ إلى التزامٍ جماعي بلبنان، ولا جهدٌ حقيقي لغرسِ الشعورِ بالمواطنة في نفوس الطلاب، والذي من شأنه أن يضع لبنان في المرتبة الأولى في تفكيرهم وسلوكهم. لاحظتُ بين الغالبية العظمى من الطلاب تماثُلًا سطحيًا، وحتى اسميًا، مع لبنان، والذي طغى عليه تقريبًا الولاء للعائلة أولًا، والدين/الطائفة ثانيًا، ولبنان ثالثًا. كانت تلك الملاحظات أول إشارة بالنسبة إليّ على أن موافقة اللبنانيين على العيش معًا بموجبِ عقدٍ اجتماعي مُلزِم، وميثاقٍ وطنيٍّ غير مكتوب، ودستورٍ مُفَصَّل جيدًا، كان أمرًا محفوفًا بالمخاطر. في الواقع، دَرَسَ الباحث الأكاديمي الأميركي “مايكل كريغ هدسون” في الستينات الفائتة نظام لبنان المُتعدّد الأحزاب والفصائل والطوائف والحكومات الفوضوية والسياسات الخارجية المثيرة للانقسام، وخلصَ إلى أن الجمهورية كانت غير مُستَقرّة. وقد نشر نتائج بحثه الأساسي في كتابٍ صدر في العام 1969 عن لبنان بعنوان “الجمهورية الهشّة” (The Precarious Republic).

في حين دَرَستُ النظامَ السياسي اللبناني ودورَ التعليم في تكوين الشباب والشابات اللبنانيين، أصبح واضحًا لي أن هشاشة لبنان كانت نتيجةَ عوامل كثيرة. أوّلًا، كان هناك نقصٌ صارخٌ لدى العائلات اللبنانية بالنسبة إلى التربية المدنية لغرسِ شعورٍ بالانتماء إلى بلدٍ جَميلٍ بتراثٍ رائعٍ ومُستَقبلٍ واعدٍ في نفوسِ أطفالها منذ سن مبكرة. ثانيًا، كان هناك نقصٌ ملحوظٌ في عملية التنشئة الاجتماعية السياسية الوطنية المُتَّفَقِ عليها وتنفيذها في المدارس اللبنانية، الخاصة والعامة، لإعدادِ الطلاب ليكونوا مواطنين لبنانيين مُطَّلعين ومُشاركين وعميقي التفكير رصينين ومسؤولين. ثالثًا، لم يكن هناك فَهمٌ وإدراكٌ لأهمّية العقد الاجتماعي ومفهوم العيش معًا في ظلِّ سيادة القانون. بالكاد يُقدّرُ الشباب اللبنانيون مدى أهمية قبول بعضهم البعض، واحترام التنوّع، واكتشاف جمال دين/ مذهب الآخر، وتحويل اختلافاتهم الدينية إلى نقاطِ قوّةٍ وطنية. رابعًا، منذ الاستقلال، لم يتوصّل اللبنانيون إلى اتفاقٍ حول تاريخٍ وطنيٍّ للبنان يتمُّ تدريسه عبر النظام المدرسي. ونتيجة لذلك، استمرّت التفسيرات المُختلفة لذلك التاريخ في إحداث خلافاتٍ خطيرة في الرأي بين اللبنانيين، وإضعاف النظام السياسي اللبناني، ما جعله مُنفَتِحًا على التدخّلِ الخارجي.

مع انتقالِ طلّاب المدارس الثانوية إلى الجامعات اللبنانية، أدّى الافتقار إلى التربية المدنية والالتزام الحقيقي تجاه لبنان بين العديد منهم إلى اختلافاتٍ حادة حول طبيعة النظام السياسي اللبناني واستقلاله وحتى سبب وجوده. في بعض الأحيان، أصبحت هذه الاختلافات موضوعَ نقاشاتٍ مُحتَدِمة وأدّت، للأسف، إلى مواجهاتٍ داميةٍ في حَرَمِ الجامعات في جميع أنحاء البلاد.

هذا الوضع الشاذ تسبّب بسلوكٍ شبه انفصاميٍّ في الأجيال المتعاقبة من الشباب اللبنانيين، حيث مَنَعَ ظهورَ ثقافةٍ سياسيّةٍ مُوَحَّدة ومُعدية تشمل الشعب اللبناني بأكمله. استمرّ الشباب اللبنانيون في مُقارعة الأزمات السياسية والاقتصادية الإقليمية التي تُهدد وجود بلدهم بشكل خطير. بالنسبة إلى الكثيرين منهم، ما كان يحدث في البلدان المجاورة كان أكثر أهمية مما كان يحدث في بلادهم.

في بحثي لفهم المآسي والمحن في موطني الأصلي بشكلٍ أفضل، قرأتُ أعمال الباحث السياسي الهولندي-الأميركي “أرند ليجبهارت” (Arend Lijphart)، حول الديموقراطية التوافقية، أو حكومة النُخَب. أعطى ليجبهارت في كتاباته لبنان، مع بلدان أخرى، كمثال على حالةٍ ناجحةٍ للديموقراطية التوافقية.

بكلِّ تواضع، اختلفتُ مع ليبجهارت في كتاباتي الخاصة حول الديموقراطية التوافقية كما هي مُطبّقة في لبنان. لقد أوضَحتُ خلافي معه في مقالٍ كتبته مع زوجتي في العام 1998 بعنوان: فشل الديموقراطية التوافقية في لبنان: نظامُ حُكمٍ مُعيب. هناك أسبابٌ عدة قادتني إلى هذا الاستنتاج. أوّلًا، منذ اليوم الأول بعد قيام لبنان الكبير في العام 1920، كانت هناك مُعارضة داخلية وخارجية جادة لإنشاء لبنان الكبير، كما طالب البطريرك الماروني إلياس بطرس الحويك والوفد المرافق له إلى مؤتمر باريس للسلام. حتى السلطات الفرنسية كانت تشكُّ في نجاحِ مشروعِ البطريرك الحويك وسألته مرات عدة عمّا إذا كان يُريدُ فعلًا المضي قُدُمًا فيه قبل أن توافق على إنشاء لبنان الكبير.

بعد استقلال لبنان عن الفرنسيين في العام 1943، لم تأخذ النُخَبُ السياسية اللبنانية على محمل الجد الميثاق الوطني غير المكتوب، ولا الوعد بأن تعيش جميع الطوائف اللبنانية السبعة عشر معًا في سلامٍ في ظلّ سيادة القانون. أصبح الفساد مُنتشرًا ومُستشريًا ومؤسّسيًّا من الخادم الصغير إلى قمة الهرم الحاكم، مما أثّرَ بشكلٍ خطيرٍ في حياة كلِّ لبنانيٍّ لا يستطيع إنجازَ أيّ شيءٍ بدون أن يدفع ثمنًا باهظًا. لقد أصبح النظام السياسي في لبنان، الذي صُمِّمَ أصلًا لمساعدة اللبنانيين على بناء لبنانٍ أقوى بموجب عقدٍ اجتماعي واضح المعالم، ضعيفًا بشكلٍ متزايد. واصلت النُخَبُ اللبنانية، من دون تأنيبِ الضمير، استغلالَ ما يُسمّى بالنظام التوافقي اللبناني لمصالحها الشخصية ومصالح أتباعها. علاوة على ذلك، في كثير من الأحيان، راهنت هذه النُخب على قوى خارجية لها أطماع في لبنان، بثمن بالطبع! ولسوء الحظ، أصبح هذا النظامُ الزبائني والفاسد عقليةً راسخة، وأسلوبَ حياةٍ تحت تأثير ثلاث مجموعات دينية، كانت تتأرجح على السلطة، بداية الموارنة، ثم السنّة، ثم الشيعة الآن. لكن عناصر من المجموعات الثلاث استمرت في التعاون  للأسف، ليس بالمعنى التوافقي، ولكن لإرضاء طموحاتها الشخصية النهمة، فيما تركت لبنان واللبنانيين العاديين في آخر اهتماماتها.

وبينما وعدت النُخَبُ السياسية بالقضاء على الفساد، لم يكن هناك تنفيذٌ لمثل هذا الوعد السطحي. لم تَمشِ هذه النخبة حسب كلامها. كان أعضاؤها مُهتمّون بشكل أساس بحماية ظهر بعضهم البعض، حيث غرفت أياديهم معًا وجميعًا من صندوق الشعب. بينما وعدَ السياسيون بتقديم الجناة والفاسدين للعدالة، فإن وعودهم ذهبت سدى لأن نظام العدالة أصبح في أفضل الأحوال مُسَيَّسًا وفاسدًا في أسوإ الأحوال. اللبنانيون ما زالوا لا يعرفون مَن كان وراء الانفجار الكارثي الذي وقع في 4 آب (أغسطس) 2020، ولم يروا أو يعرفوا مَن هو المسؤول عن انهيار النظام المصرفي اللبناني وتبخّر أموال المودعين، حيث لم يُحاكَم أحدٌ بعد، أو يُلقَ القبض على أحدٍ من المسؤولين في هذا المجال.

سببٌ آخر أظهر أن اللبنانيين وقيادتهم لا يتحكمون في مصيرهم هو قدرتهم المذهلة على إلقاء اللوم على الآخرين في العلل التي يعانون منها. إنها أميركا، وروسيا، وإيران، وإسرائيل، وزعماء الخليج العربي، وفرنسا، وبريطانيا، إلخ. لم يُوَجِّهوا أصابع الاتهام إلى صدورهم ويقولوا بشجاعة وصدق: يجب أن نلومَ أنفسنا على عللنا وما وصلنا إليه. فلنجمع ما بيننا ونتوحّد وننقذ لبنان الحبيب. كان هذا واضحًا خلال كل الأزمات الداخلية والخارجية، عندما كان على اللبنانيين وقادتهم انتظار “كلمة السر” من الخارج لانتخاب رئيس للجمهورية أو رئيس لمجلس النواب أو لاختيار رئيس للوزراء. وقد أدى ذلك بالبلاد، في كثير من الحالات، إلى الانتظار لشهور، وحتى سنوات، قبل شغل المناصب الحكومية العليا، على حساب النظام السياسي واللبنانيين أنفسهم.

وهكذا، أصبح النظام التوافقي المُستَخدَم مُتحجّرًا، ولم تسمح له النخب بالتطور لمواجهة التغييرات التي كانت تحدث داخل البلاد وخارجها. في الواقع، بدأ النظامُ التراجعَ منذ الاستقلال. لقد واجه تحديًا كبيرًا في العام 1958، ولكن تم إصلاحه على أمل أن تبدأ التحسينات في الظهور في البلاد مع انتخابِ رئيسٍ جديد. لم يحدث ذلك. الإصلاحات التي أدخلها الجنرال فؤاد شهاب لم يُسمَح لها أن تستمر. قسّمت الحرب العربية-الإسرائيلية في العام 1967 البلاد بعمق مع أولئك الذين يدعمون الرئيس جمال عبد الناصر وأولئك الذين عارضوا تورّط لبنان في حروبٍ خارجية. أدّت أحداث أيلول (سبتمبر) الأسود في الأردن في العام 1970 إلى إبرام اتفاق ” فتح لاند” الذي تفاوض عليه الجنرال إميل بستاني، والذي أعطى الفلسطينيين حرية التصرّف في جنوب لبنان لشنِّ هجماتهم ضد إسرائيل، الأمر الذي كانت نتيجته تقليص سيطرة الحكومة اللبنانية على ما يحدث على أراضيها. أدّى الاحتلال الإسرائيلي في ما بعد لجنوب لبنان، الذي استمر حتى العام 2000، إلى انقسام البلاد ماديًا وجغرافيًّا وتسبّبَ في صدمةٍ للسكان اللبنانيين، وخصوصًا أولئك الذين عانوا تحت الاحتلال.

بعد اتفاق “فتح لاند” ونموِّ النفوذ الفلسطيني في لبنان، بدأت شريحةٌ كبيرة من اللبنانيين تتحدّث عن دولةٍ فلسطينية داخل لبنان. أدّت الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين العامين 1975 و1990 إلى توقف النظام السياسي اللبناني. في حين أنهى اتفاق الطائف في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1989 الحرب الأهلية اللبنانية، لم يتم تنفيذ جميع أحكامه لإصلاح النظام القديم في ظل الاحتلال السوري. علاوةً على ذلك، انتقد الموارنة اللبنانيون اتفاق الطائف بشدة لكونه سلب رئيس الجمهورية الماروني قدرًا كبيرًا من سلطاته وسلّم بعضها إلى رئيس الوزراء السنّي. أدّى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) 2005، الذي تلاه انسحاب القوات السورية من لبنان، إلى تقسيم البلاد مرة أخرى بين قوى 14 آذار المؤيّدة للاستقلال وقوى 8 آذار التي واصلت دعم سوريا. كان اغتيال القادة اللبنانيين البارزين الذي أعقب ذلك انعكاسًا لمدى عمق الانقسام في البلاد. تم التفاوض على اتفاقية الدوحة (2008) بين الفصائل اللبنانية المتناحرة خارج لبنان بمساعدة الحكومة القطرية. ووُضِعَ حدٌّ للعنف وسُمِحَ بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية. على الرغم من ترحيب الجميع به، إلّا أنه للأسف لم يتطرّق بشكلٍ أساس إلى مسألة كيف يُريدُ اللبنانيون أن يحكموا أنفسهم. لم يضع نظامًا يمكن بموجبه حلّ خلافاتهم سلميًا من طريق قوة الجدل وليس حجة القوة. لم ينتج اتفاق الدوحة بين الأطراف المتنازعة التزامًا واضحًا وإجماعيًا بلبنان، كوطنٍ نهائي لسكانه المُتنوّعين مع الالتزام بالعيش معًا بسلامٍ وفي ظل سيادة القانون.

في العام 2020، ولأول مرة في تاريخ لبنان المستقل، اجتمعت عوامل عدة مُنذِرةً بالخطر تُهدّد وجود النظام اللبناني. أصبحت الانقسامات السياسية بارزة وغير مرنة. اجتاحت السياسات المالية والنقدية المُدمّرة البلد بأكمله. النظام المصرفي برمته، الذي يُعتَبَرُ العمود الفقري لنجاحات لبنان، بدأ يُظهِرُ علامات عدم استقرار، ما تسبّب في قلقٍ جدّي بين المودعين بشأن مدّخراتهم. من ناحية أخرى جعل التضخّم غير المنضبط وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية غالبية اللبنانيين تكافح من أجل لقمة العيش. أخيرًا، كانت الرسوم الرمزية على استخدام “واتساب” (WhatsApp) لإضافتها إلى موازنة الدولة هي القشّة التي قصمت ظهر البعير. أشعل ذلك ثورة 17 آذار (مارس) 2020 التي كانت بداية الانهيار الداخلي للنظام اللبناني وعدم قدرته على مواجهة التحديات العديدة التي كان لبنان يواجهها.

الوضعُ يستمرُّ في التدهور بانتظارِ انتخابِ رئيسٍ جديد، إذا سُمح بذلك. هناك إيديولوجيتان سياسيتان واجتماعيتان، أو طريقتان للعيش، تسيطران بشكل خطير على المجتمع اللبناني بأسره وتتنافسان للسيطرة على مصير لبنان، بينما البلد يتسابق نحو الانهيار التام.

يصعب تصديق أن اللبنانيين الأذكياء والناجحين في جميع أنحاء العالم لا يمكنهم حلّ انقساماتهم الخطيرة وإنشاء نظام حكم دائم يتطور ويتكيّف مع عالم يحكمه ثابت واحد: التغيير المُتسارع. يقودني هذا إلى إعادة صياغة رأيٍ ثاقب عبّر عنه جبران خليل جبران في لحظةِ يأسٍ من مواطنيه اللبنانيين: لم أرَ أبدًا أيّ شعبٍ في العالم مثل شعبي الذي يُجسّدُ كأفرادٍ القوة والنجاح، وكمجموعاتٍ الضعف والفشل!

في الختام، لا بد من القول أن العقد الاجتماعي في لبنان، إن كان موجودًا، قد تم كسره بشكل خطير. لذلك، يتحتّم على اللبنانيين وقادتهم عدم ترقيع الأمور والتشويش في الظروف المؤلمة التي لا تُطاق التي يعيشها اللبنانيون حاليًّا. القيام بذلك سيكون وصفةً لكارثةٍ أخرى مُعلّقة لن تستغرق وقتًا طويلًا قبل أن تنفجرَ مرة أخرى في وجه كل اللبنانيين. لذلك، هناك حاجة ملحة إلى اتفاقٍ أساسي على عقدٍ اجتماعي، وصياغة واضحة لما يعنيه العيش معًا في سلام وتحت حكم القانون، وتعليم تاريخ وطني مشترك واحد في كلٍّ من المدارس العامة والخاصة، وعملية تنشئة اجتماعية تُعلّم كل اللبنانيين ما معنى أن يكونوا مواطنين لبنانيين.

إنتخابُ رئيس جمهورية جديد، وتشكيل حكومة جديدة، واستخراج النفط والغاز من تحت المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية اللبنانية، والتوصّل إلى اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي، كلّها أمورٌ جيدة. لكنها ستكون خليطًا وطريقة للتشويش من دون عقدٍ اجتماعي شرعي وسيادة القانون والولاء للعيش معًا في سلام في لبنان كمسكنٍ نهائي وآمن لأقلياته الدينية والعرقية.

إن ندائي، بل مُناشدتي، إلى اللبنانيين وقادتهم هو: أنتم تواجهون مسؤولية كبيرة لوضع لبناننا الحبيب على الطريق الصحيح نحو التعافي، من خلال عقدٍ اجتماعي جديد. يجب أن تسمحوا لطائر الفينيق اللبناني أن ينهضَ من بين الرماد وأن يكون قويًّا من جديد. لديكم خيارٌ أن يُمجّدكم التاريخ كمُنقذين حقيقيين للبنان، أو أن يَحكمَ عليكم كجلاديه على مذبح المصلحة الذاتية والفساد والولاء للقوى الأجنبية. الخيارُ لكم. أنا واثقٌ من أنكم ستختارون في النهاية الأفضل للبنان الحبيب. لا يُمكن أن يكونَ الأمرُ خلافَ ذلك!!!

  • الدكتور جوزيف جبرا هو أكاديمي وباحث لبناني مقيم في الولايات المتحدة، وهو الرئيس السابق للجامعة اللبنانية الاميركية (LAU).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى